مسيرة الاصلاح الشامل

كان خطاب الرئيس مبارك في عيد العمال رؤية شديدة الوضوح لاستراتيجية الاصلاح الشامل‏,‏ ولم يكن ذلك جديدا بالنسبة للرئيس‏,‏ لأنه بدأ منذ اليوم الأول الذي تولي فيه الحكم في تنفيذ مشروع قومي كبير لتحديث مصر‏..‏

والمتتبع لمسيرة مبارك يلمس أنه يعمل وفق برنامج متدرج‏,‏ يركز اساسا علي الشباب الذي يمثل المستقبل‏,‏ وعلي التعليم والبحث العلمي والتطور التكنولوجي‏,‏ وعلي الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي‏.‏


ومازلنا نذكر يوم بدأ الرئيس مبارك ولايته الحالية في يوم‏5‏ أكتوبر‏1999‏ وتحدث أمام مجلس الشعب بعد أداء اليمين الدستورية عن برنامجه وعن رؤيته المستقبلية لخيارات مصر مع بداية الألفية الثالثة‏.‏ وتوقف الرئيس أمام نقاط اساسية‏,‏ منها تدعيم دور المؤسسات في الحياة السياسية والاجتماعية‏,‏ والمشاركة الجماعية‏,‏ والتكامل بين جهد الدولة وجهد مؤسسات المجتمع ودور المواطن الفرد‏,‏ وحماية توازن المصالح بين فئات المجتمع بقوة القانون‏,‏ وتوجيه عائد التنمية لصالح كل المواطنين‏,‏ والتدخل في الوقت الصحيح لضبط حركة المجتمع حفاظا علي السلام الاجتماعي‏,‏ وتوسيع المشاركة من خلال الاحزاب والنقابات والاتحادات وجمعيات النشاط الأهلي وحمايتها من أن تكون أداة في أيدي قوي وجماعات خارجية‏,‏ وتوفير المناخ المناسب لها لكي تمارس دورها الديمقراطي والطوعي دون أن تقحم نفسها طرفا في صراع هدفه التمييز بين مصالح المواطنين‏,‏ أو تغليب مصالح فئة علي حساب فئة أخري‏.‏

وفي هذا البرنامج ـ عام‏1999‏ ـ شرح الرئيس افكاره الخاصة بتعزيز مكانة مصر في سوق المنافسة الدولية‏,‏ ونشر مفاهيم الاتقان والجودة‏,‏ وضرورة أن تضمن الدولة كفاءة نظام التعليم وزيادة قدرته علي تطوير نفسه‏,‏ وتوسيع نطاق البحث العلمي والربط بين مراكز الأبحاث ومؤسسات الانتاج‏.‏ كما تحدث الرئيس عن برنامج لتنمية القدرة التنافسية للمنتجات المصرية‏,‏ وتعزيز قدرات القطاع الخاص‏,‏ واستخدام التكنولوجيا المتطورة في الإنتاج‏,‏ واقتحام الاسواق الخارجية بمنتجات صالحة للتحدي‏.‏ وتحدث الرئيس عن ضرورة أن تصبح مصر دولة منتجة للتكنولوجيا‏,‏ وقاعدة لصناعة المعلومات وهي الصناعة الجديدة التي أحدثت انقلابا في معايير الجودة وفي دخول دول عديدة لارتفاع العائد منها‏.‏


برنامج مبارك للاصلاح شامل لكل جوانب المجتمع المصري‏,‏ شمل تعميم استخدام الكمبيوتر في المدارس وإدارات الحكومة‏,‏ وتعميم معاهد التدريب‏,‏ مع الحرص الكامل علي أن يبقي البعد الاجتماعي علي رأس الاولويات‏,‏ وأن يكون هو الأساس لكل قرار‏,‏ وأن تكون الأولوية دائما لرعاية الطبقات الأقل قدرة باعتبار أن هذه المسئولية هي التي تشكل الركن الأساسي لشرعية الحكم‏.‏ وهذه المسئولية الاجتماعية هي التي جعلت الرئيس مبارك حريصا علي التدرج في برنامج الاصلاح الاقتصادي‏.‏

كانت هذه بعض النقاط الجوهرية في برنامج الاصلاح الشامل الذي أعلنه الرئيس عام‏.1999‏ والذي حرص فيه علي أن يجدد عهده مع الشعب وعلي ان يظل كما عهدناه قويا في الحق‏,‏ يقف حيث تكون مصالح الأغلبية الساحقة‏,‏ فيسأل الجميع المشورة والنصح‏,‏ ويتحسس نبض الجماهير في كل خطوة وكل قرار‏,‏ ويصارح الشعب بالحقائق مهما تكن صعوبتها‏..‏ يصون حرية الرأي‏..‏ وينتصر لصحافة وطنية حرة ومسئولة‏..‏ ويحافظ علي شرف الكلمة ومصداقيتها‏,‏ ولقضاء شامخ مستقل‏,‏ ولقطاع خاص وطني يرعي مصالح المجتمع كما يرعي مصالحه ويوازن بين دوره في التنمية ومسئوليته الاجتماعية‏.‏


وعندما نعيد قراءة خطاب مبارك في عيد العمال سوف نكتشف أولا أن الإصلاح ليس شيئا جديدا‏,‏ وليس قادما من الخارج‏,‏ ولكنه منذ سنوات طويلة ـ منذ بدء الولاية الأولي لمبارك كما نكتشف أن مبارك ثابت علي مبادئه‏,‏ مخلص للعهد الذي قطعه علي نفسه‏,‏ صادق في كل كلمة قالها وسعي الي تنفيذها بكل جهده‏.‏

وسوف نجدد له العهد من جانبنا أن نكون معه دائما ونعمل بإخلاص ونزاهة لتحقيق هذا البرنامج الوطني الطموح‏.‏ لأن نجاح هذا البرنامج مسئولية كل جهاز من أجهزة الدولة وكل منظمة من منظمات المجتمع وكل مواطن لديه ضمير وطني‏.‏


ولا شك في أن خطاب الرئيس في عيد العمال سيكون برنامج عمل الحكومة في الفترة القادمة‏,‏ وسيكون حسابها أمام الشعب وأمام مجلس الشعب علي اساس كل ما جاء فيه‏.


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف