تقرير اجتماعى عن العراق

يبدو أن الصورة الحقيقية للمجتمع العراقى الآن ليست مكتملة بتفاصيلها وقد كشف الباحث الاجتماعى العراقى الدكتور كريم محمد حمزة جانبًا مما خفى من الحقيقة فى دراسة له عن مأزق العراق بين دول رخوة وإرهاب مستحكم قدمها إلى المؤتمر الإقليمى العربى الذى نظمه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجامعة العربية, والدكتور كريم أستاذ ورئيس قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة بغداد وخبير فى وزارة العمل والشئون الاجتماعية, مما يعنى أن دراسته معتمدة على أكبر قدر من المعلومات التى يمكن التواصل إليها.


الدولة العراقية الغزو الأمريكى, دولة "رخوة" انتشر فيها الفساد والرشوة, ومؤسساتها مشلولة وغير قادرة على تحقيق الحد الأدنى من مسئولياتها وإلتزاماتها, وهى تحت ضغط الاحتلال الدائم عليها لكى تعمل على تحقيق أهدافه, ويعمل الاحتلال على أن يصاب العراقيون بالإحباط واليأس من الحصول على أمن أو حتى على ضرورات الحياة الإنسانية, ولهذا انتشرت الجريمة المنظمة, وسلبية موظفى الحكومة وقوات الأمن والخلاصة أن العراق الآن دولة مؤسسات مشلولة لا تملك غير مسمياتها, بينما يزداد الأدلاء بالتصريحات من المسئولين التى تتحدث عن الأمن والتنمية والحقيقة بينما إهتماماتهم فى الحقيقة مقصورة على تحقيق مصالحهم الشخصية, فليس غريبًا أذن أن يلمس الإنسان بسهولة مدى عمق الفجوة بين الشعب والدولة "إن كانت هناك دولة" بينما يلمس بسهولة إعتماد كل مواطن على عشيرته وطائفته, كما يلمس تعود العراقيين على الحياة مع مشاهدة الدم والتقلى بالعشرات كل يوم, إلى الحد الذى جعل الدكتور كريم يصف العراق بأنه تحول إلى ملجأ كبير للأيتام والأرامل والمعوقين والفقراء والعاطلين, وذلك بعد أن تعرض البلد بعد الغزو مباشرة إلى عملية تدمير منهجية شملت محطات الكهرباء والمياه والصرف الصحى والجسور والطرق ومبانى الوزارات فيما عدا وزارة النفط التى حرصت قوات الاحتلال على حمايتها والإستيلاء على وثائقها, كما شمل التدمير المستشفيات والمتاحف "وخصوصًا المتحف الوطنى الذى كان يحفظ للذاكرة والوطنية تاريخ العراق وأمجاده. ولم تسلم من التدمير دور الأيتام, ولا المكتبات, ولا وثائق الدولة والأرشيف الوطنى.. وباختصار أصبحت مقومات إلى ما قبل التأسيس الرسمى للدولة عام 1921.


عدد القتلى من الصحفيين العراقيين – وفقًا لنقابة الصحفيين العراقيين – بلغ 112 صحفيًا وصحفية, وعدد الذين أختطفوا 29 صحفيًا عراقيًا وأجنبيًا, وذكرت منظمة "صحفيون بلا حدود" أن قتل الصحفيين كان عمدًا, وأن 17 صحفيًا قتلوا بنيران أمريكية.


تجرى عملية منهجية لمصادرة العقل العراقى, وأصبح قتل أساتذة الجماعات حالة شائعة, وقتل معظمهم عند أبواب كلياتهم, ووفقًا لما أعلنه وزير التعليم العالى فإن 127 أستاذًا جامعيًا تم اغتيالهم بينما قدرت اليونسكو العدد بما يزيد


 على 300 من أساتذة الجامعات والعلماء, وبعضهم رؤساء جامعات أو عمداء كليات, أو رؤساء أقسام, ومن الواضح أ، الهدف هو تفريغ العراق من الكوادر العلمية وقد أدى ذلك إلى هجرة 2500 أستاذ وعالم وتخصصات شملت علوم الهندسة, والفيزياء, والكيمياء الحيوية, والإلكتونيات وبذلك أصبح الأمل فى إعادة بناء الدولة صعب التحقيق بدون هذه النخبة التى فقدها العراق.

وبلغ عدد القتلى من الأطباء 150 طبيبًا معظمهم من كبار الأطباء فى التخصصات الدقيقة وتم قتل 15 قاضيًا ممن حكموا فى قضايا الفساد أو الإرهاب, كما تم قتل 21 من المحققين فى هيئة النزاهة.


عملية النهب المنظم لثروات العراق تسير على قدم وساق مع انتشار الفساد, مع ظهور طبقة تجار الحروب والمستفيدين من الكوارث, وانشأت سلطة الاحتلال "صندوق تنمية العراق" على أن تراجع حساباته مؤسسة دولية بموجب قرار مجلس الأمن غير أن هذه المؤسسة لم تمكنها سلطات الاحتلال من مراجعة الحسابات واعترفت المسئولة عن هذه المراقبة بأن مليارات الدولارات التى انفقت منذ الغزو عام 2003 إلى اليوم لا يعرف أحد أين ذهبت. ولا تسأل – طبعًا – أين ذهب البترول وعائداته!

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف