استريجية جديدة لتنمية المدن المصرية

استريجية جديدة لتنمية المدن المصرية

أدت ومشروعات التنمية فى النصف الثانى من القرن الماضى الى اختلالات ملحوظة تحولت الى مشاكل تزداد صعوبة بالتجتهل او النكار فقد حدثت فى هذه الفترة تحولات اجتماعية غيرت انماط معيشة المصريين كما غيرت الكثير من احوال المدينة والقرية .

ففى مرحلة التحول الاشتراكى منذ نهاية الخمسينيات حدثت موجات من الهجرة من الريف الى المدن وادى ذلك الى حرمان الريف من الايدى العاملة وذيادة الاعباء على المدن التى تعانى اصلا من عدم كفاية الخدمات والمرافق وفرصض العمل والسكن ..الخ وفى مرحلة التحول الرأسمالى والانفتاح ازداد حجم البطالة بين المتعلمين وغير المتعلمين واكن تخلى الدولة عن مسئولياتها التى كانت تتحملها فى المرحلة الاولى عن التعليم والعلاج المجانى والاسكان والتشغيل سببا فى التراجع المدينة والقرية وتحول بعض المدن الى قرى كبيرة فيما أسماه علماء الاجتماع (ترييف المدينة ) وكان المفروض ان تكون المدن الجديدة التى تم أنشاؤها تجمعات عمرانية جديدة متكاملة تخفف الزحام عن المدن القديمة ولكنها أصبحت مراكز للاستثمارات وظل العاملون فيها فى مساكنهم ومدنهم وقراهم وينتقلون اليها يوميا فأضافوا بذلك مشكلة جيدية هى الضغط على وسائل المواصلات ولم تحل مشكلة تكدس المدن القديمة وبخاصة القاهرة.


نتيجة لكل ذلك حدث تحول ملحوظ فى البنية الاجتماعية يتمثل فى زيادة حدة الفقر وانخفاض معدلات الدخل الحقيقى وارتفاع اسعار السلع والخدمات وزيادة حدة مشكلة السكن وانتشار العشوائيات وزيادة ضعف الطبقة الوسطى وهبوط بعض شرائحها الى الطبقة الدينا وزيادة البطالة كما هو معروف وقد توصل بحث للدكتور محمود الكردى استاذ الاجتماع ايضا الى عدم وجود تصور او اطار عام شامل لتنمكية المدن والقرى المصرية فلا يوجد دراسة لهيكل السكان فى كل مدينة وقرية ولا معلومات دقيقة عن الهجرة وحركة السكان ونتائجها ولا عن مدى كفاية وكفاءة الخدمات الرئيسية فى كل اقليم ولا تحديد لافضل المواقع للمشروعات الانتاجية والخدمات الجديدة ولا توجد فكرة عن أهمية التنبؤ بالنمو السكانى والتوسعات المتوقعة فى كل مدينة وقرية وبالتلى لا توجد خطة للتنمية المتكاملة لكل منها .


وأذكر فى كل زيارة لى الى الصين كنت أجد فى كل مدينة متحفا صغيرا فيه صورة كاملة لما ستكون عليه هذه المدينة بعد خمس سنوات وأجد خرائط وماكيتات مجسمة لما ستكون عليه الشوارع والميادين والبيوت والاحياء السكنية والتجارية والحدائق واماكن الترفية ومناطق الصناعات المناسبة لكل مدينة وعن تأثير التنمية فيها على المناطق الاخرى حولها .

ويقترح الدكتور الكردى فى ضوء دراسته اختيار نقط لتركيز التنمية فيها تتوافر فيها شروط المكان المناسب والايدى العاملة وطرق المواصلات والامكانات اللازمة للاستثمار وجذب السكان مثل مدينة طنطا بموقعها وسط الدلتا وتوافر شبكات المواصلات التى تربطها بانحاء القطر ومدينة دمياط لوقوعها على ساحل البحر المتوسط وتوافر امكانات النمو من صناعات متعددة ومناقط زراعية وايدى عاملة فنية مدربة تدربيا راقيا وبنفس المنطق يمكن اختيار نقطة للتنمية أو أكثر فى الصعيد .


وهذه الاسترايجية ليست سوى مرحلة من مراحل التنمية يتم بعدها التوسع تدريجيا فى أقطاب أخرى وأنشاء مدن جديدة بشرط ان تكون متكاملة تتوافر فيها فرص العمل والاستثمار والسكن والخدمات ولا يحتاج سكانها الى الانتقال يوميا منها واليها ومع الوقت تتسع نقط التنمية وتشع على ما حولها.


كذلك فان مشاكل القاهرة يمكن تخفيفها اذا اتجهنا بالسكان والانشطة شمالا نحو محافظة القليوبية وجنوبا نحو محافظة الجيزة لتخفيف التكدس السكانى فى العاصمة تنمية المحافظتين فى نفس الوقت وكذلك بالنسبة للاسكندرية يمكن توجيه النمو غربا نحو محافظة مطروح وجنوب شرق حول محافظة البحيرة واختيار نقطة او أثنين للتنمية المتكاملة فى الصعيد وبعد ذلك يتم التوسع تدريجيا لأن تنمية جميع المدن والقرى والنجوع فى وقت واحد يفوق قدرة الدولة ويؤدى الى بعثرة المشروعات فى كل الانحاء فلا تحقق المطلوب . المهم ان عدم وجود استرايجية وبرنامج زمنى يحدد المراحل والاهداف للنهوض بالريف والمدن يؤدى الى أقامة مشروعات الاتجالية دون دراسة كافية .


وهذا ما أشار اليه الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات.


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف