ملايين المسلمين في أنحاء العالم اعتبروا الطعنات التي قتل بها الإرهابي الألماني الشهيدة مروة الشربيني صعنات موجهة إلي الإسلام وليس إلي مروة وحدها, وأن المجرم الذي أطلقها لم يكن مجرد شخص متطرف ولكنه واحد من بين ملايين في الغرب يحملون العداء للإسلام.
وفي هذا الجو العدائي للإسلام في الغرب خرج الزعيم البرلماني الهولندي المتطرف جريت فيلدرز منذ أيام ليطالب بطرد ملايين المسلمين من أوروبا مدعيا أن المسلمين خطر علي الديمقراطية وأنهم يسعون إلي تغيير أسلوب الحياة في أوروبا وأسلمة المجتمعات الأوروبية, وأن دول الاتحاد الأوروبي مهددة بأن تصبح دولا إسلامية بسبب تزايد هجرة المسلمين إليها, وارتفاع معدلات المواليد بينهم وتناقص معدلات المواليد بين الأوروبيين إلي حد أن أعداد الأوروبيين في بعض دول أوروبا تتناقص, وخلال سنوات سيكون الوقت قد فات لإنقاذ أوروبا من هذا الخطر القادم.. وهدد فيلدرز المسلمين بأنه شخصيا سيعمل بوسائله علي تحجيم وجود المسلمين في أوروبا وزعم أن المسلمين مسئولون عن80% من الجرائم التي يرتكبها الأجانب في هولندا والدانمارك.
هذا الخطاب العنصري جاء في حديث وجهه فيلدرز إلي الشعوب الأوروبية ـ وليس إلي شعب هولندا وحده ـ ونقله تليفزيون الدانمارك وأذيع في دول الاتحاد الأوروبي.. وفيلدرز ليس مجرد متعصب أو متطرف عادي ولكنه زعيم حزب حصل علي مقاعد في البرلمان الأوروبي في الانتخابات الأخيرة دليلا علي أن هناك من يؤمنون بهذه الأفكار العدائية ويعطون أصواتهم لهذا النازي الذي سبق أن عبر عن عدائه للإسلام من خلال فيلم من تأليفه وإخراجه باسم فتنة أساء إلي الإسلام والمسلمين, وأثار هذا الفيلم ضجة في العالم الإسلامي كما أثار ضجة فيلم أمريكي آخر بعنوان ما يحتاج الغرب إلي معرفته عن الإسلام يصور الإسلام علي أنه دين يسعي إلي الدمار والسيطرة علي العالم وإخضاع أصحاب الديانات والثقافات الأخري, وأن العنف سمة ملازمة للإسلام, هذا الفيلم الأمريكي أخرجه وقام بالتعليق علي أحداثه جريجي ديفيس وبريان ديلي, ويدعي الفيلم أن الإسلام دين دموي وأن الجهاد في الإسلام يعني الحرب ضد غير المسلمين ويدعي أن ذلك ما فعله المسلمون عندما شنوا الحروب علي دول أوروبية واستطاعوا احتلال أسبانيا وأجزاء من البرتغال وجنوب فرنسا وصقلية والبلقان,
وركز الجزء الأخير من الفيلم للادعاء بأن عقيدة الإسلام تعتبر البلاد غير المسلمة دار حرب يباح للمسلمين سفك دماء أهلها!
والأمثلة تفوق الحصر علي أن نزعة العداء للإسلام منتشرة في الغرب حتي أن وزيرا إيطاليا روبرتو كالديروني خرج أيام أزمة الرسوم المسيئة للرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ في الدانمارك والتي أعادت نشرها الصحف في الدول الأوروبية الأخري في تحد لمشاعر المسلمين ليعلن أنه سيقوم بتوزيع قمصان بالمجان مطبوع عليها هذه الرسوم.. وعن معاناة المسلمين في أوروبا نتيجة لذلك علقت الإذاعة البريطانية يوما بأنه لم يعد من السهل أن يعثر شخص مسلم علي مسكن في أسبانيا وأن الأوروبيين أصبحوا يتساءلون كيف نضمن ألا يكون هذا الشخص أو ذاك إرهابيا؟ وأشارت إلي تقرير يؤكد أن التعصب ضد المسلمين ازداد في السنوات الأخيرة وازداد التشكك وانعدام الثقة والروح العدائية في المجتمعات الأوروبية وازداد احتمال صعود تيار اليمين المتطرف المعادي للمسلمين أكثر وأكثر..
وعلق أرون رودس المدير التنفيذي للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في هلسنكي علي هذه الظاهرة بقوله إن اتساع المناقشات العامة حول التهديد الذي يمثله التطرف الديني جعل المسلمين في أوروبا يشعرون بأنهم مستهدفون بسبب عقيدتهم, وأصبح صناع القرار في الدول الأوروبية يشعرون بالقلق من أن يؤدي ذلك إلي زيادة التطرف بين أبناء الأجيال الجديدة,
وفي تقرير آخر للإذاعة البريطانية قالت إن كثيرين من مسلمي بريطانيا وعددهم1,8 مليون يشعرون بالإهانة نتيجة لقوانين مكافحة الإرهاب وزيادة عمليات التفتيش الأمني لهم ولبيوتهم.. وفي إسرائيل اعتداءات بالقتل وهدم البيوت والمساجد ومنذ فترة قامت شركة إسرائيلية بلصق صور للمسجد الأقصي وقبة الصخرة علي زجاجات خمور الفودكا وتسبب ذلك في احتجاجات قادتها مؤسسة الأقصي. مثل الاحتجاجات علي تشبيه الزعيم الهولندي ويلدرز القرآن الكريم بكتاب كفاحي الذي وضع فيه هتلر فلسفته النازية العنصرية, وعلق علي ذلك الأسقف الشهير ديزموند توتو في جنوب إفريقيا قائلا: إن تشويه قيم الإسلام الأساسية لا يسيء إلي المسلمين وحدهم ولكننا نحن المسيحيين نشعر بأننا متضررون أيضا, لأن مهاجمة الإسلام كدين يؤذي من يشتركون في المباديء العالمية لجميع الأديان وهي احترام الآخرين, والتضامن الإنساني, وروح الخير, وقال في النهاية: أنا قلق غاية القلق من الادعاءات بأن القرآن يدعو إلي العنف والكراهية فهذا التشويه للحقيقة ليس خبثا فقط ولكنه خطير..
من المثير للدهشة أن الحكومات والمعلقين في أوروبا يعتبرون الإساءة إلي الإسلام ممارسة لحرية الرأي بينما يعتبرون المساس باليهود ومعاداة السامية جريمة كبري تهتز لها المؤسسات والحكومات وتعاقب عليها القوانين, وتكفي الإشارة إلي الحكم الذي أصدرته المحكمة النمساوية علي المؤرخ البريطاني الشهير ديفيد ايرفنج(68 سنة) بالسجن3 سنوات بتهمة معادة السامية, لأنه حاول بحث حقيقة المحرقة في ضوء الوثائق التاريخية, ومحاكمة المفكر الفرنسي روجيه جارودي بتهمة معاداة السامية أيضا, لأنه بحث عن العدد الحقيقي لضحايا المحرقة, وفي فرنسا قانون فابيوس ـ جيسو صدر عام1990 يتضمن عقوبات لكل من يفكر أو يشكك في محرقة النازيين لليهود بالحبس لمدة سنة وغرامة مالية كبيرة وبهذه التهمة فصل البروفيسور روبير فوريسون من جامعة ليون الفرنسية, وكذلك فإن في ألمانيا قانون يحكم بالسجن علي من يسيء إلي اليهود أو ينكر المحرقة النازية. وأيضا في الولايات المتحدة قانون يعطي للكونجرس الحق في رصد العداء للسامية في أنحاء العالم وتقديم تقرير عن ذلك لملاحقة الدول والأفراد الذين يسيئون إلي اليهود واليهودية,
ولكن ليس في أي دولة في الغرب قانون يحمي الإسام من الأكاذيب والاساءات وحملات التشويه التي تؤدي إلي ظهور متطرفين يوجهون الرصاص إلي المسلمين لأنهم مسلمون. وهذا هو الواجب الذي يجب أن تقوم به الجامعة العربية والمؤسسات والدول الإسلامية..