قضايا الفقر والفقراء
مؤتمر كبير عُقد فى القاهرة من أيام اجتمع فيه وزير التضامن الاجتماعى مع وزراء سابقين وخبراء وأساتذة جامعات لمناقشة موضوع "الفقر والفقراء".
لم يكن المؤتمر مؤتمرًأ سياسيًا يتبادل فيه المشاركون الخطب والوعود، ولكنه كان مؤتمرًا علميًا رفيع المستوى.. عرض الدكتور منصور مغاورى مستشار المركز نتائج دراسته عن مؤشرات الفقر فى جلسة برئاسة الدكتور أحمد جويلى.
الدراسة شملت 118 مركزًا فى 11 محافظة تبين منها أن خمس عدد السكان فى هذه المحافظات تحت خط الفقر وفقًا للمعايير التى وضعها البنك الدولى مع وزارة التخطيط فى مصر. كما تبين أن نسبة الفقر فى محافظات الصعيد أعلى من الوجه البحرى، وأن أكثر المناطق فقرًا فى مصر فى مركز سوهاج، حيث يعيش 35% من السكان تحت خط الفقر، أما نسبة الأطفال المحرومين من التعليم الابتدائى فى مصر فإنها تبلغ 13% وهؤلاء هم فقراء المستقبل، ونسبة الأطفال ناقصى الوزن ممن هم أقل من خمس سنوات 6.5% وفى مركزالنوبارية 17%، وفى مركز أبو حمص 16% وهما من مراكز محافظة البحيرة، وهذا مؤشر على سوء التغذية بين الأطفال وهؤلاء هم مرضى المستقبل. ومتوسط نسبة الأسر التى تتسرب مياهها غير آمنة 9.5% وتبلغ فى مركز بنى سويف 26.5% وهؤلاء هم نزلاء معهد السرطان فى المستقبل. ونسبة الأسر المحرومة من الصرف الصحى الآمن 13% وأعلى نسبة فى محافظة الجيزة وخاصة مركز الصف وساقلته.
وعرض الدكتور أسامة عبد البارى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق نتائج دراسته عن رؤية الفقراء لواقعهم الاجتماعى، وكانت أبرز الشكاوى تدور حول قلة الدخل، وعدم صلاحية المسكن، وعدم وجود دورة مياه مناسبة، وسوء التهوية، والمشكلات الأخلاقية بين الأبناء نتيجة ضيق المساكن، وحدوث سرقات بين الجيران لتداخل المساكن وسهولة دخو لالشبان للسرقة. وقال 45% من أفراد العينة أن الفقر هو الدافع للجريمة ومخالفة القانون، ولم يكن غريبًا أن قال 40% من إجمالى العينة أنهم يشعرون بالحقد تجاه الأغنياء زوال النعمة عنهم مبررين ذلك بأن الأغنياء لديهم ما يزيد على احتياجاتهم ولا يساعدون الفقراء الذين يعجون عن توفير ضروريات الحياة. وقال 77% أنهم لا يشعرون بجدوى مشاركتهم فى الانتخابات لأنهم مشغولون بلقمة العيش والسياسة لا توفر لهم لقمة العيش، وقال أنه السياسيين لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية فقط.
وعن قياس الارتباط بين الفقراء والشعور بالانتماء للبلد أكد 48% ‘جمالى العينة أن شعورهم بالانتماء يتوقف على ما يوفره البلد لهم من المتطلبات الأساسية لحياتهم وشاركهم 18% آخرون، ولكن بصورة نسبية، مما يدل على أن تحسين أوضاع الفقراء له تأثير كبير على الأمن القومى خاصة مع تزايد أعداد الفقراء وتردى أوضاعهم الاجتماعية الاقتصادية.
ويعلق الدكتور أسامة عبد البارى على ذلك بقوله: "من أين يأتى الانتماء مع غياب الضروريات؟". وعن المقولة التى تربط بين إن كان تقبل الفقير لأى أفكار هدامة أو ضارة بالمجتمع أشار 38% من العينة إلى إمكان ذلك.
ماذا يقترح الفقراء لحل مشكلة الفقر؟
أشار 27.5% من العينة إلى أن التزام الأغنياء بأداء فريضة الزكاة للفقراء هو الحل الأول لعلاج المشكلة، لأن عدم الالتزام بالقيم الدينية التى تحض على قيام الغنى بمسئوليته عن رعاية الفقير أدى إلى الخلل فى نظام التكافل الاجتماعى، وقال 44% من العينة أن الهجرة الخارجية هى الحل وعبروا عن عدم ثقتهم فى إمكان وجود فرصة أمام الفقراء لتجاوز أزمتهم، وقال 19% من العينة أن تعليم الأبناء يساعدههم على تحسين أوضاعهم، وأشاروا إلى صراع الفقراء فى سبيل تعليم أبنائهم لضمان مستقبل أفضل لهم.
ماذا سيفعل الوزير والحكومة بعد أن قدم المؤتمر خريطة كاملة لمواقع الفقر والفقراء واقترحات للعلاج؟ هذا هو السؤال الذى لا نستطيع المغامرة بالإجابة عنه!