شكوى الأمريكيين المسلمين

نشرت صحيفة هيرالد تريبيون يوم‏19‏ نوفمبر الحالي مقالا بعنوان البحث عن العدل لمسلمي أمريكا وكان قد سبق نشره في صحيفة بوسطن جلوب‏.‏ كاتب المقال هو عمر أحمد رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية‏,‏ والحقائق فيه تثير المخاوف من السياسة الأمريكية تجاه المسلمين‏.‏

يعتمد المقال علي نتائج بحث أجري علي عينة عشوائية من المواطنين الأمريكيين قامت به شركة مستقلة متخصصة في إجراء استطلاعات الرأي العام‏,‏ وكانت النتيجة أن‏29%‏ من أفراد العينة يعتقدون بوجود مؤامرة من المسلمين علي أمريكا وشعبها‏,‏ ويرون أن المسلمين يعلمون أبناءهم كراهية الآخرين‏,‏ و‏27%‏ يعتقدون أن المسلمين لايقدرون قيمة الحياة الإنسانية‏.‏ وهكذا يزداد انتشار الأفكار السلبية بين أكثر من ربع الشعب الأمريكي علي الأقل ضد الإسلام والمسلمين‏.‏


وتسود بينهم معتقدات تنطوي علي التمييز وعدم فهم حقيقة الإسلام‏.‏ ويظهر ذلك بوضوح في المقالات والتعليقات الصحفية‏,‏ وفي الدراسات وتصريحات المسئولين في مختلف المستويات‏.‏

ويقول المقال إن أعمال العنف التي وقعت ضد المسلمين الأمريكيين خلال‏9‏ اسابيع تالية لأحداث‏11‏ سبتمبر زادت علي‏700‏ حادثة‏,‏ تراوحت بين القتل‏,‏ والمنع من ركوب الطائرات للتخوف من وجود مسلم علي متن الطائرة‏!‏ وازدادت تصريحات المسئولين والقادة السياسيين التي تكشف عن العداء‏,‏ ومنها دعوة النائب كوكساي في إذاعة البوليس الأمريكي للقبض علي كل مسلم وعربي‏.‏


ومثل اصرار القس جيري فالويل في برنامجه الاخباري الشهير ستون دقيقة علي أن النبي محمدا كان إرهابيا‏!‏


والمقال يشير الي أن‏700‏ ألف مسلم أمريكي وقعوا علي وثيقة بعنوان ليس باسم الإسلام تعلن رفض عقيدة الإسلام للعنف الذي يرتكبه بعض المسلمين‏,‏ وتعلن إدانة الذين يرتكبون هذه الأعمال الإجرامية وينسبون الإرهاب والعنف الي الإسلام‏.‏ كذلك أعلن المسلمون الأمريكيون هذا العام مبادرة اطلقوا عليها اسم مبادرة رمضان‏,‏ وفتحوا ابواب المساجد ووجهوا الدعوة الي سكان المنطقة التي يقع فيها كل مسجد لتناول الإفطار معهم الذي يشارك في إعداده المسلمون الأمريكيون وكانوا يتنافسون في الترحيب بجيرانهم الأمريكيين ويقدمون اصنافا من الطعام من بلادهم الأصلية‏,‏ ويعلق المقال بعد ذلك بقوله‏:‏ ومع ذلك لانستطيع نحن المسلمين محاربة العنصرية المعادية للمسلمين‏,‏ وندعو القادة السياسيين وقادة الرأي الأمريكيين للوقوف معنا في وجه هذا التعصب الذي نواجهه‏,‏ ونلجأ الي أعضاء الكونجرس لفرض تشريع حازم ضد التمييز والكراهية لحماية الأمريكيين المسلمين‏,‏ وندعو قيادات المجتمع المدني الي التعاون معنا لعقد اجتماعات تضم الأمريكيين ذوي العقائد المختلفة لنشر روح التفاهم والتسامح‏,‏ وتغليب الانتماء الوطني علي التعصب الديني والسياسي‏.‏ أما وسائل الإعلام فإننا نطالبها بإعادة التفكير في تأثير ما تقدمه من مواد تصور فيها الاسلام والمسلمين بصورة تثير العداء لهم من أصحاب الديانات الأخري‏.‏


ويقول المقال إن الأمريكيين المسلمين أصبحوا يفضلون أن يوصفوا بأنهم أمريكان آفريقيون‏,‏ أو يهود بدلا من الإعلان عن أنهم مسلمون ويعلق المقال‏:‏ لماذا لاتوجه اهانات في أمريكا الي أية ديانة سماوية أو غير سماوية ومسموح بتوجيه الاهانات والاتهامات للاسلام وحده؟‏!‏ وينتهي بالقول بأن هذا التمييز العنصري والديني يؤذي كل الأمريكيين في النهاية‏,‏ وقد كانت أمريكا دائما أرض الحريات التي يلجأ اليها المضطهدون من كل مكان في العالم ليجدوا فيها الأمن والكرامة ويعيشوا دون خوف ويتمتعوا بالمساواة التي كانت تكفلها القوانين ويحيمها السلوك الأمريكي المتحضر‏,‏ فلماذا لم تعد كذلك؟


وكانت افتتاحية هيرالد تريبيون يوم‏11‏ نوفمبر عن الاضطهاد غير المسبوق الذي يلاقيه المسلمون المعتقلون في جوانتانامو‏,‏ بعد أكثر من عامين من الاعتقال في ظروف غير انسانية‏,‏ ودون تحقيق أو محاكمة أو السماح باتصالهم بالأهل أو بالمحامين‏,‏ وحتي عندما تقرر محاكمة أحدهم هذا الأسبوع أمام محكمة عسكرية ولم تكن أمريكا تعرف المحاكم العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية‏,‏ اصدرت محكمة فيدرالية حكمها ببطلان هذه المحاكمة لأنها تفتقر الي توافر الشروط والاجراءات اللازمة للمحاكمة العادلة‏,‏ وتمثل انتهاكا لاتفاقيات جنيف‏,‏ وتضيف دليلا جديدا علي انتهاكات إدارة بوش للقانون باسم محاربة الإرهاب‏.‏ وقالت هيرالد تربيون إن إدارة بوش لها تاريخ في انتهاك القانون والمعاهدات بادعاءات الحرب علي الإرهاب‏,‏ وقالت إن الإدارة رفضت هذا الحكم الفيدرالي ولجأت الي المحكمة العليا في محاولة لإضفاء الشرعية علي إجراءاتها التي تمثل ضربة أخري لصورة أمريكا في العالم‏,‏ وقد تؤدي الي تشجيع الدول الأخري علي معاملة الجنود الأمريكيين بالمثل وحرمانهم‏..‏ وفقا للمبدأ الذي ابتدعته إدارة بوش‏,‏ من الحماية التي توفرها اتفاقيات جنيف للأسري‏,..‏ هذا ما تقوله الصحافة الأمريكية‏.‏ هل نصدقها أم نكذبها؟‏!

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف