شعب خلف الأسوار!

ما تردده الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية عن الإرهاب الفلسطينى بتجاهل عن عمد أحوال البؤس وخيبة الأمل والشعور باليأس التى يعيش فيها الشعب الفلسطينى نتيجة لعدم وجود أفق سياسى أو أمل فى الإنفراج مما يدفع بعض الشباب إلى التضحية بأرواح بشرية، بما فيها أرواحهم أملاً فى أن يتحرك الضمير العالمى لإنقاذ هذا الشعب ممما هو فيه.. ولا أحد فى الإدارة الأمريكية يتحدث عن بشاعة عمليات القتل والقذف ضد المدنيين وتدمير المرافق الأساسية ومصادرالأراضى واقتلاع الأشجار وهدمالبيوت والحصار العسكرى والاقتصادى وإغلاق المعابر، وهذه بعض مظاهر الإرهاب الإسرائيلى المسكوت عنه!


وتعلم الإدارة الأمريكية أن إسرائيل وضعت 703 حواجز عسكرية داخل الأراضى الفلسطينية وحولها، وأغلقت سوق العمل أمام الفلسطينيين فى إطار حرب التجويع، وصادرت مساحات كبيرة جدًا من الأراضى، ذلك يبدو قليلا بالمقارنة بالآثار الناتجة عن جدار الفصل العنصرى الذى أقامته إسرائيل فى ظل الصمت – بل الرضا – الأمريكى.


فى تقرير للباحث الفلسطينى داود الديك أن هذا الجدار الذى بدأت إسارئيل إقامته عام 2002 ألحق أضرارًا فادحة وتدميرًا هائلاً للبنية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى سبيل المثال ألحق الجدار أضرارًا بثلاثة وخمسين تجمعًأ فلسطينيًا تضم أكثر من 142ألف نسمة، ودمر 83 ألف شجرة زيتون وفوكه و37 كيلومتر من شبكات الرى و15 كيلو متر من الطرق الزراعية، وتسبب فى عزل 284 ألف دونما. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الجدار يعرقل – ويمنع – تقديم خدمات العلاج والتعليم فى المناطق المحصورة والمحاصرة، ويفرض قيودًا على حرية حركة المواطنين والمزارعين والبضائع والعاملين فى الخدمة العامة.

أما الآثار الاجتماعية والتنموية لجدار الإرهاب الفلسطينى فيحصرها داود الديك فى قائمة طويلة منها: ضرب النسيج  الاجتماعى، وتراجع التعليم ومعدل الالتحاق بالمدارس، وكذلك تراجع مستويات الخدمات الصحية، وصعوبة الوصول إلى مصادر المياه، وإنتشار البطالة، وزيادة حدة الفقر والحد من حرية الحركة، وتجزئة الأرض الفلسطينية إلى أجزاء غير متصلة، وتدمير قطاع الزراعة ومنع التصدير، وهدر فرص الاستثمار، واستنزاف الموارد الطبيعية والاقتصادية والبشرية.


هكذا يعيش الشعب الفلسطينى فى ظل سياسة الإخضاع، والتبعية الكاملة "الاقتصاد الفلسطنى رهينة للإجراءات الإسرائيلية البالغة القسوة – الاسيتراد والتصدير وتحويل الأموال والسفر للخارج خاضعة لسلطات الاحتلال وسبق أن قطعت الحكومة اللإسرائيلية التيار الكهربائى عن قطاع غزة بالكامل ضمن سياستها الخاصة والعقاب الجماعى للشعب الفلسطينى" ونتيجة لذلك حدثت تشوهات فى هياكل الإنتاج، وفى سوق العمل، وفى العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجى وخصوصًا مع البلدان العربية وحتى مع إسرائيل أيضًا، وتشوهات فى الموارد المالية، وفى المرافق العامة والبنية التحتية.

ولا يمكن توصيف الحافة إلا بأنها عملية تدمير منهجى لمقاومة الحياة الأساسية للشعب الفلطسنى بأكمله.

حتى وصل الأمر إلى اعتماد المؤسسات الفلسطينة الرسمية والأهلية على التمويل الخارجى، بعد انكشاف المجتمع وتدمير القدرات الذاتية.

يقول التقرير أن حالة التدهور التى سببها الاحتلال أدت إلى خلخلة أدوار المؤسسات المجتمعية: العائلة، والأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدنى، والمؤسسة الدينية، وهذا ما يؤدى إلىالفوضى والانفلات الأمنى، وماذا يمكن توقعه فى مجتمع يقع 85% منه تحت خط الفقر والحرمان من حقوق الإنسان الطبيعية، ويعانى من القهر فى كل لحظة لأن كل شئون حياته – بل أن حياته وقتله – رهن بقرارات وإجراءات سلطات الاحتلال.

ومن المضحك – المبكى – أن الولايات المتحدة تتحدث فى المحافل الدولية عن ضرورة نشر حقوق الإنسان والديمقراطية فى أنحاء العهالم فيما عدا الشعب الفلسطينى – وتتحدث عن حق كل شعب فى التنمية ككجزء لا يتجزأ من عملية الحراك للوصول إلى التحرك الإنسانى بمعناه الشمولى، وتننكر – أو تنكر – حق الشعب الفلسطينى فى التنمية والديمقراطية.


و يا ضمير العالم.. أين أنت؟!


 




 أ

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف