مراجعات أمريكية

كانت للإدارة الأمريكية اجندة خفية مختلفة تماما عن الأهداف المعلنة‏,‏ وقد كشف ما يكل جوردون في دراسة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عن وثيقة سرية كان توزيعها مقصورا علي عدد محدود في الادارة الامريكية‏,‏ تقول ان اهداف غزو العراق ليست مجرد الإطاحة بديكتاتور وبناء نظام ديمقراطي‏,‏ ولكن الهدف الاول هو تنصيب حكومة موالية لأمريكا في العراق تمثل ضغطا علي سوريا وإيران‏,‏ وتنفتح علي اسرائيل‏,‏ وتضمن تدفق البترول وفق الاستراتيجية الامريكية الجديدة‏,‏ وحتي الآن لم يتحقق شئ من هذه الاهداف‏.‏


وفي تعليق للكاتب الامريكي الشهير بول كروجمان قال‏:‏ إن البعض يرفض تشبيه ما يحدث في العراق بما حدث في فيتنام‏,‏ ولكن مع تزايد القتلي من الجنود الامريكيين لم يعد امامنا سوي الاعتراف بهذه الحقيقة‏,‏ فقد اعلن الرئيس بوش النصر في العراق ثلاث مرات‏,‏ وبعد كل مرة يتبين اننا لم ننتصر‏,‏ سقطت بغداد وقتل وسجن قادة العراق وتم القبض علي صدام حسين وقتل ولداه‏,‏ ووصل عدد القتلي العراقيين‏,‏ إلي أكثر من مائة ألف قتيل‏,‏ ودمرت مدن وقري‏,‏ ومع ذلك مازال القتال مستمرا في اكثر من مدينة‏.‏


وانتوني كورد سمان أحد صقور مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن كتب يقول‏:‏ ان الاحتمال أصبح ضيئلا في تحقيق الاستقرار في العراق في اواخر‏2005‏ كما يقال‏.‏


والصحفي الامريكي فريد كابلان يذكر ان الحقيقة هي اننا ليس لدينا حل لمشكلة العراق‏,‏ وليست لدينا طريقة يمكننا بها الانسحاب دون ان نزج بالعراق وبالمنطقة كلها الي كارثة‏.‏


والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أعلن بوضوح أن غزو العراق لم يجعل العالم أكثر امنا كما قال الرئيس بوش بل جعل العالم أكثر خطورة‏!‏


وآخر تصريح للرئيس الباكستاني برويز مشرف لشبكة سي‏.‏ان‏.‏ان الامريكية قال فيه‏:‏ إن الغزو الامريكي للعراق كان خطأ وجعل العالم اقل امنا وأكثر خطورة‏,‏ وكل انسان في العالم لايقبل رؤية قوات اجنبية في بلاده‏,‏ وعلي الولايات المتحدة ان تأخذ موضوع سحب قواتها من العراق بعين الاعتبار‏.‏


ويقول بول كروجمان‏:‏ ان الاحداث اظهرت حدود القوة الامريكية وان كان الرئيس بوش قد أعلن ان المتاعب التي تواجهها امريكا في العراق سببها نجاح كارثي لم يكن متوقعا فقد كان عليه ان يتوقع هذه الكارثة التي تنبأ بها خبراء كثيرون قوبلت تحذيراتهم بالتجاهل والاستهزاء‏,‏ وذلك لأن مجلس الأمن القومي الحالي هو أضعف مجلس شهدته الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بعد أن سيطرت عليه مجموعة من الايديولوجيين المنتمين الي تيار المحافظين الجدد‏,‏ وقاموا بإعداد سيناريو الحرب دون أن يفهموا ظروفها ولم يفكروا فيما بعدها‏,‏ واذا وجدوا الفرصة فسوف يقودون امريكا الي أزمات جديدة‏.‏


وحتي توماس فريدمان اكبر المهللين لغزو العراق عاد اخيرا ليتساءل‏:‏ من المسئول عن السياسة الامريكية في العراق؟ من المسئول عن تنسيق العمل الاستخباري والعلاقات العامة والسياسات الدبلوماسية‏,‏ والعمليات العسكرية وصياغة ذلك كله في خطة محكمة يتم تقديمها إلي العراقيين والي العالم؟ ويجيب‏:‏ لقد تمت هذه الحرب بطريقة فوضوية بعيدة عن الاتقان وقد كشفت نيويورك تايمز عن دراسة تم اجراؤها بواسطة هيئة علوم الدفاع‏,‏ توصلت الي أن المؤسسات الامريكية المكلفة بمهمة الاتصالات الاستراتيجية هي في الحقيقة مؤسسات منهارة بعد مرور عامين تقريبا علي الحرب في العراق‏,‏ وتوصلت الدراسة ايضا الي أن الولايات المتحدة تعمل دون قنوات اتصال تربطها بعالم المسلمين وبالاسلام‏,‏ وقال فريدمان‏:‏ إننا يا سادة نخسر حرب العلاقات العامة في العالم الاسلامي‏,‏ والآن فإن وقت الارتجال والتخبط من جانب الإدارة يجب أن ينتهي ويحل وقت الجد‏,‏ فان الحرب في العراق لن يتم كسبها بالخطب والتصريحات والنبرة العالية‏,‏ والذي سيفوز في العراق هو من يملك الاستراتيجية والعزيمة والقدرات العقلية ومهارات التنسيق والمتابعة التي تمكنه من التحكم والسيطرة‏,‏ لكيلا تهزم امريكا في الميل الاخير من الطريق‏.‏


وحتي بول بريمر الحاكم الامريكي السابق للعراق كتب مقالا قال فيه‏:‏ ان البنية التحتية في العراق اصبحت منهارة‏,‏ وسوف تزداد خسائر امريكا‏,‏ مما يعني أن الطريق مازال محفوفا بالمحاطر‏.‏


الصحافة الامريكية مليئة بالاعترافات والإنذارات والمراجعات‏..‏ ولا أحد يعرف ان كانت هذه الأصوات تصل الي البيت الابيض ام ان الرئيس بوش مازال لا يؤمن بأن الرأي العام لا شأن له بالقرارات السياسية‏,‏ وانه مازال يقرأ الصحف كما سبق أن أعلن؟‏!

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف