قبل الحوار عن الدعم

 دعت الحكومة – لاول مرة – الى الحوار مجتمعى حول قضية الدعم وهى اهم القضايا التى تمس أبسط حقوق الفقراء وهو حق فى الحصول على الحد الادنى من الطعام وطرحت الحكومة – فبل بدء الحوار – خيارين لا ثالث لهما : أن الدعم نقديا فيصرف مباغ معبن لكل من يستحق الدعم أو أن يبقى الدعم كما هو الأن أى بمساهمة الحكومة فى تغطية جزء من الثمن الحقيقى للسلع لكى يحصل عليها المحتاجون بأسعار تتناسب مع أحوالهم وقدراتهم 0


وفى الوقت نفسه صدرت تصريحات – من الحكومة أيضا – قبل بدء الحوار تشير الى ان هذا الحوار ستكون نتيجته الاعلان عن اختيار الرأى العام للدعم التقدى لأن نظام دعم السلع يذهب 20% منه الى غير المستحقين ثم اشارت التصريحات الى مشكلة يصعب حلها فى سنة أو سنتين وهى أن الحكومة لا تعرف على وجه الدقة من هم المستحقون للدعم وأين هم زكيف تصل اليهم وحدهم دون سواهم وهل الفكرة المطروحة باعطاء الدعم النقدى لكل من يستحقه ولا يصل الى من لا يستحق .


وؤدى ذلك اننا لن نبدأ الحوار من البداية الصحيحة لأن الحوار يجب أن يبدأ أولا بالقية الجوهرية التى جعلتنا نفكر فى الدعم بالنقد أو السلع وهى قضية الفقر فى مصر . الفقر هو التحدى الاول اما هذه الحكومة كما كان امام الحكومات السابقة وسيظل كذلك اما الحكومات التى ستأتى بعدها وسيظل القضاء على الفقر والجوع الهدف الاول الذى سيكون رضا الشعب- او عدم رضاه – على الحكومة بقدر ما تحققه من نجاح فيها 00 وليس ذلك غربيا أو جديدا فالفقر موجود فى العديد من دول العالم كما هو موجود عندنا وكل الحكومات الرشيدة تجعل مهمتها الاولى وضع استرايجية متكاملة وتنفيذ السياسات والاجراءات التى تؤدى الى تخفيف وطأة الفقر على الفقراء وتحسين أحوالهم واذا لم تحقق ذلك فان الناس لن يشعروا بحاجتهم الى حكومة أو بانتمائهم الى وطن.


وقد نبهنا تقرير التنمية البشرية فى عام 2006 الى ان الذين يعيشون عند خط الفقر يمثلون 44% اى نحو 32 مليون انسان وان نصيب 20% من المواطنين 806% من الدخل القومى ونصيب القلة الاكثر غنى 43% من الدخل القومى.


واما هذا الواقع المؤلم والحقائق ذات الدلالة والتى تمثل اجراس انذار يجب ان نتذكر ان الفقراء لا يجدون احتياجاتهم الاساسية مما يعنى ان حالتهم لا تحتمل الانتظار سنوات قد تطول الى ان تنفذ الحكومة وعودها ويجدوا الحد الادنى من الطعام والملبس والمسكن الذى يحفظ لهم أدميتهم ناهيك عن حقهم وحق أبنائهم – كمواطنين – فى التعليم والعلاج والأمان الاجتماعى وما دامنا ماتزمين بنصائح البنك الدولى فأنه وضع تعريفا للفقر بأنه الجوع ونقص الحماية والمرض مع عدم القدرة على العلاج وعدم القدرة على العلاج وعدم القدرة على الالتحاق بالمدرسة والأمية وعدم توافر فرصة عمل والخوف من المستقبل وغياب الحرية والحرمان الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية مما يؤدى الى الاستبعاد الاجتماعى والتهميش ووفقا لذا التعربف فان ما يقرب من نصف المصريين مهمشون ومستبعدون !


ووفقا لتقرير التنمية البشرية فأن الفقراء يشتغلون باعمل هامشية لا تدر ما يكفيهم او انهم عاطلون ويعيشون فى مناطق العشوائية والقبور والشوارع 00 وفى بحث للدكتورة مها الكردى الاستاذ بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية أن تزايد البطالة والفقركان نتيجة اساليب تطبيق الاقتصاد الحر ولابد ان نضع فى اعتبارنا ان 13 مليون مواطن يسكنون فى المناطق العشوائية حيث تنتشر الجرائم والمخدرات فهل يعرف هؤلاء كيف وأين يتقدمون بطلب الدعم النقدى من الحكومة ؟


القضية التى يجب ان تكون بداية الحوار هى (الفقر ) وأسبابه والاتفاق على تعريف الفقر وحصر الفقراء والقدرة على الوصول اليهم والتعامل معهم ووضع استرايجية لتحسين أحوالهم وبذلك يشعر نصف المصريين بان هناك مبررا لوجود حكومة وبعد ذلك نفكر فى تعديل نظام الدعم بما لا يؤدى الى الاضرار ب80% يستفيدون بالدعم ويستحقونه لكى نحرم 20% يحصلون على الدعم ولا يستحقونه.


 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف