للوبى اليهودى فى أوربا
قرار البرلمان الاوربى الذى اساء الى مصر وسياستها فيما يتعلق بحقوق الانسان يثير مسألة يجب أن يعيطها العرب ما يستحقه من الاهتمام وهى تأثير اللوبى اليهودى فى أوربا.
ففى اوربا اعداد كبيرة من الجمعيات والتنظمات والهيئات اليهودية والصهيونية لها تأثير كبير فى الاعلام والاحزاب والبرلمانات ولها صلات قوية مع معظم المفكرين وصناع الرأى العام ويمتد تأثيرها الى عملية صنع القرار السياسى وتمثل هذه المنظمات جسور اتصال بين المصالح السرائيلية والنخبة السياسية والفكرية فى كل دولة أوربية وقد بدأ نشاطها مع بداية نشأة اسرائيل (1948) وعلى مدى 60 عاما كرست جهودها على حشد التأييد المطلق لها وفى سبيل ذلك استخدمت كل الطرق – المشروعة وغير المشروعة والظاهرة والخفية – لكسب الرأى العام الاوربى خاصة بين الشباب ونجحت فى اقامة مشروعات لخدمة اسرائيل مستخدمة فى ذلك كوادر وكفاءات ذات خبرة فى اساليب الضغط والتأثير على الحكومات والمؤسسات التشريعية والسياسية ولابد من الاعتراف بنجاح اللوبى اليهودى فى هذه المجالات وفى جعل الاعلام الاوربى فى عمومه مواليا لاسرائيل باستخدام كل الوسائل من اتصالات واغراءات وتوجيه الدعوات لزيارة اسرائيل فضلا عن الدعاية والمؤتمرات وعن طريق جمعيات حقوق الانسان التى تجيد استخدامها للتأثير على الرأى العام فى أوربا وتوجيه ضد العرب والمسلمين وفى هذه التنظمات شخصيات يهودية مؤثرة تعمل لاشعال العداء ضد كل من يخالف توجيهات اسرائيل بسلاح معاداة السامية وفى نفس الوقت فان اللوبى اليهودى نجح على مدى اكثر من نصف قرن من العمل الجاد فى استقطاب عناصر مهمة فى المجتمعات الاوربية من غير اليهود كما تمثل المحافل الماسونية قوة لا يستهان بها فى خدمة اسرائيل.
يضاف الى كل ذلك تأثير الجماعات اليهودية فى الانتخابات وارتفاع المستوى الثقافى والسياسى لاعضائها وتميز هذه الجماعات بالنظام والعمل فى اتجاه واحد وفقا لتخطيط ولتحقيق اهداف محددة فى كل مرحلة والمثال على ذلك الضغوط التى مارستها هذه التنظمات فى معركة المطالبة باستعادة ممتلكات اليهود واموال ضحايا الهولوكست فى بنوك أوربا ثم معركة المطالبة بتعويضات مالية باهظة عن ضحايا الحرب العالمية من اليهود – دون سواهم – وفى كل دولة أوربية مؤسسات ومنظمات يهودية تقوم بتقديم المساعدات لاسرائيل منها مؤسسات دينية وجمعيات ومنظمات ثقافية واجتماعية وخيرية وهذه الجمعيات لها دور كبير فى جمع الاموال لصالح اسرائيل والضغط على الحكومات لتقديم معونات ومساعدات للدولة العبرية .
وليس خافيا موقف اللوبى اليهودى فى فرنسا من الجبرال ديجول لعقابه على قراره حظر تصدير السلاح لاسرائيل عقب حرب 1967 واعتبرته موقفا معاديا لاسرائيل ونجحت فى توجيه ضربتها الانتقامية بقرار حلف الاطلنطى سنة 1968 بتعليق عضوية فرنسا فى الحلف والمشاركة فى تدبير تمرد الطلبة الشهير فى نفس السنة ولم يجد ديجول فى النهاية الا ان ينسحب من الحياة السياسية فى عام 1969 وبعده تعرض الرئيس بومبيدو ايضا لضغوط ومشكلات عديدة استمرت حتى وفاته بسبب قراره بيع طائرات ميراج الى لبيا واستمرت الضغوط اليهودية على الرئيس جيسكا ديستان بسبب مساعدته العراق فى اقامة برنامجها النووى وهذا ما جعل الرئيس ميتران بعد ذلك ينتهج سياسة تحقق ما تطلبه اسرائيل لينال رضى المنظمات اليهودية فبدأ بتشجيع الشركات الفرنسية على تجاهل الحظر المفروض من الجامعة العربية فى أثناء زيارته لاسرائيل ثم انتكست علاقته بهذه التنظمات عندما أعلن شجبه للعدوان الاسرائيلى على لبنان ومساهمته فى انقاذ الرئيس عرفات من الحصار فى بيروت وفى عهد الرئيس شيراك حصل اليهود على مكاسب عديدة هى التى ضمنت له البقاء لفترة رئاسة ثانية .
وما يحدث فى فرنسا يحدث فى كل دولة أوربية دون استثناء فلماذا نندهش عندما يصدر قرار من البرلمان الاوربى يسىء الى سياسة مصر فى حقوق الانسان وقد صدر عن اللجنة السياسية التى ترأسها يهودية ناشطة فى اللوبى اليهودى وماذا فعل العرب جميعا على مدى اكثر من نصف قرن ليجدوا اليوم العدالة والانصاف بينما قوة التضليل تعمل دون كلل ودون توقف فى القارة الاوربية بأكملها!