سفير الإسلام فى الغرب

حتي الآن ليس لدي المؤسسة الدينية في مصر استراتيجية للدفاع عن الاسلام في الخارج‏,‏ والتصدي لحملة العداء والتشويه المنهجي الذي تقوم به جهات عديدة في الغرب وفق استراتيجية متكاملة‏.‏


وحتي المفكرون الغربيون الذين تقدموا متطوعين لشرح حقيقة الاسلام في الجامعات والإعلام في الغرب لم نحسن ا لاستفادة منهم مع أنهم ثروة نادرة وسط موجات الهجوم علي الاسلام وتصويره علي أنه دين الارهاب والتخلف والتواكل‏.‏


ومن هؤلاء علي سبيل المثال السفير الألماني السابق الدكتور ويلفريد هوفمان الذي عمل خبيرا نوويا في منظمة حلف الأطلنطي‏,‏ وسفيرا لبلاده في عدد من الدول العربية وتعلم اللغة العربية ثم عكف علي دراسة الاسلام دراسة متعمقة من مصادره الأصلية‏,‏ فأصبح من أشهر المنصفين للإسلام والمسلمين في الغرب‏,‏ وله مؤلفات عن الإسلام بالألمانية ترجمت إلي الانجليزية والفرنسية‏.‏ ولم تترجم الي العربية إلا أخيرا فقامت دار الشروق الدولية بترجمة بعضها مثل الاسلام كبديل وخواء الذات والأدمغة المستعمرة والاسلام عام‏2000‏


وقد التقيت بالدكتور ويلفريد هو فمان أول مرة في ندوة للحوار الاسلامي المسيحي في المانيا مع فضيلة الامام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي ـ وكان وقتها مفتي الجمهورية وكان يتحدث عن الإسلام بعقلانية وبالأدلة من النصوص والحقائق التاريخية‏,‏ وعرفت أنه يشارك في الحوارات التي تنظمها الجامعات ومراكز البحوث الغربية‏,‏ وأن له مكانته في الغرب لأنه يتحدث عن الاسلام بالأسلوب الذي يفهمه الغرب‏,‏ ومع ذلك فإن الدول الإسلامية‏,‏ ومنها مصر ـ تكتفي بدعوته لحضور مؤتمر سنوي فيها دون أن تفكر في المساهمة في ترجمة بقية كتبه الي مختلف اللغات ولا حتي الي اللغة العربية لولا التنبه أخيرا من دار نشر خاصة الي معالجة هذا التقصير من الهيئات الاسلامية ومؤسسات النشر القومية‏.‏


ولو كان الأمر بيدي لأصبح الدكتور ويلفريد هو فمان سفيرا فوق العادة للاسلام وتنظيم برامج لقاءات ومحاضرات له في مدن وجامعات ومراكز بحوث ومؤسسات الدول الغربية‏.‏ بدلا من تركه يفعل ذلك بجهده الفردي وهوجهد مهما يكن فإنه محدود‏.‏ ويكفي انه صاحب الصوت الذي ارتفع في اكثر من دولة اوروبية بالدعوة الي فك الحصار عن الاسلام والكف عن اطلاق العنان لكل من يثير الخوف من الاسلام وربطه بالتعصب والحروب المقدسة ضد غير المسلمين وتشويه مفهوم الجهاد وسيوف الاسلام للاساءة الي هذا الدين وإلي المؤمنين به وتصويرهم علي أنهم اعداء للغرب ومصدر الخطر علي الحضارة الغربية في الحاضر والمستقبل وفي كتابه الاسلام كبديل يوجه النقد الي الخطاب الديني والاعلامي والسياسي في الغرب الذي يسعي الي تكوين استنتاجات سطحية عن طبيعة الدين الاسلامي لدي الغربيين وحتي لدي الاكاديميين والمفكرين‏:‏ ويقول إن تزايد العداء للاسلام حدث بعد انتهاء الايدلوجية الشيوعية ورؤية البعض أن العالم لم تعد فيه سوي ايديولوجية واحدة هي الاسلام‏,‏ وبعض المفكرين في الغرب رأوا أن الاسلام ينتشر في أوروبا وامريكا وارادوا وقف هذه الموجة بالتخويف منه


وفي تحليله لأسباب العداء للاسلام في الغرب يري أن الفترة التي تفوق فيها المسلمون علي الغرب عسكريا وثقافيا مازالت آثارها في العقل الجمعي الغربي‏.‏ فقد عبر المسلمون مضيق جبل طارق عام‏171‏ واسسوا دولة الاندلس التي أخذت منها اوروبا العلوم والثقافة والفنون وأسست بها عصر النهضة‏,‏ وفي نفس الوقت امتدت الامبراطورية الاسلامية إلي وسط آسيا وجنوبها حتي الهند والصين ومازال في اللاشعور الغربي مخاوف من تجدد القوة للعالم الاسلامي‏,‏ ويناقش مايتردد في القرب عن الجهاد علي انه الحرب المقدسة فيقول إن الحرب المقدسة في الأصل مفهوم أوروبي منذ الحروب الصليبية‏,‏ أما مفهوم الجهاد في الاسلام فهو يعني جهاد النفس لحمايتها من الانحراف عن الصراط المستقيم ومن الانسياق للشهوات والابتعاد عن الفضيلة‏,‏ كما يعني الدفاع عن العقيدة وعن حقوق المسلمين‏,‏ وليس فيه دعوة للعدوان علي الآخر والله يأمر المسلمين‏...‏ ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين


ودفاع الدكتور ويلفريد هوفمان عن الاسلام يشمل جميع القضايا التي تسيء اليه‏,‏ وكتبه اكثر عمقا ومخاطبة للعقل من كثير من الكتب التي يؤلفها شيوخ الاسلام‏.‏ ووجوده فرصة يجب ان تتنبه لها المؤسسات الاسلامية‏.‏ وأخيرا فإن الدكتور ويلفريد هو فمان اصبح اسمه مراد هو فمان‏.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف