فوضى أم نهضة

خلال السنوات الماضية كلها لم يكن في مصر سوي تيار واحد‏,‏ تيار ليس له هدف سوي مواجهة التحديات والضغوط‏,‏ والعمل علي تجاوز الأزمات‏,‏ وتقديم اجتهادات ومبادرات لتحقيق النهضة الشاملة والتحديث في جميع المجالات‏.‏


كان هذا التيار يضم في داخله اختلافات في الرؤي‏,‏ واجتهادات متعددة‏,‏ ولكن كان الاختلاف دائما في اطار الاتفاق‏,‏ كانت هناك اهداف واحدة‏,‏ وولاء لوطن واحد‏,‏ واحترام للمبادئ والقيم القانونية والاخلاقية الاساسية التي تمثل سياج الأمن والحماية للمجتمع‏.‏


وكان هناك اتفاق غير مكتوب بين جميع الأطراف علي أن تظل هذه الاختلافات والتناقضات ثانوية وحول الفروع والتطبيقات‏,‏ ولا تصبح اختلافات وتناقضات اساسية علي الفلسفة والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع‏,‏ ولهذا كانت هذه الخلافات والتناقضات تعبر عن نفسها بالحوار‏,‏ وتسعي إلي الوصول إلي التوافق‏...‏ وبالتأكيد كانت هذه ظاهرة صحية ساعدت علي السير في طريق الإصلاح بخطوات ثابتة‏,‏ وهادئة‏,‏ كما ساعدت علي ايجاد مناخ للتفكير والتفاهم دون عصبيه أو انفعالات‏.‏


خلال السنوات الماضية كلها لم يكن في مصر سوي تيار واحد‏,‏ تيار ليس له هدف سوي مواجهة التحديات والضغوط‏,‏ والعمل علي تجاوز الأزمات‏,‏ وتقديم اجتهادات ومبادرات لتحقيق النهضة الشاملة والتحديث في جميع المجالات‏.‏


كان هذا التيار يضم في داخله اختلافات في الرؤي‏,‏ واجتهادات متعددة‏,‏ ولكن كان الاختلاف دائما في اطار الاتفاق‏,‏ كانت هناك اهداف واحدة‏,‏ وولاء لوطن واحد‏,‏ واحترام للمبادئ والقيم القانونية والاخلاقية الاساسية التي تمثل سياج الأمن والحماية للمجتمع‏.‏


وكان هناك اتفاق غير مكتوب بين جميع الأطراف علي أن تظل هذه الاختلافات والتناقضات ثانوية وحول الفروع والتطبيقات‏,‏ ولا تصبح اختلافات وتناقضات اساسية علي الفلسفة والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع‏,‏ ولهذا كانت هذه الخلافات والتناقضات تعبر عن نفسها بالحوار‏,‏ وتسعي إلي الوصول إلي التوافق‏...‏ وبالتأكيد كانت هذه ظاهرة صحية ساعدت علي السير في طريق الإصلاح بخطوات ثابتة‏,‏ وهادئة‏,‏ كما ساعدت علي ايجاد مناخ للتفكير والتفاهم دون عصبيه أو انفعالات‏.‏


وبعد ذلك بدأ تيار جديد يقحم نفسه علي الحياة السياسية‏..‏ تيار أقرب ما يكون إلي الحركات الفوضوية التي عرفتها أوروبا‏,‏ يريد ان يشوه كل شئ‏,‏ ويهدم كل شئ‏,‏ ويسئ إلي كل إنسان‏,‏ ويثير نزعات الغضب واليأس والعدمية‏,‏ وليست لديه فلسفة جديدة للعمل السياسي‏,‏ ولا يبشر بمشروع جديد للنهضة متخلف عن المشروع المطروح منذ سنوات‏,‏ والذي ارتضاه المجتمع‏,‏ وحشد قواه لاستكماله‏.‏


