أخيرا نطق كوفى أنان
خيرا نطق كوفي أنان, وتخلي عن دبلوماسيته المراوغة, وسكوته علي الطغيان الامريكي طمعا في تجديد آخر يستمر به في مقعد الامين العام للأمم المتحدة.
اخيرا اعترف كوفي أنان صراحة, وبمنتهي الوضوح بأن غزو الولايات المتحدة للعراق عمل غير شرعي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة, وقال إن العدوان علي العراق لقن الولايات المتحدة دروسا مؤلمة!
وقال: آمل الا نشهد عملية اخري علي غرار ما حدث في العراق!
وكوفي أنان لم يقل سوي الحقيقة التي يعرفها العالم, حتي قادة الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وايطاليا, يعرف الجميع الحقيقة التي مازالوا يناورون ويحاولون استمرار خداع شعوبهم للبقاء في مقاعدهم. لكن معظم دول العالم تعرف الحقيقة, وقطاعات عريضة من شعوب دول الغزو, تعلن كل يوم معارضتها هذه الحرب الظالمة.
وما قاله كوفي أنان ليس جديدا.. فهذه الحقيقة معروفة ومعلنة من قبل أن يبدأ الغزو الامريكي للعراق.. لكن قيمة هذا الاعتراف انه صادر عن المسئول عن تطبيق ميثاق الأمم المتحدة, وبذلك سقطت آخر ورقة توت كانت الادارة الامريكية تخفي بها عوراتها, بعد أن تبين كذب الادعاء بوجود معلومات استخباراتية مؤكدة عن وجود اسلحة دمار شامل في العراق, ثم تبين كذب الادعاء الامريكي الرسمي بعلاقة العراق بحادث سبتمبر, ثم تكشف كذب الادارة الامريكية في الادعاء بعلاقة العراق بتنظيم القاعدة واسامة بن لادن والارهاب الدولي, وها قد سقط الادعاء بأن غزو العراق كان مستندا الي قرار سابق من مجلس الأمن بتحذير العراق اذا لم يفتح البوابة للتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل, وقد فتح العراق بالفعل جميع الأبواب, ودخلت فرق التفتيش قصور الرئاسة ومكاتب وزارة الدفاع ومعامل الجامعات ومراكز البحث, وحفرت الارض في الحدائق والبيوت وكانت تواصل عملها بحرية حين اتخذت الولايات المتحدة قرار الحرب. فالعراق لم يرفض تنفيذ الانذار الصادر من مجلس الأمن, ثم ان هذا الانذار شيء والحرب شيء آخر, الحرب كانت تقتضي استصدار قرار آخر مثل القرار الذي اصدره مجلس الأمن بالتدخل العسكري لتحرير الكويت استنادا الي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ماذا بقي للادارة الأمريكية؟ وقطاع عريض من الرأي العام الامريكي يرفض استمرار احتلال القوات الامريكية للعراق, واستمرار قتل المدنيين العراقيين, وهذا ما تعكسه الصحافة الامريكية وتعلنه المظاهرات الحاشدة بصوت عال.
صحيفة الاندبندنت البريطانية تسخر من محاولات رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته وقائد الجيش لاقناع الرأي العام البريطاني بأن ملف العراق قد أغلق وأن الأمور تسير هناك علي ما يرام(!) وتقول الصحيفة ان اخفاق رئيس الوزراء في الاعتراف باخطائه جعله في وضع لا يناسب أي سياسي يحمل قدرا من الاحترام لنفسه(!).
وصحيفة فاينانشيال تايمز الامريكية تقول ان احصاء القتلي من المدنيين العراقيين منذ الغزو الامريكي حتي الآن هو مهمة مروعة(!) لأن عدد القتلي العراقيين في عملية الغزو وطوال العام الأول بعده مازال مجهولا, ولم تبدأ الاحصاءات الا بعد مرور عام كامل, ومنذ الخامس من ابريل هذا العام حتي12 سبتمبر, اي خلال ستة اشهر فقط سجلت وزارة الصحة العراقية اسماء3186 قتيلا من الرجال والنساء والأطفال.
اما الادعاء الامريكي عن خطط اعادة تعمير العراق فان الصحف تندد بقرار تجميدها, وكشف تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات الذي صدر هذا الشهر أن المؤسسات الامريكية والعراقية لم تحقق شيئا لاعمار العراق او انقاذ الشعب العراقي من حالة التدهور في مستوي المعيشة.
والكاتبة الامريكية مورين داود كتبت في نيويورك تايمز عن أعداد الجنود الأمريكيين الذين يقتلون في العراق بعد اعلان الرئيس بوش انتهاء العمليات العسكرية وقوله إن المهمة تم انجازها وقالت ان بوش فشل في القضاء علي الارهاب, ونجح في اثارة الارهاب, والمخابرات الامريكية مشغولة بتبرير فشلها, وقالت وهي توجه كلمتها إلي الرئيس بوش: سيدي الرئيس.. انني لا أشعر بأنني الآن أكثر امانا.. بعد كل ما بذل من الجهد والمال في السعي وراء الهدف الخطأ.
اذن ليس كوفي أنان وحده الذي نطق بالحقيقة.. انه انضم الي الشرفاء الذين نطقوا بالحقيقة منذ فترة طويلة.. لأن الحقيقة لم تكن خافية علي أحد.