دعوة للمخلصين فقط
أعلن صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي ان مصر حققت تقدما اقتصاديا ملحوظا منذ العام الماضي وأن الانتعاش الاقتصادي سوف يستمر العام المقبل.
وتدل مؤشرات الأداء الاقتصادي إلي حدوث تقدم في معظم المجالات, فقد ارتفع النمو الاقتصادي الي5,2% وزادت الاستثمارات المنفذة بنسبة31% لتصل الي24 مليار جنيه, وزاد الاحتياطي من النقد الاجنبي بمقدار2,6 مليار دولار, وكل ذلك تحقق في ثلاثة أشهر فقط من أول يناير إلي آخر مارس2005 وبلغ نصيب الفرد من الدخل7972 جنيها.
ومن ارقام تقرير متابعة تنفيذ خطة التنمية نلاحظ أن التقدم تحقق في الزراعة والصناعات التحويلية والبترول والكهرباء والاتصالات والسياحة, وأن معدل التضخم انخفض الي4,5% في شهر مارس بعد أن كان قد وصل الي14% في يوليو من العام الماضي, وأن استثمارات القطاع الخاص زادت في الأشهر الثلاثة بمقدار13,5 مليار جنيه لتصل الي30 مليار جنيه خلال9 أشهر, كذلك تدل الارقام علي تحسن ملحوظ في التجارة الخارجية فقد بلغت صادرات السلع الزراعية والمصنعة2169 مليون دولار بزيادة428 مليون دولار عن الفترة المماثلة في العام الماضي, وزادت صادرات البترول الي1,2 مليار دولار بنسبة6% وزادت حصيلة السياحة إلي1450 مليون دولار بنسبة12% وارتفعت تحويلات المصريين في الخارج إلي1,2 مليار دولار بنسبة60% وبلغ الفائض في الحساب الجاري لميزان المدفوعات550 مليون دولار. وزادت التسهيلات الائتمانية من البنوك للمشروعات حتي بلغت الزيادة2,4 مليار جنيه.
هذه الارقام تضاف إليها الاثار الاقتصادية المترتبة علي تخفيض الجمارك وتيسير اجراءاتها وقانون الضرائب الجديد الذي يقضي علي المنازعات والعشوائية والتقديرات الجزافية ويخفف الاعباء الضريبية عن كاهل المواطن بتخفيض الضريبة الي النصف, والمساواة بين الرجل والمرأة في الاعفاءات.. وهكذا تبدو ملامح المرحلة الثالثة من الاصلاح الاقتصادي التي تحدث عنها الرئيس حسني مبارك في مناسبة توقيع قانون الضرائب.
هذه المرحلة الجديدة التي سماها الرئيس الجيل الثالث للإصلاح الاقتصادي تهدف الي الاندماج في الاقتصاد العالمي, وتطوير مناخ الاستثمار, وإزالة التعقيدات البيرقراطية, وتسهيل اندماج الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الرسمي, وذلك بتسجيل المعاملات والأصول الرأسمالية بما في ذلك العقارات, وفض المنازعات بين الافراد والجهات الحكومية, وتوفير700 ألف فرصة عمل سنويا, وفتح مجالات الاستثمار امام القطاع الخاص دون عوائق لتوسيع قاعدة الملكية الخاصة, وتحديث الصناعة والتكنولوجيا, وتطوير الجهاز المصرفي واندماج بعضها في كيانات مصرفية كبيرة, وتطوير اسواق المال.
هذه الخطوط العريضة التي ترسم ملامح المرحلة الاقتصادية الجديدة تحتاج إلي جهود ضخمة من جانب الحكومة لاستكمال منظومة التشريعات والقوانين الاقتصادية الجاذبة للاستثمار والمشجعة علي زيادة الادخار المحلي للمواطن المصري, كما تحتاج إلي مشاركة المواطنين لأن مشاركتهم هي الضمان الأكبر لنجاح السياسات الاقتصادية, ويقودنا ذلك إلي اهمية دور الاحزاب السياسية واجهزة الإعلام والثقافة وصناعة الوعي في المجتمع, فإن عليها ان تصل الي المواطن وتشرح له ما تحقق من انجازات في جميع المجالات نقلت الاقتصاد المصري الي مسار جديد, وحين يدرك المواطن الحقائق ويتعود علي التعامل مع الارقام التي لا تكذب فسوف تزداد ثقته ويشارك بأمواله وعمله وفكره في دعم مشروعات التنمية الكبيرة والصغيرة.
هذه المرحلة لا تحتاج إلي اجترار الشكوي مما كان من مشكلات وسلبيات ولكنها تحتاج إلي تطلع الي المستقبل, والتحرك الي الامام, بروح التفاؤل والامل, فكل خطوة الي الامام تتبعها خطوة أخري وخطوات, والمهم الا يتوقف السير نحو الامام, ولا نستسلم لدعوات الاحباط أو دعوات الرجوع الي الخلف.
والإصلاح الاقتصادي ليس من مسئولية الاقتصاديين وحدهم, بل هو مسئولية السياسيين كما هو مسئولية المواطنين جميعا دون استثناء, الصغار والكبار... الأغنياء والفقراء... فالجميع مدعوون للعمل كل بقدر طاقته, وكل عائد للتنمية سيعود علي الجميع بصورة مباشرة أو غير مباشرة, ولقد طرح الرئيس مبارك عدة أفكار اساسية في كلمته يجب التوقف عندها بالشرح والتحليل لكي تصل بوضوح وبساطة إلي كل المواطنين...