أين الوعد الأمريكى
عندما أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش ما سماه رؤية لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وإقامة دولتين تعيشان علي قدم المساواة في سلام, قيل يومها إن هذا وعد بوش بتحقيق العدالة للفلسطينيين مقابل وعد بلفور الذي فتح الطريق لاغتصاب أرض فلسطين.
وعندما أعلن الرئيس بوش بعد ذلك ما سماه خريطة الطريق شكر له الفلسطينيون والعرب جميعا اهتمامه بإقرار السلام في المنطقة رغم ما في هذه الخريطة من غموض يفتح الباب للاسرائيليين للمراوغة, وما فيها من شروط قاسية علي الفلسطينيين, ورغم التحفظات التي أعلنها شارون والتي تفرغ مشروع السلام من مقومات نجاحه.
وعندما جاء الرئيس بوش إلي شرم الشيخ وشارك في قمة مع قادة مصر والسعودية والأردن وفلسطين, وقال في مؤتمر صحفي أنا جورج بوش أتعهد بالعمل علي اقامة الدولة الفلسطينية بحلول عام2005 رحب العرب جميعا بهذا التعهد وأشادوا بأمريكا قلعة الحريات وأطلقوا علي الرئيس بوش لقب صانع السلام.
وبعد هذا التحرك الذي غذي الأمل في العالم العربي عاد الموقف الأمريكي إلي ما كان عليه, فاستمرت الادارة الأمريكية في الضغط علي الفلسطينيين بمطالب تجردهم من كل عناصر القوة وتتركهم عرايا أمام الدبابات الاسرائيلية دون أن تمارس علي اسرائيل الضغوط بل واجهت بالصمت- وبالقبول والتمويل ـ استمرار إسرائيل في توسيع المستوطنات في الضفة, وبناء السور العازل,
وفرض الحصار علي الشعب الفلسطيني لزيادة الضغوط الاقتصادية والنفسية عليه حتي أصبح من أكثر شعوب العالم معاناة من الفقر والبطالة وظروف الحياة غير الانسانية إلي الحد الذي يدفع عناصر من الشباب ـ وحتي الفتيات والأطفال ـ إلي الانتحار وتفضيل الموت علي حياة اليأس والإذلال.
ومنذ اعلان الرئيس بوش رؤيته وخريطته ووعده حتي اليوم ازدادت أحوال الفلسطينيين سوءا ووجدت اسرائيل الفرصة لقتل كل من تريد قتلهم وهدم البيوت علي من فيها, ولم يحدث سوي الانسحاب من غزة, ويوما بعد يوم يتضح أن شارون أراد اخلاء غزة من الاسرائيليين ليجعل غزة سجنا للفلسطينيين ويسهل تدميرهم.
كان من الممكن أن يكون وعد بوش بداية النهاية للصراع ولكن الادارة الامريكية تعطي لشارون الفرصة لعرقلة التقدم نحو حل أية مشكلة, واختلاق مشاكل جديدة, والمساومة علي التفاصيل دون الاقتراب من المسائل الاساسية.
وأخيرا أعلن الرئيس بوش تأجيل تنفيذ وعده باقامة الدولة الفلسطينية إلي نهاية عام2009 حين تنتهي رئاسته الثانية ويغادر البيت الأبيض, والضوء الأخضر مازال يعطي لاسرائيل الفرصة للقتل, وفي الوقت نفسه فإن قوات الاحتلال الأمريكية ـ في العراق تقوم هي الأخري بعمليات القتل والتدمير, وترفض اعلان برنامج للانسحاب مما يشير إلي نيات بقاء الاحتلال إلي أجل غير معلوم,
وفي نفس الوقت تمارس الادارة الأمريكية الضغوط علي الدول العربية واحدة بعد الأخري, فماذا تنتظر الادارة الأمريكية من الشعوب العربية ألا تشعر بالقلق تجاه النيات الأمريكية خاصة بعد التصريحات المتكررة عن اعادة تشكيل المنطقة؟
هل تلوم الادارة الأمريكية الشعوب العربية اذا تعمق لديها الشعور بان هذه الادارة لاتحترم الحقوق العربية وأنها تتعامل مع الدول العربية وكأنها قطع شطرنج وتريد أن تحركها وفق خطة لتحقيق مصالحها؟!.
وأخيرا جاءت إلي المنطقة السيدة كارين هيوز مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للعلاقات العامة في محاولة, لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي, كيف يمكن تحسين صورة الولايات المتحدة بالزيارات وبرامج التليفزيون والدعاية السياسية اذا كانت المواقف والافعال عكس ذلك, والضمير العربي لايحتمل مايحدث في العراق وفلسطين من قتل وتدمير ومهانة.
هل يمكن أن تدرك الادارة الامريكية معني قول الشاعر العربي القديم هل يستقيم الظل والعود أعوج.