ضحايا ثقافة الكراهية

في كل يوم يسقط ضحايا لثقافة الكراهية والتعصب في جميع أنحاء العالم تقريبا‏..‏ يسقط ضحايا من الفلسطينيين‏,‏ والعراقيين‏,‏ والصوماليين‏,‏ وغيرهم من مختلف الجنسيات والديانات‏,‏ ولكن ضحايا الكراهية من المسلمين هم الأكثر‏,‏ وآخرهم الشهيدة المصرية مروة الشربيني‏,‏ التي أثارت أسباب وطريقة قتلها ردود الفعل الغاضبة وتحولت جنازتها إلي ملحمة شعبية تندد وتشجب العمل الإرهابي الذي أودي بحياتها البريئة‏.‏‏

وقد أعادت هذه الجريمة الي الذاكرة الوطنية جريمة أخري لا تقل بشاعة في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة‏,‏ وهي جريمة حرق الشيخ علي محمد‏,‏ إمام مسجد نبرو‏,‏ بدافع العداء للإسلام والمسلمين أيضا‏,‏ واستدعت أيضا قائمة طويلة من الاعتداءات علي المسلمين ومساجدهم وبيوتهم ومن جرائم الاضطهاد والابتزاز والحصار النفسي الذي يعاني منه كثير من المسلمين في الولايات المتحدة ودول أوروبا‏,‏ وقد اعترف بذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنفسه‏,‏ في خطابه في القاهرة‏.‏


وفي أجواء الغضب الشعبي السائد هناك بعض ملاحظات‏:‏

أولا‏:‏ ان مقتل الشهيدة مروة تم داخل محكمة في ألمانيا‏,‏ حيث إجراءات الأمن داخل المحاكم شديدة والبوليس الألماني معروف بالانضباط واليقظة‏,‏ ومن المدهش أن يغفل عن حركات الإرهابي القاتل وقد سبق أن اعتدي عليها من قبل ولجأت الي المحكمة لإنصافها‏,‏ ومن الصعب تصديق أن البوليس لم تكن أمامه فرصة لتفتيش هذا الإرهابي أو منع وقوع الجريمة وإلا فما فائدة وجوده أصلا؟


ثانيا‏:‏ إن الإرهابي قتل مروة وهو لا يعرفها معرفة شخصية ولكن لمجرد أنها مسلمة وتضع الحجاب‏,‏ وقتلها داخل المحكمة‏,‏ وهو بذلك مجرد نموذج شباب في الغرب يتعرض للشحن الإعلامي والعاطفي والديني ضد الإسلام والمسلمين‏,‏ ولا يمكن التقليل من تأثير موقف بابا الفاتيكان بمكانته الروحية حين أعلن أن الإسلام دين شرير وكان ذلك في رأي البعض ادانة رسمية من الكنيسة الكاثوليكية للإسلام وإعلانا للحرب عليه‏,‏ ولا يمحوها ما قاله البابا بعد ذلك من عبارات مراوغة وزيارات دون أن يصدر بيانا يعتذر فيه صراحة عن هذه الإدانة والاهانة‏,‏ ليخفف من تأثيرها علي المسلمين وعلي غير المسلمين‏,‏ ولايمكن اغفال تأثير التغذية للكراهية تجاه الإسلام والمسلمين في الإعلام والثقافة والأفلام والخطاب الديني والمناهج الدراسية في الغرب عموما‏,‏ حيث يعتبر مجرد المساس ـ ولو بالتلميح ـ باليهودية أو بإسرائيل جريمة جنائية تعرض مرتكبها للسجن والتشريد‏,‏ أما المجاهرة بمعاداة الإسلام والمسلمين فهي ممارسة لحرية الرأي‏,‏ ولذلك نجد الإساءة الي الإسلام مباحة وعلي نطاق واسع ولا نجد إساءة الي البوذية أو الكنفوشية مثلا أو لموجات الإلحاد‏.‏


ثالثا‏:‏ علي الجانب الآخر‏,‏ يجب ألا تدفعنا هذه الجريمة الي التعميم وتوجيه مشاعر الغضب الي الشعب الألماني فنقع بذلك في ذات الخطأ الذي نعيب علي بعض قادة ومفكري الغرب الوقوع فيه‏,‏ حين وجهوا الإدانة الي المسلمين والإسلام بعد ارتكاب عدد من المسلمين لجريمة‏11‏ سبتمبر‏,‏ وحاولنا إعادة الأمور الي نصابها بنسبة كل جريمة الي مرتكبها وليس الي الشعب أو الدين الذي ينتمي إليه‏,‏ لأن الإرهاب موجود في كل المجتمعات وبين كل أصحاب العقائد والديانات‏,‏ وليس مقصورا علي المسلمين‏..‏ هذا المنطق يجب أن نتعامل به في هذه الجريمة فننسبها الي هذا الإرهابي المتطرف والي الهوس بمعاداة الإسلام وليس الي الشعب الألماني‏,‏ وهو شعب متحضر وصديق للعرب‏,‏ وفيه أيضا جماعات من المتطرفين والإرهابيين‏,‏ ليس آخرهم النازيون الجدد‏.‏


في ألمانيا ـ والغرب عموما ـ تياران‏:‏ تيار معاد للأجانب وللمسلمين علي وجه الخصوص ومواقف هذا التيار معروفة في فرنسا‏,‏ وبريطانيا‏,‏ وهولندا‏,‏ والنرويج‏,‏ وألمانيا‏,‏ والولايات المتحدة‏..‏الخ‏,‏ وتيار ـ عاقل ومنصف ـ هو الذي يمثل الحضارة الغربية‏,‏ يؤمن بالحرية الدينية‏,‏ وبالتعددية‏,‏ ويتعامل باحترام مع الإسلام ويدرك مافيه من القيم الإنسانية والدعوة الي الخير والتسامح‏,‏ وهذا التيار يجب أن نتعامل معه لنتعاون علي تصحيح صورة الإسلام والتصدي لتيار العداء الذي يغذي مشاعر الكراهية ويحرض علي الاعتداء علي المسلمين‏.‏


في ألمانيا ـ والغرب عموما ـ تياران‏:‏ تيار معاد للأجانب وللمسلمين علي وجه الخصوص ومواقف هذا التيار معروفة في فرنسا‏,‏ وبريطانيا‏,‏ وهولندا‏,‏ والنرويج‏,‏ وألمانيا‏,‏ والولايات المتحدة‏..‏الخ‏,‏ وتيار ـ عاقل ومنصف ـ هو الذي يمثل الحضارة الغربية‏,‏ يؤمن بالحرية الدينية‏,‏ وبالتعددية‏,‏ ويتعامل باحترام مع الإسلام ويدرك مافيه من القيم الإنسانية والدعوة الي الخير والتسامح‏,‏ وهذا التيار يجب أن نتعامل معه لنتعاون علي تصحيح صورة الإسلام والتصدي لتيار العداء الذي يغذي مشاعر الكراهية ويحرض علي الاعتداء علي المسلمين‏.‏‏


 




 


 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف