حوار مع الغرب
شئنا أو لم نشأ فإن في الغرب مفكرين يروجون لنظرية صدام الحضارات والثقافات, ويضعون الإسلام والمسلمين طرفا في هذا الصراع والعالم الغربي كله في طرف, ويكررون الادعاء بأن القيم الإسلامية ـ تتعارض جذريا مع القيم الغربية وهي القيم الحضارية السائدة والتي يجب أن تسود في سائر انحاء العالم.
من جانبنا نحن نكرر كل يوم ونؤكد أن الإسلام لايؤمن بفكرة الصراع أو الصدام مع من يختلف معه في العقيدة أو الفكر أو المبادئ, ولكننا نقول ذلك لأنفسنا داخل حدود العالم الإسلامي وباللغة العربية, فلا يسمعه الغربيون ونحن لانذهب اليهم بصفة مستمرة لنجعل مواقفنا واضحة وحتي لا نترك فرصة لمن يسعي بقوة لتشوية صورة الإسلام والمسلمين في العالم.
والنتيجة أن البعض في الغرب ينادي بضرورة تغيير العالم العربي والإسلامي بالقوة اذا لم يتغير وفقا للنموذج الغربي, وكأن التقدم والتحديث لايمكن تحقيقهما إلا وفق هذا النموذج وحده.
الوقت الان هو وقت التحرك والعمل.. أن يتوجه مفكرو العالم العربي الإسلامي ليكون لهم حضور دائم في الغرب للحوار حول قضايا مطروحة الآن بقوة هناك, ولتقديم الاجابات الصحيحة علي اسئلة معلقة في الاذهان وفي مراكز البحث والإعلام ولاتجد اجابات من العالم العربي الإسلامي, بينما الاجابات المعبرة عن العداء أو عدم المعرفة هي السائدة: ومن هذه الاسئلة علي سبيل المثال:
* هل يعارض المسلمون الحريات المدنية, والديمقراطية, والمشاركة وحقوق المرأة, وهل يرفض العقل المسلم مبدأ التعددية من اساسه ولايقبل سوي الفكر الواحد, والرأي الواحد, والخضوع لرجل واحد,وكل فكر مخالف موضع إدانة ورفض علي طول الخط؟
* وهل يتعامل المسلمون مع العقائد التي تختلف مع عقائدهم بالعداء والرفض؟ وهل يحترمون اساليب الحياة الاخري التي تختلف عن اساليب حياتهم؟ باختصار هل يتفهم المسلمون طبيعة العصر ويقبلون العيش في عالم قائم علي التعددية في كل شيء, وهل حقيقة أنهم ينظرون باحتقار للقيم المادية في الغرب ويرون أنها تتعارض مع القيم الروحية السائدة بينهم, بحيث لايمكن التفاعل ولا التعايش وفقا لمقولة ـ أن الشرق شرق والغرب غرب ولن يجتمعا, أو أن كلا من المسلمين والغربيين يمكنهم أن يجدوا لدي بعضهم ما يمكن أن يتعلموه..؟ وهل الصحيح أن نظرة الغربيين إلي الثقافة والقيم الاسلامية نظرة دونية رافضة لهذه الحضارة التي اثرت في العالم اكثر من الف وخمسمائة سنة... هل أفلست الثقافة الإسلامية ـ كما يقول البعض ـ ولم يعد لديها ما تقدمه للعالم المتحضر في القرن الحادي والعشرين؟ وهل الصراع بين الثقافتين حتمي ولامفر منه.. وهل الارهاب هو وسيلة المسلمين, والغزو هو وسيلة الغربيين لحل هذا الصراع؟ هل هذا العنف المتبادل هو الصيغة الوحيدة الممكنة للتعامل بين الجانبين؟
إن المسلمين يشكلون اغلبية في52 دولة, وهم اقلية في بقية دول العالم, وفي الولايات المتحدة6 ملايين مسلم, وفي بريطانيا مليونا مسلم, وفي المانيا ثلاثة ملايين ونصف مليون, وفي فرنسا خمسة ملايين, والإسلام وفقا للتقارير الغربية ـ هو اسرع الأديان انتشارا, ويتوقع الخبراء الغربيون أن المسلمين سيصبحون ربع سكان العالم بعد عشرين عاما فهل يخشي الغرب هذا النمو, ويخشي أن يصبح القرن الحادي والعشرون قرنا إسلاميا كما يقول جيرمي ريكفين رئيس احدي مؤسسات البحوث في واشنطن؟
مثل هذه الاسئلة ألا تحتاج إلي بدء حوار ثقافي عميق واسع بين الغرب والإسلام بدلا من انتظار الوصول إلي نقطة اللاعودة... هذا السؤال ايضا يطرحه جيرمي ريكفين, ومن مصلحة العرب والمسلمين أن يسارعوا بالتحرك, ويذهبوا للحوار بدلا من أن تأتي إليهم الجيوش.