الإصلاح الدينى أولاً

فى ثلاثة مقالات متتابعة طالب الدكتر على الدين هلال بإصلاح ثقافى يشمل منظومة القيم واللفكر السائدة فى المجتمع وهى دعوة بالغة الأهمية ومع لك لم تجد استجابة كافية من المرسسات الاجتماعية والثقافية وهكذا تتحول نداءات الإصلاح إلى صحيحات ليس وراءها عمل.


وفى اعتقادى أن الإصلاح الدينى هو نقطة البداية للإصلاح الثقافى والغصلاح الاجتماعى والإصلاح السياسى أيضًا. لأن الاضطراب والفوضى فى الفكر الدينى وصلاً إلى الذروة بين فكر الإرهاب من ناحية وفكر الخرافة والشعوذة وشطحات الدراويش من ناحية أخرى والفتاوى الصادمة للعقل ولطبيعة العصر وللذوق العام وللفكر السليم وبين المتخصصين فى النبش فى الكتب القديمة بحثًا عما غيها من الغرائب والأساطير والإسرائليات والأحاديث الموضوعة والضعيفة أو الاستشهاد بالأحاديث الصحيحة فى غير سياقها التاريخى.. إلى آخر ما فى الكتب  الصفراء. ولقد تكررت الدعوة إلى ضرورة تنقية هذه الكتب الصفراء وإعادة النظر فيها بمناهج العقل والنقد العلمى وللأسف لم تتحرك أية مؤسسة أو جامعة للقيام بهذه المسئولية لإعادة التوازن والصواب إلى العقل المسلم. ولا بد أن نتذكر أن الجماعات التى أصدرت فتاوى القتل والتكفير بررت ذلك بما وجدته فى الكتب القديمة من أحاديث وتفسيرات وأقوال وفتاوى ثم قامت أخيرًا بالمراجعات الفقهية وعدلت فيها عن موقفها وأسست هذا التراجع أو المراجعة أيضًا على أحاديث وتفسيرات وأقوال وفتاوى مما يدل على أن فى كتب التراث كثيرًا من الآراء تقود إلى الضلال وإلى الصواب وأن الأمر يستلزم إعادة دراستها دراسة نقدية تبين ما فيها من الأخطاء وسوء الفهم وتقدم ما فيها مما يتفق مع دعوة الحق والإسلام الصحيح.


الإصلاح الدينى يبدأ بإيضاح الفرق بين الإسلام كما مصادره الأصلية والإسلام كما فهمه ناس فى عصور مختلفة ساد فى بعضها الجهل واضمحلال الفكر والخلط بين من دخلوا الإسلام وفى قلوبهم وعقولهم آثار الديانات التى كانوا يعتنقونها من قبل فأعطور للنصوص الإسلامية تفسيرات ومفاهيم ثقافتهم الأصلية ليست صحيح الإسلام إلى جانب هؤلاء أضاف ذوو النيات الحسنة إلى الإسلام من عندهم ما حسبوا انه خدمة للإسلام ومع كل هذا الخليط كان هناك من دخل الإسلام من باب طالتقية" بعدأن اصبح لهذا الدين ولإهله إمبرطورية ونفوذ كبيران وهؤلاء دسوا فى ثنايا كتبهم عن قصد الكثير من الضلال والتضليل مما نشكو منه اليوم وبحسن نية قام بعض فى عصرنا بإحياء هذه الكتب وإعتبرها مراجع معتمدة يستشهد بها فى الفتوى. وقد بذل علماء كبار جهودهم لكشف الأخطاء والسموم المدسوسة فى الكتب القديمة. ومن هؤلاء الشيخ محمد حسين الذهبى – رحمه الله – والدكتور محمد أبو شهبة وغيرهما ومنهما نعرف أن الإسلام تعرض لمؤامرة تسمى فى العصر الحديث "تدمير العدو من الداخل" قام بها من يدعون الدفاع عن الإسلام وهم فى الحقيقة كانوا يبذرون بذور الفتنة.


يضاف إلى ذلك أن المجتمعات الإسلامية تنتشر فيها "الأمية الدينية" التى تجعل الناس الطيبين يصدقون كل من يقول لهم.. قال الله وقال الرسول.. ولا بد من حركة إصلاح قوية تواجه هذه الانحرافات وتنير وتصحح وتتصدى بقوة لكل دعوات الضلال والتضليل باسم الإسلام.. وإذا نجحنا فى ذلك نكون قد وضعنا الأساس السليم للإصلاح الثقافى وللإصلاح الاجتماعى بل وللإصلاح السياسى أيضًا مما يدعو أهل الرأى والعلم إلى أن يتجمعول على قلب رجل واحد ليعملوا على حماية الإسلام, ولا بد أن يشارك فى ذلك قادة الرأى والمثقفون لإنقاذ المجتمعات الإسلامية من الفكر السطحى والهمجى الذى تسلل من مصادر غريبة لكى يفسد العقيدة والشريعة والعقل المسلم ويسىء إلى صورة الإسلام والمسلمين فى العالم ويستعدى الآخرين ويحرضهم على الإعتداء على المسلمين بأدعاء محاربة الإرهاب.


 




 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف