نظرية جديدة لأعداء الإسلام 5

خلال السنوات الماضية كانت نظرية العداء للإسلام تتبلور أمام عيوننا وكلنا منا نرفض أن نصدق وجودها، أو ربما كنا نخشى من الاعتراف بوجودها، أو نحاول علاجها بأساوبنا المعتاد الذى أثبت فشله وذلك بتكرار الحديث فى سائل إعلامنا المحلية عن حوار الثقافات والتعايش بين الديانات والتسامح فى الإسلام وعدم صحى ما ينسب إليه من شبهات وتلصق به من اتهامات.

سنوات ونحن نحدث أنفسنا، ونحاول لإقناع أنفسنا بما فى الإسلام من احترام لحقوق الإنسان وإنصاف المرأة والعدالة الاجتماعية ورفض العدوان وإدانة اإرهاب باسم الجهاد.. وبأن الإرهابيين خطر على الإسلام والمسلمين كما أنهم خطر على غيرهم.

ولكن واقع حياتنا ومجتمعاتنا كانت تكذب ما نقول!

وخلال ههذ السنوات الضائعة سيطر أعداء الإسلام بنظريتهم على الساحة الفكرية الثقافية والسياسة فى الغرب. سادت فكرة أن المسملين فى الغرب كيانات غريبة وسيبقون كذلك ولا أمل فى أن يندمجوا فى المجتمعات المتقدمة لأنهم متخلفون وديانتهم هى السبب فى التخلف السائد فى البلاد الإسلامية، وأن التخلف وأصبح من سمات الشخصية المسلمة ذاتها بل من مكوات العقل المسلم. وأن المسلمين سعداء بما هم عليه من التخلف لأنهم لا يبحثون عن التقدم فى الدنيا ويتفرغوت بكل طاقاتهم لإعداد قصورهم فى الجنة.. هكذا يروج أصحاب هذه النظرية للدعوة إلى وقف زحف الإسلام والمسلمين فى مجتمعات الغرب، ويدعون أن سياسة الاستيعاب فشلت فى فرنسا ولم يعد أمامها سوى سياسة الاستبعاد، وكذلك فشلت سياسة العزلة فى ألمانيا، وفشلت أيضًا سياسة التعددية الثقافية فى هولندا وبريطانيا، وأن رفض المسلمين للحضارة الغربية يزداد مع انتشار الأصولية فى الفكر الإسلامة فى الشرق الأوسط وانتقاله إلى أوروبا وأمريكا، فالمسلمون يقاومون قرار فرنسا بمنع حجاب التلميذات فى المدارس الحكومية، مع أن القرار يشمل منع الرموز الدينية على غير المسلمين أيضًا، وفى ألمانيا ياومون قرار الحكومة بمنع حجاب الموظفات المسلمات فى المؤسسات الحكومية، أما بريطانيا فقد تساهلت مع الحجاب فانتسرت فى الشوارع حتى يظن المرء أن لندن أصبحت عاصمة إسلامية (!)


ويتخذ الأنريكيون سياسة التضييق على المسلمين والمسلمات فى كثير من المواقع، ويتشددون فى تطبيق مبدأهم الدستورة لفصل الدين عن السياسة، ومع ذلك فقد تسلل "الإسلام السياسى" إلى أمريكا كما تسلل فكر الإرهاب والإرهابيين إلى دول الغرب. ومعظم المسلمين يعيشون فى أوروبا وأمريكا ولكنهم يرفضون فى الظاهر أو الباطن مبادىء الحضارة الغربية مثل العلمانية والليبرالية والتعددية وإعطاء المرأة حقوق الإنسان كاملة.


وتتقدم النظرية نحو هدفها بإدعاء أن فتح الأبواب لهجرة المسلمين يمثل خطورة على عصب الأمن القومى لأوروبا وأمركيا، كما يؤدى إلى نتائج سلبية ديموجرافية وسياسية واقتصادية على المجتمعات الغربية. ولكن دول الغرب جميعها لديها مشكلة تهددها، هى تناقص نسبة الشباب فى سن العمل نتيجة لحرص كل رجل وامرأة على أن يستمتع بحياته ولا يضحى بها من أجل حفنة أبناء كما يفعل المسلمون. ولذلك فإن دول الغرب مضطرة إلى فتح أبوابها لاستقبال المهاجرين من المهنيين والفنيين التى تحتاج إليها من العمالة الرثة التى يرفض الأوروبيون والأمريكيون القيام بها مثل أعمال النظافة0 والخدمة فى المطاعم ومحطات البنزين والأعمال الشاقة فى البناء والحفر والصرف الصحى.. وأمثالها، وهذه المشكلة يقترح أصحاب النظرية حلها بقصر الهجرة على العمالة المطلوبة من دول غير إسلامية، والدول الآسيوية هى المرشحة لذلك والتى بدأ تدفق المهارجين منها بالفعل. وأصحاب هذه النظرية يحرضون الاتحاد الأوروبى على أن ينشدد إلى أقصى درجة فى مراقبة الحدود وعدم منح الجنسية أو الإقامة أو اللجوء السياسى للمسلمين.

وتنتقل النظرية بعد ذلك إلى التحذير من خطورة إنضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى بإدعاء أنها ستكون حصان طروادة الذى يسهل غزو الإسلام لأوروبا، وبعد سنوات سوف تعجز أوروبا وأمريكا عن حماية نفسها من الخطر الإسلامى، ومن المجاهدين الذين ستكون لهم حقوق المواطنة!

هكذا يتم تأصيل النظرية وتنتقل من الفكر إلى التطبيق، ونحن غافلون أو نكتفى بالإنكار أو الاستنكار فقط لا غير(!).


 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف