أطلقت مجلة تايم الأمريكية اسم وزير الحرب علي دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي, وقالت إنه يبدو دائما متحمسا للحرب وللقتال منذ دخل البنتاجون للمرة الثانية عام2001 في إدارة الرئيس بوش, وإنه لن يعدم سببا للحرب خاصة بعد11 سبتمبر التي جعلت أمن أمريكا سببا كافيا للحرب في أي مكان.
ورامسفيلد هو أولا: أكبر مؤسس لنظرية الحرب الاستباقية أو الوقائية التي تعني حق أمريكا في شن الحرب علي أية دولة أو جماعة ليس ردا علي عدوان, ولكن لمجرد وجود شبهات أو ظنون بوجود نيات أو قدرات عدوانية لديها تجاه أمريكا ومصالحها. وهو ثانيا: صاحب نظرية جديدة في القتال بالاعتماد علي قوات محدودة العدد, عالية الكفاءة, مسلحة تسليحا قويا وحديثا يمكنها إنجاز مهمتها في أسرع وقت بقوة نيران غير مسبوقة, وبأسلحة فائقة القوة. وهو ثالثا: أول وزير للدفاع في تاريخ أمريكا يجعل سلطة البنتاجون تمتد لتشمل كل الاختصاصات غير العسكرية ابتداء من الحريات المدنية داخل أمريكا, إلي السياسة والدبلوماسية والعلاقات الخارجية. وهو رابعا: الذي أقنع الرئيس بوش بأن الحرب العالمية الجديدة التي تشنها أمريكا علي الإرهاب يجب ألا تكون لها حدود, أو أن تقف أمامها اعتبارات الشرعية أو القانون الدولي, أو إرادة الحلفاء والأصدقاء.
تقول تايم إن رامسفيلد يمكن النظر إليه الآن علي أنه رمز للحرب, وهذه طبيعته, فهو مقاتل ومهاجم طول الوقت, وسواء عنده أن يهاجم دولة أو شخصا أو فكرة أو أي شيء آخر. ويبدو أنه يحب أن يري كل ما حوله في حالة صراع, وأحيانا يشعر من حوله بأنه يحتاج إلي القتال لكي يظل حيا.
وتقول أيضا إن رامسفيلد هو أول وزير للدفاع في أمريكا يتدخل بهذه الدرجة في العمليات العسكرية, ويضع بصمته علي خطط الحرب, وقد أدخل تغييرا جوهريا في بناء الجيش الأمريكي بالتوسع في إعداد القوات الخاصة بأكثر مما كان مقررا في خطط البنتاجون قبله, وبتدريب القوات علي القتال في جميع الظروف والمواقع سواء علي متن الدبابات أو علي ظهور البغال كما حدث في أفغانستان, وجعل دور الطيران في الحرب مركزا جدا ومؤثرا جدا وقصيرا جدا لأيام قليلة بدلا من أن يستمر القصف الجوي عدة أسابيع كما كان يحدث في الحروب السابقة.
وعندما بدأ رامسفيلد عمله أقنع الرئيس الأمريكي بأن علي أمريكا ألا تتردد في التدخل العسكري في المشكلات عبر البحار, وكانت هذه الاستراتيجية عكس استراتيجية كولين باول وزير الخارجية, ومصدر قوته أنه كان وزيرا للدفاع قبل ذلك في حكم الرئيس جيرالد فورد عام1976, وكانت هذه هي أفكاره الأساسية, لكنه لم يستطع أن يحققها كاملة, وجاءت الفرصة بعد انفجارات11 سبتمبر فانتهزها بقوة لإقناع الجميع بأن حرب أمريكا في أنحاء العالم إنما هي ضد الإرهاب واحتمالاته.
وتتساءل تايم: أين رامسفيلد من السلام؟. وتجيب بأن مشكلة رامسفيلد أنه لم يدرك أن السلام يحتاج إلي خطط مثل خطط الحرب, لذلك فإنه انتصر في الحرب علي العراق, لكنه لم يستطع تحقيق السلام فيه بعد النصر.. وفجأة وجدت القوات العسكرية الأمريكية نفسها ملزمة بالعمل في الشارع وسط الشعب العراقي لحفظ الأمن, وحماية البنوك ومحطات الغاز والمنشآت المدنية ومستودعات الأسلحة. وكان رامسفيلد مطمئنا إلي أن الشعب العراقي سوف يرحب بالغزو ويفتح ذراعيه لقوات الاحتلال, وهو لا يعترف بالأخطاء سواء بقرار تسريح قوات الجيش العراقي وحرمان مئات الآلاف من الشباب العراقي من مصدر رزقهم, أو بتعيين جنرال متقاعد حاكما للعراق لتكون إدارة الحياة المدنية في العراق من اختصاص البنتاجون, أو بخطته لنقل القواعد العسكرية الأمريكية من أوروبا إلي الشرق في بولندا ورومانيا لتكون أقرب إلي الشرق الأوسط, أو حتي بقراره تعيين جنرال متقاعد رئيسا للأركان بعد أن تزايدت حدة انتقاد الجنرالات الكبار لسياسته في البنتاجون.
رامسفيلد يريد أن يغير العالم بالقوة, فهل سيقدر علي تغيير العالم بالقوة أو سيضطره العالم إلي تغيير نظريته؟. هذا هو السؤال الذي سيحدد كيف سيكون العالم في عام2004 وما بعده.