مسلمو أوروبا الغاضبون

نجح اللوبى الصهيونى فى أمريكا وأوروبا فى نشر القلق من إمكانية تسلل الإرهابيين الإسلاميين عبر الحدود متخفين وسط المهاجرين غير الشرعيين‏,‏ أو عن طريق المجاهدين الذين يحملون جنسية إحدى الدول الأوروبية‏,‏ ويسمح لهم بالتنقل عبر حدود دول أوروبا ودخول الولايات المتحدة بدون تأشيرة‏.

وبالحاح إعلامي وسياسي غريب استطاع هذا اللوبي القوي المنظم اقناع حكومات وجماعات من النخبة السياسية والمفكرين في أوروبا وأمريكا بأن شبكات الجهاد منتشرة في أنحاء أوروبا من بولندا إلي البرتغال وداخل امريكا‏,‏ نتيجة لتغلغل ما يسمونه الإسلام الراديكالي بين مجموعات من الشباب من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين‏.‏ وأن هؤلاء منتشرون في المقاهي في روتردام وكوبنهاجن‏,‏ وفي المساجد في هامبورج وبروكسل‏,‏ وأكشاك بيع الكتب الإسلامية في برمنجهام‏,‏ أو في السجون في مدريد وميلانو‏,‏ وأنهم مقتنعون بضرورة الجهاد ضد الغرب‏.‏

وفي هذا المناخ السائد لدي قطاعات من الرأي العام والنخبة في أوروبا وأمريكا ليس غريبا أن تظهر الرسوم المسيئة للإسلام وللرسول في الصحف الدنماركية والسويدية والايطالية‏,‏ وأن تخصص شبكات للتليفزيون في أمريكا للهجوم علي الإسلام‏,‏ وأن يعلن بابا روما كراهيته للاسلام وللرسول بعبارات صريحة ويرفض الاعتذار عنها لأنها لم تكن سوي تكرار لما سجله في كتاب من تأليفه قبل أن يتولي منصبه‏,‏ ولم يكن غريبا أن تمنح ملكة بريطانيا لقب سير وهو أعلي لقب في البلاد للكاتب الهندي الأصل سلمان رشدي الذي كان مسلما وارتد وكتب روايته الشهيرة آيات شيطانية التي وجهت أقذع الاهانات للإسلام وللرسول الكريم وزوجاته وبناته‏,‏ وتبعها بمقالات قال فيها إن الإرهاب نابع من طبيعة الدين الإسلامي ذاته وليس طارئا علي المسلمين لظروف سياسية أو اجتماعية‏,‏ ولم يكن غريبا أيضا أن تتحمل الحكومة البريطانية تكلفة حمايته التي تبلغ‏10‏ ملايين جنيه استرليني‏,‏ وهكذا يتم تكريم من يسيء إلي الإسلام‏,‏ مع أن الحكومة البريطانية أوقفت عرض مسرحية تسيء إلي عقيدة السيخ‏..‏ وفي فرنسا وألمانيا والدنمارك وهولندا وغيرها مجموعات تشيع أن الاسلام خطر علي دول وحضارة الغرب ويطالبون بمنع هجرة المسلمين‏,‏ وتنشر الصحف من حين لآخر أنباء الاعتداء علي المسلمين ومساجدهم والتمييز ضدهم في الوظائف وفرص العمل‏,‏ وعلي الرغم من ان اتفاقية انشاء المحكمة الأوروبية في ستراسبورج تلزم الدول والمؤسسات باحترام المقدسات الدينية‏,‏ ولكن الخوف يمنع الجمعيات الإسلامية من اللجوء إلي هذه المحكمة لإدانه حملات التشويه والاساءة إلي عقائد ومقدسات المسلمين‏.‏ وفي هذا السياق وجدنا عضو الكونجرس الأمريكي المرشح الجمهوري للرئاسة توم تانكرويدو يعلن أنه يعتقد أن حدوث هجوم إرهابي نووي من المسلمين علي الأراضي الأمريكية مسألة وقت‏,‏ وأن الوسيلة لمنع هذا الهجوم من الإرهابيين الإسلاميين هي التهديد بالرد بقصف أقدس الأماكن الإسلامية في مكة والمدينة بالأسلحة النووية‏.‏ وقد علق علي ذلك المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية بأن تانكرويدو يحاول بهذا التصريح الأخرق كسب أصوات المعادين للإسلام والمسلمين في أمريكا مما يفيد بأن هؤلاء المعادين للمسلمين والإسلام قوة يحسب لها حساب‏!‏


وتتحدث الصحافة الأوروبية كثيرا عن الخطر الإسلامي بعد أن أصبح عدد المسلمين في أوروبا اكثر من‏20‏ مليونا وفي الولايات المتحدة‏4‏ ملايين ونسبة المسلمين‏7%‏ من سكان فرنسا‏,‏ يليها هولندا‏,‏ وألمانيا‏,‏ والدنمارك‏,‏ والسويد‏,‏ وبريطانيا‏,‏ وايطاليا‏,‏ وتتوقع تقارير الاستخبارات الأمريكية ان يتضاعف عدد المسلمين في أوروبا في عام‏2025‏ لاستمرار الهجرة وزيادة معدل المواليد بين المسلمين وتزايد اعداد معتنقي الإسلام‏.


نتيجة لهذا الشعور السائد تجاه المسلمين‏,‏ فإن جانبا غير قليل من المسلمين في أوروبا وأمريكا يشعرون بالقلق والغضب‏,‏ لأن المهاجرين المسلمين الذين هاجروا إلي أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية هم الذين أسهموا في إعادة بناء ما هدمته الحرب وعملوا في الأعمال الشاقة‏,‏ وقد خدم الجزائريون في فرنسا‏,‏ والمغاربة في اسبانيا‏,‏ والأتراك في ألمانيا‏,‏ والباكستانيون في بريطانيا باخلاص لم ينكره الأوروبيون بالأمس ولكنهم يتنكرون له اليوم‏.‏


هذه هي المشكلة التي يجب أن تكون موضع اهتمام الحكومات والمنظمات الإسلامية والجامعة العربية ضمن قضايا الحوار التي يدعونا إليه الغرب‏.


 




 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف