نظرية جديدة لأعداء الإسلام 3

منذ أحداث سبتمبر 2001 لم يعد فى أوروبا وأمريكا ذلك التسامح تجاه الإسلام والمسلمين, بعد أن كان المسلمون يجدون فيهما القبول سواء للهجرة أو للجوء السياسى, وكان المهاجرون المسلمون يستفيدون من الرعاية الاجتماعية والصحية وخدمات الإسكان ودورات اللغات المجانية لتأهيلهم للحياة فى المجتمعات الغربية, ولم تكن هناك قيود على المدارس الإسلامية والمساجد وشبكات الإذاعة باللغة العربيةو وكان المسلمون المهاجرون يتمتعون بكثير من حقوق المواطنين حتى إعانة نظرية جديدة لأعداء الإسلام (3)


تدعو النظرية الجديدة لأعداء الإسلام إلى تعميم الأساليب التى تطبقها فرنسا مثل عدم منح اللجوء السياسى للإسلاميين, وفرض إجراءات امنية مشددة على المسلمين الذين يعيشون مهمشين فى ضواحى المدن الكبرى, واعتقال المشتبه فى أنهم من "الجهاديين" دون توجيه اتهام أو السماح لهم بمقابلة محام, واختراق المساجد بحيث لا يوجد مسجد بعيدًا عن رقابة الشرطة, ولدى فرنسا "قائمة سوداء" تضم أسماء المشتبه فيهم من المسلمين والتهديد بترحيل من له نشاط لا يتفق مع القيم العلمانية الفرنسية.


ويوجه أصحاب هذه النظرية النقد إلى عدد من الدول الأوروبية لما يعتبرونه تهاونا فى وقف زحف الخطر الإسلامى ويرون أن بريطانيا إنشغلت بالإرهاب الأيرلندى عن مقاومة الإرهاب الإسلامى وإنشغلت أسبانيا بإرهاب الانفصاليين فى إقليم الباسك وإنشغلت دول أوروبية أخرى عن خطر الجماعات الجهادية الإسلامية التى تكونت داخل مجتمعاتها ونشرت التشدد الإسلامى بين المهاجرين المسلمين وأبنائهم. أما فرنسا فقد تنبهت مبكرًا إلى اتخاذ إجراءات متشددة بحجة الوقاية من الإرهاب الجزائرى واحتمالات امتداده إليها مع كثرة أعداد المهارجين من شمال أفريقيا الذين يحملون الجنسية الفرنسية، ولكنهم لا يعاملون كمواطنين فرنسيين، ولا يجدون ترحيبًا بمحاولاتهم الاندماج. وهذا التوجه الانفصالى الفرنسى يختلف عن سياسة القبول التعددية الثقافية التى تتبعها بريطانيا، ولذلك وجد الإسلاميون الراديكاليون الملاذ الآمن فى بريطانيا ووجدوا الفرصة لنشر أفكارهم المعادية لبلادهم وللغرب بحرية واكتفت السلطات البريطانية بمراقبتهم، وطبقت معظم الدول الأوربية هذه السياسة البريطانية وبإجراءات أقل فى المراقبة.. وبعد تفجيرات مدريد ولندن ومقتل فان جوخ ارتفعت أصوات المطالبين بالتشديد مع المسلمين وكان من هؤلاء وزير الداخلية الألمانية أوتو شيلى ووزير الداخلية الفرنسية السابق نيكولا ساركوزى الذى أصبح رئيس الجمهورية الفرنسية الآن، والذى يقود حركة شعبية لمحاصرة المسلمين فى الضواحى وامتدت موجة التشدد ضد الإسلاميين إلى بلجيكا وبريطانيا وأسبانيا وهولندا، وكذلك بدأ السياسيون المسئولون عن الأمن والاتسخبارات فى أوروبا فى اتباع  التوجه الأمريكى بالتضييق على المسلمين ويبررون ذلك بالخوف من الجماعات الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة، ولذلك وصل التعاون بين دول أوروبا فى مقاومة الإرهاب الإسلامى إلى درجة غير مسبوقة وزادت الميزانيات والقوات المخصصة لذلك زيادة كبيرة ولم يعد من الممكن أن يعبر المسلمين حدود الدول الأوربية بسهولة، وأخيرًا تم تعيين مسئول أوروبى كبير لمراجعة القوانين الأمنية الخاصة بمقاومة الإرهاب وترتيبات الحفاظ على المن الأوروبى والبدء فى توحيد هذه القوانين والإجراءات، كما تمت زيادة قوات الشرطة والاستخبارات المخصصة لمكافحة الإرهاب الإسلامة ومراقبة المناطق التى يسكنها المسلمون ومراقبة المساجد والمكتبات الإسلامية ومراقبة المسجونين المسلمين حتى المطاعم ومحلات الجزارة التى يمتلكها أو يتردد عليها المسلمون!

وتضمنت السياسة الأوروبية الجديدة إزالة الحواجز بين أجهزة الأمن ووكالات الاستخبارات، بحيث يتم تبادل المعلومات بانتظام ومشاركة فى التحقيقات وإعداد التقارير وتحليل المعلومات والشرائط المسجلة وصور  الأقمار الصناعية وتسجيلات الفيديو عن تحركات المشتبه فيهم من المسلمين.

وبدأ الإعداد لإنشاء قاعدة بيانات على مستوى أوروبا كلها والتفكير فى تسجيل بصمة الأصابع والبصمة الوراثية لكل المسلمين المقيمين والمهاجرين الجدد.

وتحذر النظرية الجديدة من استمرار نزعة التعاطف مع المسلمين باعتبارهم أقلية دينية، وهى نزعة سادت فى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ومع تزايد الكراهية لنازية وانتشار الفكر الليبرالى واحتياج أوروبا إلى العمال المهاجرين من البلاد الإسلامية لإعادة تعمير ما هدمته الحرب ويحذر أصحاب هذه النظرية من أن فتح الباب لهجرة المسلمين أدى إلى تغيير البنية الاجتماعية والثقافية فى بعض دول أوروبا إلى حد القبول باعتبار مجتمعاتها متعددة الثقافات، كما حدث فى بريطانيا وهولندا، وفى النهاية تدعو النظرية الجديدة ههذ الدول إلى التراجع عن سياسات التسامح مع المسلمين!.

لبطالة, ولكن ذلك كله يعد الآن كما كان من قبل.

تغيرت اتجاهات الحكومات وغالبية الرأى العالم بعد تفجيرات مراكز التجارة العالمى ثم تفجيرات لندن وأمستردام ومدريد وغيرها, وحل التوجس والكراهيةمحل التسامح والقبول, ثم جاء مقتل المخرج الهولندى قإن جوخ على يد محمد بويرى المسلم المهاجر الذى كان يستفيد بكل هذا المزايا, وهو من أبناء الجيل الثانى من المهاجرين, أى أنه نشأ فى ظل الحضارة الغريبة, ولم يتكيف معها, ولذلك اعتبرت السلطات فى الدول الاروبية هذه الحادثة مرحلة جديدة فى التهديد الإرهابى الذى يرفع راية الجهاد فى أوروبا (!) وربط السلطات بين الخلية التى ينتمى إليها محمد بويرى وخلية هامبورج فى المانيا التى قامت بهجمات 11 سبتمبر وكانت مكونة من طلبة زائرين, وتفجيرات مدريد فى مارس 2004 التى اتكبها مهاجرون مسلمون مغاربة, ولكن مقتل فإن جوخ كان بمثابة زلزال لأن القاتل وأعوانه ولدوا ونشأوا فى أوربا.

وقد انتهز اللوبى الصهيونى الفرصة وطرح فكرة وجود نوعين من الجهاديين الاسلاميين فى أوربا, مجاهدون من الخارج اغلبهم من الداخل وجدوا هم وآباؤهم الملاذ فى اروبا وعاشوافى ظل الديمقراطية والليبرالية الغربية, ولكنهم ظلوا على عدائهم لنظم الحكم القمعية فى بلادهم, وبعضهم تحول إلى ممثل لشبكات الجهاد الظاهرة والخفية فى العالم الإسلامى, وقد إستفادو من النظام لاذى يسمح بالتنقل بين جميع دول أوروبا دون قيود, وتدعى بعضى الدراسات أن بعض هؤولاء هاجروا فى الأصل لتنفيذ عملياتهم الجاهدية,واسست هذه الادعاءات فكرتها على أن الهجرة فى الفكر السياسى الإسلامى مرتبطة بالغزو, وأن هؤلاء اعتبروا انفسهم كالمسلمين الاوائل الذين هاجروا من مكة إلى المدينة هربا من بطش الكفار ثم قاموا بغزو مك بعد أن تمكنوا من القدرة على ذلك, وكانت الهجرة والغزو ايذانا بإقامة الدولة الإسلامية,هذه النظرية تبدو بالنسبة لنا غريبة تتردد عن طريق عدد من الباحثين ومراكز الدراسات والمجلات المتخصصة, ويدعى أصحابها أن الجاهديين الاسلاميين فى أوروبا يعتبرون الدول الإسلامية هى مكة الوثنية فى هذا العصر الأن حكومتها نحول دون استيلاء الإسلام السياسى على حكم البلاد, وأن أوروبا دار هجرة مثل المدينة التى يتم تجنيد القوات فيها للغزو والجاد ( ! )

أما الجهاديون المقيمون فى داخل أوروبا فقد اصبحوا مواطنين وبعضهم من أبناء الجيل الثانى والثالث من المهجرين, أى انهم والدوا ونشأوا فى ظل القيام والحضارة الغربية, وبعضهم نت الشباب العاطل, ولذلك فإن لديهم استعداد للعنف, ولا يوجد فاصل بين هذين النوعين من الجهاديين – القادمون من الخارج وحاملو جنسية الدول الأوروبية – وان كان الخارجيون هم المحضرين والمخططين والداخليون هم المتطوعون للتنفيذ, ويقول بعض الباحثين الاوروبيين إن التجنيد بعد 11 سبتمبر أصبح نظميًا واستراتجيا, وتمكن تنظيم القاعدة من إيجاد الصلة التنظيمية مع أنباء الجيل الثانى.

وبناء على هذه النظرية الساعية إلى تعميق العداء للمسلميين فى أوروبا فإن أصحابها يطالبون الدول الأوروبية بتشديد أجراءات الأمن على الحدود والتضييق على المهاجرين المسلمين همومًا بادعاء أن تنظيم القاعدة ينجح دائمًا فى التسلل بعناصره فى صفوف هؤلاء المهاجرين, وأن استراتجية القاعدة تعتمد الآن على عناصرها الاجنبية المتسللة أكثر من اعتمادها على الخلاية النائمة فى داخل أوروبا, كما كانت تفعل من قبل والقاعدة تعمل على جنيد وأعداد عناصر من الإسلاميين المقيمين فى أوروبا,وبعد ذلك يسهل نقلهم إلى الدولة الهدف أى الةلايات التمحدة التى تسمح بدخولها بدون تأشيرة لمن يحمل جواز سفر أوروبيا. هكذا يعمقون العداء والخوف من الإسلام والمسلمين فى أوربا ويرون أنها تأخرت كثيرًَا فى أتخاذ إجراءات صارمة مع المسلمين عمومًا.


 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف