ليس هناك سبب لهذا التخلف وضعف المستوي العلمي ومستوي القدرة علي الابتكار في العالم الاسلامي سوي نظام التعليم المتخلف, ويدلنا عالم الفيزياء الباكستاني البروفيسور برويز أمير علي بيود الي ملاحظات مهمة في ضوء بحث أجري وفقا للمعايير العلمية العالمية, من هذه الملاحظات أن أسئلة الامتحانات تتكرر وهذا يدل علي ضعف مستوي واضعي الأسئلة أنفسهم, ومعظم الأسئلة من نوعية اكتب ما تعرفه عن أو ناقش موضوع كذا, وهذا النوع من الأسئلة يختبر القدرة علي التذكر فقط ولا يختبر القدرة علي الفهم والاستيعاب والتفكير, ويباهي واضعو الأسئلة بأنهم يختارون أسئلتهم مكررة حرفيا بالنص من الكتب المدرسية المقررة أو مع تعديل بسيط فيها, ونصف الأسئلة في الامتحانات اختيارية مما يتيح للطالب إهمال مذاكرة جزء لا يستهان به من المقرر الدراسي, هذا مع ضعف المستوي العلمي للمدرسين, وفي بحث آخر علي مجموعة من المدرسين الحاصلين علي درجات أعلي من البكالوريوس لم يتمكن معظمهم من الاجابة الصحيحة علي جميع الأسئلة في مستوي الثانوية العامة(!)
وهذا دليل علي أن في المدرسين من لا يستوعب مادته ولا يعمل عقله بالقدر الكافي, ومع فشل المدرسة أصبحت الدروس الخصوصية هي البديل الذي لا غني عنه لكل تلميذ سواء كان من القادرين أو من المعدمين, وانتشر الفساد الأخلاقي في بيع الشهادات والدرجات وأسئلة الامتحانات والغش في الامتحانات وأدي ذلك الي الاحباط لدي التلاميذ لأن النجاح يتحقق بوسائل أخري غير المذاكرة وبذل الجهد, هذا هو حال التعليم: المناهج وأساليب التدريس مسئولان عن تعطيل التفكير المنطقي والابتكار,
وفشل المدارس الوطنية أدي الي انتشار المدارس الأجنبية التي تتبع في ادارتها ومناهجها لدول أجنبية وتمنح شهادات أجنبية, وبذلك أصبحت النخبة الجديدة في العالم الإسلامي تفكر بعقول أجنبية, وتجيد التعبير باللغات الأجنبية واللغة أداة التفكير والتعبير, ولذلك تدين بالولاء لثقافة أجنبية وتنفصل عن ثقافة بلادها, وتبعا لذلك صارت الجامعات في الدول الاسلامية أضعف حتي من الجامعات في جنوب آسيا, فليس في الدول الاسلامية جامعة في مستوي جامعات الهند أو كوريا, وليس في أية دولة اسلامية مراكز بحوث مثل الهند متخصصة في العلوم الفيزيائية والهندسية وغيرها, ففي الهند خمسة معاهد للتكنولوجيا تعمل بمستويات عالمية, ومركز بهابها للبحوث الذرية, ومعهد تاتا للبحوث الأساسية, ومعهد ساها.. والمعهد الهندي للعلوم.. والانتاج العلمي لكل مركز منها يزيد علي إجمالي الانتاج العلمي ذي القيمة للجامعات ومراكز البحوث في الدول الاسلامية مجتمعة.
وبسبب الفقر العلمي في العالم الاسلامي, كان طبيعيا أن يهاجر الأذكياء وذوو الطموح من الشباب ليجدوا فرصتهم للتقدم والتفوق وحيث ترحب بهم دول الغرب المتقدم, بينما تمثل الجامعات في العالم الاسلامي مراكز طاردة للكفاءات, وهي المسئولة عن استنزاف الغرب للعقول من العالم الاسلامي, وهي الجامعات الوحيدة في العالم التي تكلف أساتذتها بالتدريس في غير تخصصاتهم(!) وبينما الجامعات في الدول المتقدمة تسعي الي جذب الأساتذة من أكثر العقول ابداعا من أية جنسية أو ديانة, فإن الجامعات في العالم الاسلامي تغرس في طلابها وأساتذتها ما يسميه البروفيسور برويز بيود الخنوع الثقافي وقليل منهم من ينجو ويحتفظ لنفسه بالقدرة علي التفكير المستقل أو التحليل أو الابداع.. ولذلك لا تجد في معظم العالم الاسلامي من يفكر في تقديم جديد بالمعايير العالمية في الهندسة الوراثية أو الروبوت أو أنظمة الذكاء الاصطناعي, أو الالتحام النووي أو اكتشاف الفضاء, أو انتاج المواد الجديدة.
يشير البروفيسور برويز بيود الي مؤتمر عقد في دولة اسلامية وحضره رئيس الدولة ومئات العلماء ورجال الدين من مختلف الدول الاسلامية, كان موضوعه المعجزات العلمية, كان مثار تعجب من علماء الغرب لأنهم لا يؤمنون بوجود معجزات في العلم ويؤمنون بوجود قوانين علمية, وانتهي المؤتمر الي أن جميع الحقائق العلمية والنظريات الحديثة عن الظواهر الفيزيائية موجودة في الكتاب والسنة. نظام تعليم متخلف.. وانتظار للمعجزات بينما يؤمن غيرهم بقدرة الإنسان علي تحقيق ما يريد.. والنفاق العلمي ومسايرة الادعياء برفع الكتاب والسنة والادعاء بأن فيهما كل العلوم والنظريات وليس بعدهما مجال للبحث العلمي.. النتيجة اصابة العقول بالجمود والشلل.. ولهذا تخلف المسلمون