يفتتح الرئيس حسني مبارك المنتدي الصيني ـ الإفريقي في نوفمبر المقبل, ويشارك في هذا المنتدي نحو مائة وزير خارجية وتجارة وصناعة من49 دولة إفريقية بالإضافة الي الصين.
وحضور49 دولة يعكس مدي أهمية هذا المنتدي, كما يعكس أهمية الدور الذي تقوم به الصين في إفريقيا بعد أن بدأت تنفيذ خطتها منذ عام2006, وهذه الخطة تتضمن برامج ومشروعات تسهم في التنمية الشاملة وخاصة في مجالات البنية الأساسية والمرافق والتعليم والتجارة والبيئة, وفي جدول أعمال هذا المنتدي مناقشة سبل الخروج من الأزمة المالية العالمية التي أثرت علي اقتصادات الدول الإفريقية تأثيرا كبيرا, كما أثرت علي الصين بالطبع وإن كان اقتصاد الصين القوي قد استطاع أن يتحمل هذا التأثير, وتسعي الصين الي التوصل الي اتفاقات للاستثمار في الدول الإفريقية وزيادة التبادل التجاري معها وفتح الأسواق الإفريقية أمام منتجاتها والتوسع في استيراد المنتجات والمواد الأولية من دول إفريقيا, وكذلك لتنفيذ مشروعات الطرق والمياه والكهرباء والاتصالات والزراعة.
المنتدي الصيني ـ الإفريقي تأسس عام2000 وتتبادل مصر والصين موقع رئيس المنتدي والرئيس المشارك باعتبار مصر بوابة إفريقيا, وبعد أن حققت الصين هدفها بفتح السوق الأمريكية وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مدين للصين وقدمت الصين قرضا للولايات المتحدة لمساعدتها علي مواجهة الانهيار المالي الذي كان يهددها, وذلك لأن للصين مصلحة في استقرار اقتصاد الولايات المتحدة, وكما يقول هنري كيسنجر ـ أكبر أساتذة الاستراتيجية الدولية ـ فإن الصين أكبر دائن للولايات المتحدة, تحظي بقدر من النفوذ الاقتصادي غير المسبوق في التجربة الأمريكية, كما عقدت الصين شراكات تجارية مع الهند وروسيا والبرازيل وحتي مع اليابان بعد أن تجاوزت الصراعات والحساسيات وآثار الحروب واحتلال اليابان للصين, وفي نفس الوقت فإن العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والدول الأوروبية تزداد اتساعا عاما بعد عام, واستثمارات الدول الأوروبية في الصين تشارك في القفزة التكنولوجية التي حققتها الصين فلم تعد هناك شركة أوروبية من الشركات العملاقة إلا ولها مصانع في الصين تنتج الأدوات والأجهزة التكنولوجية والالكترونية الحديثة, وأسواق أوروبا مفتوحة تقريبا للمنتجات الصينية
. وبنفس الخطوات الهادئة تتجه الصين الي إفريقيا وتتوسع تدريجيا في الوجود فيها بالمساهمة في إقامة المشروعات الأساسية, وبتقديم المساعدات الاقتصادية والفنية, وعندما سألت وزير الخارجية الصينية ـ لي جاو شنج ـ قال لي إن الصين حددت ثلاث مهام أساسية لها في القرن الحادي والعشرين, المهمة الأولي هي تنمية الاقتصاد الصيني وتحسين مستوي معيشة الشعب الصيني, والمهمة الثانية السعي الي التوحيد الكامل للأراضي الصينية وخاصة تايوان, والمهمة الثالثة تأييد ومساندة الدول النامية, وسياسة الصين اليوم هي تشجيع الاستثمارات مع الدول العربية والإفريقية وتشجيع الشركات ورجال الأعمال من الجانبين للاستثمار فيها, ولذلك فإن حكومة الصين تشجع رجال الأعمال الصينيين علي الخروج ليستثمروا في الخارج, ومن الطبيعي أن تزداد مساعدات الصين للدول النامية وبخاصة الدول الإفريقية والعربية كلما ازدادت القدرة الاقتصادية الصينية, ونحن نري أن النظام الاقتصادي العالمي غير عادل,
وقد أدي الي جعل الدول الغنية تزداد غني والدول الفقيرة تزداد فقرا, واتسعت الهوة بينهما, وكمثال علي ذلك فإن دخل الفرد في20% من الدول الغنية يزيد74 مرة عن متوسط الدخل في20% من الدول الفقيرة, في حين كان الرقم قبل ذلك60 مرة فقط, وهذا يعني أن الدول النامية ليس أمامها إلا الإسراع بالتنمية الاقتصادية وزيادة الاهتمام بالتعليم والعلوم والتكنولوجيا كما فعلت الصين, فهي تتقدم نحو زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول العالم, خاصة الدول العربية والإفريقية, ويمكن أن تتحقق نتائج عظيمة من التعاون الاقتصادي بين هذه الدول وبين الصين.
وكما أن الولايات المتحدة ودول أوروبا تمثل اليوم سوقا كبيرة بالنسبة للمنتجات الصينية, ومع سياسة الانفتاح في الصين قرر الاتحاد الأوروبي اعتبارها الدولة الأولي في الاستثمارات الخارجية المباشرة تتدفق الاستثمارات عليها حتي أصبحت واحدة من الدول الكبري في التجارة الدولية ومن أوائل الدول الجاذبة للاستثمار, وبعد أن أصبحت الصين عضوا في منظمة التجارة العالمية, وانفتحت أمامها الفرص للحصول علي التكنولوجيا وعلي تلقي المساعدات من أوروبا لتنفيذ برامجها للتنمية الاقتصادية. ومن هنا يأتي اهتمامها بزيادة التعاون الاقتصادي مع دول إفريقيا, مما يمثل مصلحة مشتركة للصين ولدول إفريقيا, مع اختلاف مهم عن دور دول كبري أخري في إفريقيا, فليس للصين أهداف استعمارية, أو استعداد لإقامة قواعد عسكرية, أو نيات لفرض الشروط السياسية والاقتصادية مع الدول التي تتعاون معها.