مع البروفيسور عبد الجبار



فى شنغهاى ألتقيت بأستاذ ومفكر كبير له مكانة كبيرة فى الحياة الثقافية فى الصين, هو البروفيسور "تشو وى ليه" مفرع باسم "البروفيسور عبد الجبار" وهو مستعرب يجيد اللغة العربية أجادة مذهلة تشعرك بأنك تتحدث مع واحد من جيل طه حسين والعقاد, وتزول الدهشة عندما تعرف أنه عضو فى مجمع اللغة العربية فى مصر ودمشق, ويزور مصر والعواصم العربية كثيرًا, وله أصدقاء من كبار المثقفين فى أنحاء العالم العربى.


والبروفيسور عبد الجبار درس فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة عامى 1978م 1980 بعد أن تم دراسته فى قسم اللغة العربية بكلية اللغات الشرقية بجامعة بكين, وبعدها عمل مدرسًا للغة العربية وآدابها بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية,ثم رئيسًا لمركز بحوث اللغة العربية والحضارة الإسلامية, قم وكيلاً لكلية الدراسات العربية, قم رئيسًا لأكاديمية العلوم الاجتماعية ومائبًا لرئيس جمعية الدراسات الشرق أوسطية الوطنية ورئيسًا للجنو التوجيه لتدريس اللغة العربية فى وزارة التعليم, ونائبًا لرئيس جمعية الدراسات الدولية فى شنغهاى, وأخيرًا أصبح عضوًا بالمجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن.


كل هذه المناصب يجمع بينها البروفيسور عبد الجبار ويضيف إليها بإنجاز مشروع كبير لترجمة الأدب والفكر العربى إلى اللغة الصينية, وله عشرات الترجمات تملأ قائمة كبيرة جدًا, منها رحلات أبن بطوطة, وبين القصرين وألف ليلة والكرنك لنجيب محفوظ, ورد قلبى ليوسف السباعى, وسنة أولى حب لمصطفى أمين, والأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران, والأفيون ليوسف الشارونى, وفنون الشرق الأوسط للدكتورة نعمت إسماعيل علام, وتاريخ المغرب العربى للدكتور سعد زغلول عبد الحميد, وتاريخ الأدب العربى فى العصرالحديث, وعالمية الإسلام للدكتور شوقى ضيف.. وكتب أخرى كثيرة عجزت عن حصرها, وقال لى أن المثقفين فى الصين يفبلون على قراءة الإنتاج الثقافى العربى القديم والحديث بشغف كبير, وهو أيضًا رئيس تحرير مجلة العالم العربى التى تنشر ترجمة لمقالات ودراسات عربية فى مختلف المجالات.


وفى حوار طويل معه فى شنغهاى, وتكرر أثناء زياراته للقاهرة, قال لى إنه يتمنى أن تتم ترجمة المزيد من الكتب العربية إلأى الصينية, وأن تهتم الدول العربية بترجمة الكتب الصينية, وأن تكون هناك لقاءات دورية بين المفكرين والمثقفين فى البلدين فى إطار حوار الحضارات الذى يجب ألا يقتصر على تمثل الحضارة الآسيوية والعربية قوة نامية, ولها جذور ممتدة فى التاريخ, وهى الأقرب فى تكوينها الثقافى والاجتماعى وإذا قوى التعاون بينها فسوف نختصر الزمن ونحقق التنمية والتقدم بتكامل المعرفة والخبرات فيما بينها, خاصة أن هذه الدول لا تحتكر المعرفة لا تعرقل نمو الدول الأخرى كما يفعل الغرب.


وقال لى إن مدينة شنغهاى تعتبر من أكبر المراكز الثقافية والعلمية فى الصين انفتاحًا على العالم, ومفكروها وجامعاتها أكثر تحررًا, ويمثلون قوة للتغيير فى الصين تشمل الفكر والقيم والسلوك مع احرص على الاحتفاظ بالهوية الصينية وحمايتها من الذوبان فى تيار الغرب باسم العولمة, ولذلك فإن جامعات شنغهاى مهتمة بدراسة وبلورة سياسة الانفتاح الاقتصادى السياسى لتفادى آثارها السلبية, وترشيد التوجه إلى تحرير الاقتصاد لضمان الحفاظ على المصالح الوطنية, وحماية الفقراء من الانسحاق بعجلة الرأسمالية الناشئة, وفى الوقت نفسه فإن جماعات الصين ترصد التغيرات الكبرى فى المفاهيم السياسية والاستراتيجية وإنعكاسات التقدم التكنولوجى فى الغرب وإحتكار الدول الكبرى لأسرار التقدم العلمى, وما استجد فى العلاقات الدولية من إستباحة الدول الكبرى للتدخل من الشئون الداخلية للدول الصغرى.


 


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف