أيدلوجية الكراهية
كتبت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية مقالا في صحيفة واشنطن بوست يدور حول ثلاث نقاط:
الأولي: أن أمريكا تهدف إلي محاربة أيديولوجية الكراهية في منطقة الشرق الأوسط, دون أن تحدد كراهية ماذا أو كراهية من, ودون أن تبحث أسباب هذه الكراهية!
والثانية: أن غياب الحرية في دول المنطقة يمثل التربة الخصبة لهذه الايديولوجية, والثالثة أن الديمقراطية ليست من تقاليد الشرق الأوسط.
ويبدو أنها لم تجد من ينصحها بقراءة قول السيد المسيح: لماذا تري القذي في عين أخيك ولاتري الخشبة التي في عينك؟ ولو نظرت كوندوليزا رايس إلي مافي الادارة والمجتمع الأمريكي ـ كأستاذة علوم سياسية وليس كوزيرة خارجية ـ فسوف تجد أن ايديولوجية الكراهية بضاعة أمريكية يتم الترويج لها ونشرها في المجتمع الأمريكي, كما يتم تصديرها إلي منطقة الشرق الأوسط, وربما تجد أنها تمثل السياسة الأمريكية في هذه الفترة.
ولاداعي لتكرار الإشارة إلي أن الولايات المتحدة هي التي انشأت المدرسة التي أعدت اجيالا من الارهابيين في أفغانستان, وساعدت تنظيم طالبان علي الوصول إلي الحكم, ودعمت تنظيم القاعدة وزعيمه اسامة بن لادن. ولاداعي لتكرار الحديث عن دور المخابرات الأمريكية في تمويل وتسليح وتدريب هؤلاء الإرهابيين, وفي احتضان الشيخ عمر عبد الرحمن ومئات غيره ثم حاربتهم بعد ذلك عندما انقلب السحر علي الساحر.
ولكن الدواعي كثيرة للاشارة إلي ما ذكرته شبكة سي.إن.إن في موقعها علي الانترنت في أول ديسمبر الحالي من أن عدد المعتقلين العراقيين في السجون والمعتقلات الأمريكية يبلغ12 ألف سجين, وأن هذه المعتقلات والسجون لاتنطبق عليها المعايير الدولية, كما أعلن ذلك المتحدث باسم القوات الأمريكية في العراق, وموقف أمريكا مما يحدث للفلسطينيين الذي قال عنه كوفي آنان الأمين العام للأمم المتحدة أنه ليست هناك معاناة أشد من معاناة هذا الشعب حيث القتلي بالآلاف, ويعانون من احتلال قاس طويل يمارس العقاب الجماعي والقوة العسكرية المفرطة. هل تحركت أمريكا لمحاربة ايديولوجية الكراهية هذه؟ وهل دافعت عن الحق في الحرية للشعب الفلسطيني وهي بلد الحرية أم أنها تؤيد هذه الايديولوجية وتدعمها وتمولها, وتقف مدافعة عنها؟
وهل الحملة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين في أمريكا تدخل ضمن هذه الاستراتيجية التي تحدثت عنها؟ وهي بالقطع تعلم ماسبق أن كرره كولن باول وزير الخارجية الأسبق من أنه مازال في أمريكا الكثير من البلبلة حول الاسلام وأنه أستمع إلي قصص كثيرة عن معاناة المسلمين في أمريكا وقوله: انني أنا ايضا أحد أبناء الاقليات وقد عوملت في حياتي كذلك علي أساس الصورة النمطية للسود!
وهل تجهل البروفيسور ـ كوندوليزا رايس ـ أستاذة العلوم السياسية ـ ماجاء في الدراسة الشهيرة التي قام بها البروفيسور ـ جاك شاهين الأستاذ في الجامعات الأمريكية والتي استغرق اعدادها عشرين عاما عن تحليل مضمون الكتب المدرسية والكتب السياسية والأدبية, وبرامج الاذاعة والتليفزيون والافلام التي تنتجها هوليود, وتوصل منها إلي أن صناعة العقل الأمريكي تعمل علي تكوين صورة سلبية عن العرب والمسلمين في الثقافة الشعبية, وهل تجهل مايقوله قادة التيار الديني اليميني من أمثال القس بيل جراهام وخليفته فرانكلين جراهام الذي يعلن ان الاسلام دين شرير وكريه جدا, ومايقوله( بات روبرتسون) مؤسس الائتلاف المسيحي وصاحب البرنامج الديني الشهير في التليفزيون الذي يقول إن الظن بأن الاسلام دين سلام ليس سوي نوع من التفكير المخادع ووصفه للنبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ بأنه متعصب, ولص كان يسرق علنا, وقاتل كان يقتل علنا وجيري فالويل الذي يقول: إن نبي الإسلام إرهابي وله موقع علي الانترنت باسمه مليء بالمعلومات المشوهة عن العقيدة والتاريخ الاسلامي.
فاذا كانت استراتيجية أمريكا محاربة ايديولوجية الكراهية, فنحن ايضا نحاربها في بلادنا, فلماذا لاتوجه أمريكا الحرب إلي هذه الايديولوجية في داخلها؟!