من هم أعداء الإسلام

اصبح الاتهام بمعاداة السامية سيفا مسلطا علي رقاب كل من يوجه نقدا للسياسة العدوانية العنصرية لاسرائيل‏,‏


وقد تولي كاتب اسرائيلي معروف كشف هذه اللعبة اللا اخلاقية‏,‏ وهو يوري افنيري رئيس حركة السلام الاسرائيلية جوش شالوم والعضو السابق في الكنيست‏,‏ وذلك في مقال بعنوان من هو المعادي للسامية‏,‏ ومن الذي لا يعاديها نشرته صحيفة هيرالد تريبيون الامريكية في عدد‏28‏ يناير الماضي‏.‏ ويقول فيه إن المعادين للسامية هم الذين يكرهون اليهود لأنهم يهود‏,‏ أو لأنهم اغنياء وفيهم صلافة‏,‏ أو لأنهم فقراء ويعيشون في احياء قذرة‏,‏ أو لأنهم لعبوا دورا كبيرا في الثورة البلشفية‏,‏ أو لأن بعضهم حقق ثراء فاحشا لا يمكن تصديقه بعد انهيار النظام الشيوعي‏,‏ أو لانهم صلبوا المسيح‏,‏ أو لأنهم افسدوا الثقافة الغربية‏,‏ أو لأنهم يعيشون بلا وطن‏,‏ أو لانهم اقاموا دولة‏..‏ ولكن هل كل من ينتقد اسرائيل معاد لسامية؟


ويجيب‏:‏ لا بالتأكيد ومن الخطأ تصوير كل الرافضين لما تفعله اسرائيل علي انه معاد للسامية‏,‏ بل ان هذا التوسع والتعميم سيؤدي الي عدم تحديد اعداء السامية الحقيقيين‏,‏ اما الذين ينتقدون سلوكنا في الاراضي المحتلة فإنهم كثيرون‏,‏ ومن الحماقة اتهامهم بمعاداة السامية‏,‏ ومن الممكن أن يكون الشخص معاديا للصهيونية دون أن يكون معاديا للسامية‏,‏ لأن الصهيونية عقيدة سياسية ويجب التعامل معها كأي عقيدة سياسية اخري كأن يكون الشخص معاديا للشيوعية دون أن يكون معاديا للصين‏,‏ أو معاديا للرأسمالية دون أن يكون معاديا لامريكا‏.‏


ثم يتساءل‏:‏ هل من الممكن أن يكون أي شخص معاديا للسامية ويكون في نفس الوقت صهيونيا؟ ويجيب‏:‏ نعم بالتأكيد‏,‏ وقد عمل مؤسس الصهيونية الحديثة تيودور هرتزل علي استمالة الروس المشهورين بعدائهم للسامية بأن قدم لهم وعدا بتخليصهم من اليهود‏(!)‏ وفي الوقت الحالي يتلقي اليمين الصهيوني المتطرف مساندة هائلة من الانجيليين الأمريكيين المتشددين‏,‏ الذين تعتبرهم اغلبية اليهود الامريكيين معادين للسامية‏,‏ لأن عقيدتهم الدينية قائمة علي أن جميع اليهود سوف يتحولون الي المسيحية‏,‏ أو تتم ابادتهم‏,‏ ويكون ذلك ايذانا بعودة السيد المسيح‏.‏ والتاريخ عرف امثلة مشهورة ليهود كانوا من أشرس المعادين لليهود‏,‏ فقد كتب كارل ماركس اشياء كريهة جدا عن اليهود‏,‏ وفعل ذلك كاتب يهودي مهم هو اوتو ونيينجر‏,‏ وحتي هرتزل نفسه كتب في مذكراته ملاحظات انتقد فيها اليهود نقدا شديدا‏.‏


ويقول يوري افنيري إن العالم مذهول من أن اليهود الذين كانوا ضحايا الأمس اصبحوا هم الجناة اليوم‏.‏ ويتساءل‏:‏ هل اصبحت اوروبا معادية للسامية مرة اخري؟ ويجيب بأن هذا القول ليس حقيقيا‏,‏ لأن عدد المعادين للسامية في أوروبا لم يزد بل انه انخفض‏,‏ والزيادة هي في الانتقاد لسلوك اسرائيل تجاه الفلسطينيين الذين اصبحوا ضحايا الضحايا‏!‏ أما ما يبدو في بعض احياء باريس من صراع بين المسلمين واليهود ويقال إنه دليل علي تزايد العداء للسامية‏,‏ فهو في حقيقته انعكاس للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني‏,‏ وليس انعكاسا لمعاداة السامية‏.‏


اما لماذا قالت الاغلبية من الأوروبيين في استطلاع اخير إن اسرائيل خطر علي السلام العالمي فهو من تأثير ما يفعله الاسرائيليون في الأراضي الفلسطينية‏,‏ ولأن المقاومة الفلسطينية التي يسميها الاسرائيليون ارهابا هي بالنسبة للكثير من الاوروبيين مثل المقاومة الفرنسية للاحتلال الالماني‏.‏ اما في العالم الاسلامي فلم تكن فيه أبدا معاداة للسامية مثلما كان في اوروبا المسيحية‏,‏ وما ذكر عن اليهود في القرآن لا يمكن مقارنته بالفقرات المعادية لليهود في العهد الجديد التي أثرت في العالم المسيحي‏.‏ وقد كانت اسبانيا في ظل الاسلام جنة لليهود‏,‏ ولم يحدث هولوكوست لليهود في العالم الاسلامي ابدا‏,‏ ولم يفرض المسلمون دينهم بالقوة علي اصحاب الديانات الاخري‏,‏ واليهود الذين طردوا من اسبانيا بعد ان اصبحت كاثوليكية رحلوا واستقروا في دول إسلامية‏,‏ ووجدوا فيها فرصة للازدهار‏.‏


ويتساءل ايضا‏:‏ هل كان مهاتير محمد معاديا للسامية عندما قال إن اليهود يسيطرون علي العالم؟ ويجيب‏:‏ من وجهة نظر واقعية كان الرجل محقا لأن اليهود يتمتعون فعلا بتأثير كبير علي سياسة الولايات المتحدة‏,‏ وكذلك علي الاعلام الامريكي والدولي‏..‏ واخيرا يقول‏:‏ نحن لدينا في اسرائيل متعصبون يكرهون العرب‏.‏


هذا ما يقوله يهودي‏..‏ اسرائيلي‏..‏ له مكانته في الفكر والسياسة‏..‏ فهل سيتهمونه هو الآخر بمعاداة السامية؟‏!

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف