ثقافتنا فى الصين

بعد عودتى من زيارتى الأخيرة للصين تلقيت ترجمة صينية لعدد من كتب الأدب والسياسة التى صدرت أخيرًا فى مصر من بينها كتاب الدكتور حسين كامل بهاء الدين "التعليم والمستقبل" و "الوطنية فى عالم بلا هوية".

وفى هذه الزيارة لمست إهتمامًا كبيرًا بالثقافة العربية من المسئولين عن الثقافة والتعليم والإعلام فى الصين, فقد ترجمت كتب عربية كثيرة فى مختلف المجالات, ويعرض التليفزيون الصينى أفلامًا مصرية ناطقة باللغة الصينية تجد أقبالاً من المشاهدين, كما تزدحم قاعات العرض كلما زارت الصين فرقة مصرية للفنون وقدمت عروضها هناك. ولكن مدير العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزي الحاكم شكًا لى من أن حركة التبادل الثقافى بين البلدين محدودة للغاية ولا تتناسب مع قوة العلاقات السياسية على مستوى القيادة بينهما, والتقارب بين طبيعة الشعبين, وقال: نحن نطالب الدول العربية بوجود أكبر لتعريف الشعب الصينى بثقافتها. وقال أيضًا إن حركة من اللغة الصينية إلى اللغة العربية محدودة جدًا ونتيجة لذلك فإن الصورة الذهنية عن الشعب والمجتمع الصينى فى مصرو العالم العربى مصدرها الكتابات الغربية, وربما يكون فى العالم العربى من لا يعرف أن فى الصين 25 مليون مسلم على الأقل ومئات المساجد والمدارس الإسلامية وبعثة رسمية للحج سنويًا تحت الإشراف الحكومى.


وفى لقائى مع وزير الخارجية "لى جاو شنج" اكتشفت أنه شاعر, وقال لى إننى أتمنى زيادة التبادل الثقافى بين مصر والصين, وهناك مجالات كثيرة لذلك مثل تبادل زيارات الكتاب والفنانين والصحفيين بصفة منتظمة, وترجمة الأعمال الأدبية والفكرية وإقامة ندوات مشتركة هنا وهناك لتبادل الأراء فى موضوعات كثيرة تهمنا معًا.


وقال لى وزير الخارجية: لقد أحببت مصر, وكتبت قصيدة وأنا فى الطائرة أحلق فوق النيل والأهرام, والقصيدة بعنوان: "لا تقلق أيها النيل العظيم" وهى عن مصر والهرم والتاريخ والمستقبل, وقد لحنها موسيقار صينى مشهور وأذعتها الإذاعى الصينية. وقد بعث الوزير إلى بترجمة عربية لهذه القصيدة وفيها: عبر سبعة ألاف عام تهبط الأمواج وتعلو على السطح, ويجرى النيل العظيم واثقًُا إلى الأمام, ينثر الخير على الجانبين.. والحياة تتجدد.. لا تقلق أيها النيل العظيم.. فأنت مثل الزمن لا تنال منك السنون, وأنت مثل الزمن شباب دائمًا لا تعرف الشيخوخة, وأمواجك تتدافع فى سيرها حاملة النوايا الحسنة, وعلى ضفافك يتحرك الناس بحرية وتعيش أنت وهم فى هدوء قرونًا بعد قرون..


وكل من تقابله فى الصين يحدثك عن شعوره بالامتنان لمصر لأنها كانت أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين بعد ثورتها الشعبية وتقيم علاقات دبلوماسية معها, ومواقف الصين متقاربة مع المواقف العربية فى القضايا الإقليمية فى العراق, وفلسطين, وسوريا, والسودان, ويظهر هذا الإتفاق فى وقوف الصين إلى جانب القضايا العربية فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن.


وقد اختار الصين أن يكون إنشاء أول مركز ثقافى لها فى الخارج فى القاهرة, وهو يقوم بدور ملموس فى التعريف بالثقافة الصينية وتعليم اللغة الصينية, كما أن مكتب وكالة الأنباء الصينية فى القاهرة فيه أكبر عدد من الصحفيين الصينيين فى أفريقيا بينما لا يوجد فى الصين سوى صحفى مصرة واحد فى مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط.


ويطالب المسئولون هناك بزيادة حجم المنح للطلبة الصينيين للدراسة فى جامعات البلدين وتنشيط التعاون بين المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث العلمية والمؤسسات الثقافية ويذكرون بالتقدير فى شنغهاى المكتبة التى أنشأتها السيدة سوزان مبارك هناك وزودتها بأعداد كبيرة من الكتب والمراجع العربية يستفيد منها الطلبة. خاصة أن فى كل جامعة فى الصين قسم التدريس اللغى العربية. وقال لى المسئول عن العلاقات الثقافية فى الخارجية أنهم يعتبرون مشروع القراءة للجميع ومكتبة الأسرة ومكتبة الاستكندرية من أعظم المشروعات الحضارية التى تنفذ فى العالم, وأن منظمة اليونسكو كانت محقة عندما قررت منح السيدة سوزان مبارك جائزاتها تقديرًا لهذه الجهد وقررت تعميم هذه المشروعات فى دول أخرى, وقال إنهم يدرسون تنفيذ هذه المشروعات فى الصين.

إن الصين تفتح ذراعتها للثقافة العربية, وتطالب الدول العريبة بالعمل على الوصول بهذه العلاقات الثقافية إلى درجة القوة التى تتميز بها العلاقات السياسية, وليكن حوار الحضارات ممتدًا بين العرب والمسلمين وبين شعوب الشرق أيضًا وزلا يقتصر على محاولات الحوار مع الغرب الذى لا يريد الحوار ويرفع شعار صراع الحضارات ويتبنى نظرية حتمية الصدام.


 


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف