أصوات الغضب فى أمريكا

في كل يوم تتصاعد أصوات الغضب في أمريكا من سياسات الإدارة الأمريكية الداخلية‏,‏ والخارجية‏,‏ هذه الأصوات الغاضبة تمثل بصدق الضمير الأمريكي والقيم الأمريكية‏.‏

وتتزايد كل يوم المظاهرات والاحتجاجات والمناقشات الحادة في الكونجرس الرافضة لاستمرار الاحتلال الأمريكي في العراق‏,‏ وظهور تيار داخل الحزب الجمهوري نفسه يدين الممارسات الأمريكية‏,‏ واحتجاج العديد من الشخصيات السياسية الكبيرة والمفكرين والكتاب علي تناقض المواقف الامريكية بين حمل رسالة حقوق الانسان في العالم وانتهاك حقوق الانسان في جوانتانامو وسجون العراق وأفغانستان‏,‏ واكتشاف عشرات المعتقلات السرية التي تديرها المخابرات الامريكية في دول أوروبية وغير أوروبية‏.‏


وتتحدث الصحافة الأمريكية عن الكتاب الجديد الذي اصدره الرئيس الأسبق جيمي كارتر بعنوان قيمنا المهددة وأزمة الأخلاق في أمريكا وقال فيه إن سياسات الإدارة الحالية تتعارض مع القيم الأمريكية‏,‏ وبعد أن كان نشر السلام أهم المباديء الأمريكية أصبحت الحرب هي المبدأ الأول‏,‏ وسياسة غزو وقصف البلاد بالقنابل سياسة معلنة ومكشوفة بلا خجل‏,‏ وكانت حقوق الانسان من المباديء الأساسية صار مجلس الشيوخ يؤيد التعذيب والاعتقال والسجن بدون محاكمة وبلا ضمانات ولا حقوق قانونية للمعتقلين‏.‏

ويقول الرئيس الاسبق جيمي كارتر‏:‏ إن سياسة الادارة الحالية بدأت تنخر في عظام الحضارة الأمريكية وتهدد بانهيار القيم النبيلة التي قامت عليها هذه الحضارة‏,‏ وبدلا من تلك القيم النبيلة يغلب علي هذه الادارة جنون العظمة والتجبر‏,‏ وتحولت من دور الحارس للسلام العالمي كما كانت الي دور المعتدي والقاتل بلا تمييز‏,‏مع الاستخفاف بحقوق الانسان‏,‏ واهدار الحريات‏,‏ وتفشي الأصولية المسيحية واستفحال نفوذها علي المستويين الديني والحكومي‏.‏


قبل هذا الكتاب سبق أن كتب كارتر عدة مقالات قبل غزو العراق يحذر من الاقدام علي هذه المغامرة‏,‏ ويكشف مبكرا جدا أن الأسباب التي تعلنها الادارة للعدوان ملفقة‏.‏

وليس كارتر وحده الذي يشعر بوخز الضمير‏,‏ ولكن هناك كثيرين غيره آخرهم جندي أمريكي من المارينز شارك في حرب العراق اسمه جيمس ميسي لم يعد ضميره يحتمل بشاعة ما يجري هناك فأعلن التمرد وكتب مذكراته في كتاب بعنوان اقتل‏..‏ اقتل‏..‏ اقتل رفضت دور النشر الأمريكية نشره فذهب الي فرنسا لنشره فيها‏.‏ وفي هذا الكتاب يقول‏:‏ إنني أخجل مما نقوم به في العراق‏,‏ وذكر انه وضع هذا الكتاب كمحاولة للمصالحة مع نفسه‏,‏ ولكي يستعيد القدرة علي النوم بدون كوابيس بعد أن أصبح ضميره مثقلا من هول ما شاهده و شارك فيه‏,‏ ومن ذلك قتل ركاب الاتوبيسات بالجملة اذا لم تتوقف عند حواجز التفتيش‏,‏ والامتناع عن إسعاف المدنيين المصابين في الغارات الأمريكية في المدن والقري والقتلي بالرصاص الأمريكي في الشوارع‏,‏ والاكتفاء بإلقائهم علي حافة الطريق‏,‏ واعترف بأنه شارك افراد مجموعته في قتل عشرات المدنيين العراقيين غير المسلحين‏.‏


وكتب الجندي الأمريكي‏:‏ عندما ذهبت الي العراق كنت مقتنعا بما كان يقال من أن مهمة الجيش الأمريكي هي حماية الشعب العراقي من مذابح الحكم البعثي‏,‏ ومساعدته علي استعادة كرامته وحريته وحقه في الانتفاع بثرواته النفطية‏,‏ لكني وجدت نفسي أنفذ أعمالا وحشية ضد مدنيين‏,‏ ورأيت أننا نقوم بحملة إبادة لشعب ولثقافة بأكملها‏,‏ وحين صارحت قائدي بشعوري بدأت الشتائم تنهال علي‏:‏ ضعيف الشخصية‏..‏ جبان‏..‏واحالوني الي الاطباء النفسيين فقالوا أنني مصاب بصدمة نفسية تحول دون القيام بالواجبات القتالية‏!‏

يقول هذا الجندي ايضا‏:‏ إن المجازر التي يرتكبها جنود المارينز يقومون بها تحت تأثير التعبئة النفسية التي تجعلهم يعتقدون أن كل عراقي عدو‏.‏


والكتب الأمريكية التي تعكس انتفاضة الضمير الأمريكي كثيرة منها أيضا كتاب مايكل شوير رجل المخابرات السابق بعنوان غرور امبريالي يشير فيه الي أن ما يحدث في سجون المخابرات الأمريكية يحدث وفقا للأوامر الصادرة من الرئيس ومجلس الأمن القومي الذي يرأسه الرئيس‏,‏ ولا تنفذ الأوامر إلا بعد التصديق عليها من القانونيين في مجلس الأمن القومي ووزارة العدل والمخابرات نفسها‏,‏ هل سيأتي يوم ويكون للضمير الامريكي اعتبار عند واضعي السياسات؟

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف