الإسلام فى فرنسا 2
معاداة السامية جريمة يعاقب عليها القانون الفرنسة. أما معاداة الإسلام فلا محاسبة عليها، وتعتبر ممارسة مشروعة لحرية الرأى.
وتمثل مأساة جارودى المفكر الفرنسى الشهير نموذجًا لما ينتظر كل من يقول كلمة تخالف الأساطير المؤسسة للصهيونية من قريب أو بعيد أو يقول كلمة حق عن الإسلام. جارودى بعد تنقل بين المذاهب والديانات اعتنق الإسلام وتذوق فلسطينية مسلمة وأصدر كتابه "وعود الإسلام" قال فيه إن نزعة الاستعلاء العرقى فى الغرب هى الدفاع لكراهية الغرب للإسلام، وأن الإسلام يمثل عقبة أمام سياسة الغرب للهيمنة الاقتصادية والثقافية على العالم الإسلامى. ورأيى أن هذا هو التفسير الوحيد لموقف مفكرى الغرب بإزدراء الإسلام وحضارته وثقافته، وهبت العواصف على جارودى بسبب أقواله بأن الإسلام كان قوة روحية فى الماضى ولا يزال كذلك فى الحاضر والمستقبل، وتحذيره للفرنسيين من الوقوع فى الخطأ الذى وقع فيه أصحاب النزعة الإلحادية الذين حاربوا الدين المسيحى، وخلطوا بين الدين المسيحة وبين الفظائع التى ارتكبتها الكنيسة فى عهد قسطنين وخلفائه والحروب الصليبية ومحاكم التفتيش والبابا بورجيا ورجال الدين فى لاقرون الوسطى فى أوروبا، وكانوا قوة رجعية ضد الديمقراطية والتقدم وحقوق الإنسان.
وسرد جارودى فى كتابه قائمة طويلة من كبار المفكرين الغربيين الذين شوهوا الإسلام فى العقل الغربى، مثل فيكتور هوجو فى كتابه "شرقيات"، وشاتو بريان فى كتابه "رحلة من باريس إلى القدس" ولامارتين فى "رحلة إلى الشرق" وطالب فيه كل دولة أوروبية بأن تقيم مستعمرات فى الجزء الذى ستحصل عليه من الإمبراطورية العثمانية، ومثل جيراردى نرفال الذى قال إنه لم يجد شىء فى بلاد الإسلام غير الفراغ، وفلوبير الذى قال عن روايته الشهيرة "سالاميو" إنه يريد بها إيقاذ الشرق من هلوساته الإسلامية، ولورانس العرب الذى قال إن جميع ولايات الإمبراطورية العثمانية "الإسلامية" لم تكن تساوى فى نظرى موت إنجليزى واحد.. وتساءل جارودى: إن الإسلام لا ينكر المسيحية، والقرآن يذكر المسيح والسيدة مريم باحترام وإجلال، فلماذا يرى مفكرو الغرب أن عليهم معاداة الإسلام؟
هذا بعض ما قاله وكتبه روجيه جارودى الذى اختار لنفسه اسم رجاء جارودى بعد إسلامه. وقد تسببت هذه الأقوال والكتابات فى الهجوم عليه وإزدرائه بعد أن كانوا يعتبرونه من مفاخر الفكر الفرنسى الحديث. وكانت هذه هى الجريمة الكبرى التى قدم بسببها إلى المحاكمة وحكم عليه بالسجن بل وأصبحت حياته فى خطر وحاصرته التهديدات الصريحة بقتله بعد أن أصدر كتابه "الأساطير المؤسسة لإسرائيل"، وأولها أسطورة أن فلسطين هى أرض الميعاد التى وعد الله بها اليهود، وثانيها أن اليهود هم شعب الله المختار، وثالثها التشكيك فى صحة الرقم "6 ملايين" الذى تعلنه إسرائيل عن عدد ضحايا المحرقة النازية من اليهود وتطارد كل من يشكك فيه، ورابعًا أن فلسطين كانت أرضًا بلا شعب، وأخيرًا أسطورة المعجزة الإسرائيلية التى يصفون بها دولة إسرائيل.
بسبب هذه الأفكار تمت محاكمته طبقًا لقانون "فابيوس – جيسو" وحكمت عليه المحكمة بالسجن وبغرامة تساوى 2 ألف دولار، وكانت القضية مناسبة ليعلن اللوبى الصهيونى قوته ونفوذه. وتم الاعتداء على المكتبات التى تبيع كتبه فى فرنسا وسويسرا واليونان فامتنعت عن بيعها، وكل ذلك لأنه فكر فى المطالبة بمراجعة رقم الـ 6 ملايين ولم ينكر المحرقة ذاتها.. واستأنف الحكم أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فحكمت بالغرامة وبإلغاء الحكم بالسجن ولم يعد لجارودى المكان بين كبار المثقفين كما كان من قبل، بينما سليمان رشدى الذى وجه الاتهامات والإهانات إلى الإسلام وكتابه ورسوله يحظى بتكريم الدول الأوروبية ويعيش فى قصر ويربح ملايين الدولارات وتنعم عليه ملكة بريطانيا بقلب "سير". لقد أصبح جارودى عبرة لكل من يحاول الاقتراب من الأساطير الإسرائيلية وتحذيرًا بأن سيف معاداة السامية لم يحرم من يجرؤ على ذلك فى أى مكان فى العالم أو يحاول إنصاف الإسلام!
ايس جارودى وحده.. إنه مجرد مثال.. وهناك غيره كثيرون لابد أن نذكر بعضهم عسى أن يستيقظ الغافلون وأن يصدق المكذبون ويتحرك الجالسون على المقاعد أمام الميكروفونات ليقولوا أنهم حراس الإسلام والمدافعون عنه!