أجندة أمريكا فى 2004

اعلن كولين باول وزير الخارجية الامريكية عن اجندة امريكا في عام‏2004‏ كشف فيها عن النيات الامريكية في مختلف انحاء العالم‏,‏ ولكنه غلفها بعبارات دبلوماسية‏,‏ ومع ذلك لم يستطع أن يخفي إصرار الادارة الامريكية علي الاستمرار في سياسة فرض وإملاء الشروط علي الدول‏,‏ والانفراد بقيادة العالم‏,‏ واستخدام مؤسسات التعاون الدولي لإخضاع الدول‏,‏ والتدخل في شئونها الداخلية باستخدام شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها‏.‏

يقول كولين باول إن امريكا لابد أن تستمر في عام‏2004‏ في استخدام قوتها الهائلة لتحقيق مصالحها ومبادئها‏,‏ ونشر الحرية في انحاء العالم خاصة في العراق وأفغانستان وتحويل دول الشرق الاوسط الي دول ديمقراطية‏,‏ وتوسيع مبادرة الشراكة الشرق اوسطية لتشجيع الاصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي في المنطقة كلها‏,‏ وسوف تقف أمريكا مع الشعب الايراني الذي يعيش في ظل نظام حكم استبدادي ويناضل من أجل الحرية‏(‏ وهذا يعني ان امريكا سوف تساعد علي اثارة القلاقل وتشجيع تيار الرفض والمعارضة لضرب النظام الايراني من الداخل‏).‏


ويقول أيضا‏:‏ لن يكون هذا الصراع مقصورا علي الشرق الاوسط‏,‏ ونحن نعمل من اجل ان تصبح كوبا حرة‏,‏ ويتحقق الاصلاح الديمقراطي في الدول التي تحرم شعوبها من الحرية‏,‏ ولهذا سوف نعمل علي مساندة الديمقراطيات الجديدة الناشئة في امريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا وافريقيا‏,‏ ولن يقتصر الدعم الامريكي علي الدول بل سيشمل الافراد‏,‏ من خلال برنامج الرئيس بوش لمحاربة التجارة بالبشر سواء من اجل البغاء‏,‏ او لاجبارهم علي العمل‏,‏ او باستخدام الاطفال في الحروب‏,‏ ويقول‏:‏ نحن حررنا الارواح‏,‏ وحررنا المستعبدين وسنفعل المزيد في هذا المجال‏,‏ وسننفذ خطة الرئيس بوش لمكافحة الايدز لانقاذ الملايين علي مستوي العالم من هذا المرض المميت‏.‏ وسنعمل علي تعزيز الازدهار ومساعدة الدول الاكثر فقرا علي التنمية من خلال نظم حكم جيدة‏,‏ وسياسات تجارية واقتصادية سليمة‏,‏ واستثمارات تتم ادارتها بحكمة لمصلحة الشعوب‏,‏ وستكون المساعدات الامريكية موجهة وفق نظام محفز للإصلاح السياسي والاقتصادي‏.‏ وسوف يقود الرئيس بوش الجهود الدولية لتقوية استراتيجية امريكا للتجارة العالمية الحرة‏,‏ وسوف نساعد علي تنفيذ اتفاقية للتجارة الحرة في الشرق الاوسط وستكون لها الاولوية في الاجندة‏.‏ ونحن عازمون علي تحقيق الأمن والسلام في الداخل والخارج‏,‏ ليكون الامريكيون اكثر أمنا‏,‏ ولا تصبح افغانستان ساحة للارهابيين‏,‏ ولايبقي العراق ارضا لاسلحة الدمار الشامل التي كان من الممكن ان تقع في أيدي الارهابيين‏,‏ ولايشعر كولين باول بالتردد في الحديث عن اسلحة الدمار الشامل في العراق وخطورتها كما لو كانت موجودة بالفعل‏,‏ وكما لو كانت امريكا قد انقذت العالم من خطورتها‏,‏ دون ان يراعي الاحترام للعقول في العالم التي تتابع وتدرك ان هذه الاسلحة ليس لها وجود علي الاطلاق وقد ثبت ذلك بعد تفتيش وتنقيب فوق الارض وتحت الارض في انحاء العراق لمدة تزيد علي عامين‏.‏


يقول باول‏:‏ ان تنظيم القاعدة مازال خطرا كبيرا‏,‏ وهذا هو السبب في اجراءات الأمن المشددة التي تتبعها امريكا حاليا‏,‏ ولكن اعضاء هذا التنظيم إما قتلي‏,‏ او مسجونين‏,‏ أو هاربين‏,‏ وقد قطعت عنهم الاتصالات والاموال‏,‏ وبدأ التعاون مع الدول في مجال المعلومات والاستخبارات كما بدأ فرض القوانين التي تحاصر الارهابيين في الدول المحبة للسلام‏.‏ وبفضل الضغوط الامريكية المستمرة والمتزايدة كشفت ايران وليبيا عن برامجهما النووية وشجبت ليبيا الارهاب‏.‏

يشير كولين باول إلي ما يسميه آلام التكيف مع العهد الجديد التي اصابت عددا غير قليل من دول العالم‏,‏ كما يشير الي اعتماد امريكا علي مؤسسات التعاون الدولي لفرض هذه الاجندة علي الدول‏.‏ ويؤكد أن امريكا سوف تعمل مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا علي مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين علي تحقيق السلام وإقامة فلسطين حرة بجانب دولة يهودية ديمقراطية آمنة في إسرائيل


هذه هي أهم النقاط في الاجندة الامريكية لعام‏2004,‏ ولابد من التدقيق في قراءتها للتوصل الي فهم ما وراء السطور‏,‏ لأن اللغة الدبلوماسية المغلفة بالسكر تخفي الكثير من المرارة‏.‏ وتدعو الي ضرورة استعادة الدور المؤثر في السياسة الدولية للمنظمات الدولية لتفادي خطورة انفراد الولايات المتحدة بالتحكم في مصائر الدول والشعوب‏.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف