ولا يزالون مختلفين!
من الواضح أن الخلاف لن ينتهى أبدًا حول نقل الأعضاء بعد موت جذع المخ بسبب تشدد فريق المعارضين لاعتبار موت جذا المخ أو الموت الاكلينكى هو ابداية المؤكدة للموت ولا عودة بعده للحياة. وهذا فريق لا يزال هو صاحب الصوت العالى، والقادر على قتل قانون نقل الأعضاء فى مجلس الشعب كما فعل فى مجلس الشورى.
الدكتور شريف عزت أستاذ جراحة المخ والأعصاب هو الأعلى صوتًا فى فريق المعارضين، وهو يكرر ويؤكد منذ سنوات إن الين وصلوا إلى مرحلة موت حذع المخ ما زالوا على قيد الحياة. وأن نزع الأعضاء من أجسادهم يمثل جريمة قتل عمد ويرفض القول بأنهم فى مرحلة اللاعودة، والدكتور محمود المتينى أستاذ جراحة الكبد هو الأعلى صوتًأ فى فريق المؤيدين وهو يكرر ويؤكد أن مريض جذع المخ هو جثة فيها قلب ينبض، ودورة دمورية سوف تتوقف حتمًأ بعد قليل، وأن الدول المتقدمة وفيها مراكز البحثوث وأساتذة الطب الكبار تبيح نقل الأعضاء فى هذه الحالات، وهناك 80 دولة فى العالم و13 دولة إسلامية منها السعودية وإيران تجرى فيها هذه العملية منذ سنوات، ولا توجد دولة كبرة أو دولة إسلامية تراجعت عن ذلك. ويؤكد ذلك ما يذكره نقيب الأطباء الدكتور حمدى السيد من أن القول بأن القلب ينبض مع موت جذع المخ يعنى أن هذا الإنسان ما زال حيًا أو يحتمل أن يعود إلى الحياة يتعارض مع الحقائق العلمية ومع ما نراه فى الواقع، حيث لم يحدث أن عاد مثل هذا الإنسان إلى الحياة. والمسألة إم كل عضو فى الإنسان له عمر محدد بعد موت جذع المخ، فالقلب يموت بعد 5 دقائق من موت جذع المخ، والكلى تموت بعد نصف ساعة من توقف القلب، والجلد يموت بعد 24 ساعة من موت القلب، والعظام تموت بعد 12 ساعة، وصمام القلب يموت بعد 24 ساعة، وهكذا فإن هناك فرقًا بين حياة الأعضاء وحياة الإنسان، فعندما يموت المخ يموت الإنسان وتبقى أعضاؤه حية بعض الوقت، والدليل على ذلك أن الإنسان فى حالة موت المخ لا يتنفس ولكنه يوضع على جهاز التنفس الصناعى، وهذا الجهاز هو الذى يتنفس وليس الإنسان، وإذا نزعنا جهاز التنفس الصناعى تنتهى مظاهر الحياة فى الأعضاء.
الدكتور محمد غنيم وهومن أشهر الجراحين العالميين فى نقل الكلى يرى أن تحديد موت جذع المخ لم يعد مشكلة لأن الإشاعة المقطعية والرنين المغناطيسى يحددان الحلة بدقة لا تقبل الخطأ. ويبدى دهشته لأن الذين يعترضون على نقل الأعضاء من حالات موت جذع المخ ى يعترضون على عمليات نقل الكبد للمصريين من موتى جذع المخ فى الصين، فهل نقل الكبد، والقلب فى الصين والولايات المتحدة حلال لأغنياء ونقلهما للفقراء فى مصر حرام؟ وهل موتى جذع المخ موتى عندهم وعندنا ليسوا كذلك؟
نبهنى كثيرون إلى آراء كبار علماء الدين، مثل الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق الذى يرى أن نقل الأعضاء فى حالة موت جذع المخ حرام أن الإنسان فى هذه الحالى ليس ميتًا، ولا يعتبر الإنسان ميتًا إلا بعد توقف القلب وتيبس الأعضاء ولكن موقف الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر الحالى على العكس، فهو يرى أن نقل الأعضاء فى هذه الحالة حلال، ولا يعتبر إيذاء للميت بل فيه ثواب عظيم وهو من باب الصدقة الجارية، وكذلك موقف الدكتور منيع عبد الحليم محمود الأستاذ بجامعة الأزهر، ويقول إذا كان الإنسان سيموت حتمًا ويأكل الدود أعضائه فالأولى أن ينتفه بها إنسان آخر لإنقاذ حياته وفقًأ للقاعدة الشرعية "إنما وجدت المصلحة فثم شرع الله". والمجمع الفقهى فى السعودية سبق أن بحث ههذ القضية منذ سنوات وأجاز نقل الأعضاء من موتى جذع المخ، وتجرى فى السعودية منذ سنوات عمليات نقل القلب والرئة والكبد والبنكرياس بنجاح، ويتم بذلك إنقاذ حياة مرضى على شفا الموت وأمامهم فرصة للحياة بأعضاء آخرين ليس أمامهم فرصة للحياة.
ومع كل ذلك لا يزال الخلاف مستمرًا.
والمفروض أن يكون لكل خلاف نهاية.
أ