وهذا التيار الجديد يثير ضجيجا اكبر من حجمه الحقيقي‏,‏ وربما يستطيع أن يجذب اليه بعض عناصر لديها استعداد طبيعي للتمرد والشغب‏,‏ وربما يجذب معها بعض السذج الذين يصدقون بسهولة ما يقال لهم دون مناقشة أو تمحيص‏,‏ ربما لأن قدراتهم وخبراتهم لاتساعدهم علي ذلك‏,‏ ولكن في النهاية لن يزيد حجم هذا التيار الفوضوي كثيرا‏,‏ ولن يقدر علي خداع الملايين من المؤمنين ببلدهم‏,‏ والواثقين بأنها تسير علي الطريق الصحيح‏,‏ وأنها قادرة علي تجاوز الأزمات كما تجاوزت ازمات كثيرة من قبل‏,‏ وقادرة علي تحقيق انجازات أكبر وأكثر كما فعلت طوال السنوات الماضية‏.‏


وإذا كان هذا التيار الفوضوي يجيد اللعب بالالفاظ واثارة المشاعر وتلفيق الاكاذيب وتوجيه الاتهامات عشوائيا بغير دليل‏,‏ فلن يمضي وقت طويل حتي تنكشف خفاياه وتظهر حقيقته وحقيقة القوي التي تحركه والتي يعمل في خدمتها‏,‏ ويعرف الناس مصادر التمويل التي يعتمد عليه‏,‏ ومن أين حصل أصحابه علي الثروات التي هبطت عليهم فجأة‏..‏ وحينئذ سوف تسود وجوه وتبيض وجوه‏!‏ وسوف يشعر الناس بالملل من الحكايات الملفقة التي يكررون روايتها‏,‏ والتي تبدو بلا أساس منطقي أو واقعي يستندون إليه‏.‏


والغريب أن هذه الاكاذيب والاتهامات العشوائية تمر دون حساب‏,‏ وكأن من توجه إليهم هذه الاتهامات يؤمنون بما كان يقوله الفيلسوف والشاعر التركي ناظم حكمت‏:‏ إنهم يقولون‏...!‏ ماذا يقولون‏....‏؟ دعهم يقولون علي أساس أن ذلك ليس سوي دخان في الهواء‏,‏ وأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح‏.‏


ولقد لاحظ البعض أن هذا التيار تحالف مع من لهم اتصالات ومصادر تمويل خارجية‏,‏ كما لاحظوا ان ما يقلونه عن هؤلاء يصل إلي حد التمجيد‏,‏ وكأنهم استعادوا زمن شعراء المديح القدامي الذين كانوا يجزلون المديح لمن يجزل لهم العطاء‏,‏ وهذه الظاهرة يمكن تسميتها ظاهرة التسول الاخلاقي‏,‏ وهي ظاهرة تستحق التحليل في مناسبة أخري‏,‏ ومن أعراض هذه الظاهرة الفساد الفكري‏,‏ والفساد الاخلاقي لدي قلة قليلة من المثقفين‏,‏ وفساد الذمم أيضا‏.‏


والحل‏....‏ ؟

أن ندافع عن عقولنا‏,‏ وعن عقول شبابنا من هذا الفساد الجديد‏,‏ ونقوم بحملة تطعيم شاملة‏,‏ وأنا علي ثقة من أن هذه الحملة سوف تحقق نتائج جيدة لوقاية المجتمع من هذا الخطر‏,‏ وسوف تنجح في القضاء علي هذا الفساد الفكري والسياسي كما نجحت الحملة القومية في القضاء علي شلل الأطفال ولم يعد له وجود في مصر‏,‏ واصبحت مصر خالية تماما من هذا المرض اللعين‏....‏ هكذا يمكن القضاء علي التيار الفوضوي الجديد‏,‏ ويتفرغ تيار النهضة للبناء والإصلاح والتنمية‏.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف