من المسئول عن الخداع الأمريكى
بدأ المستور ينكشف, وظهر بيقين عدم صحة ماأعلنه الرئيس بوش في خطابه الرسمي عن حالة الاتحاد عن صفقة اليورانيوم التي أكد أن العراق حصل عليها من النيجر.. والآن تجري المحاورات والمناورات حول من الذي يمكن أن يكون الضحية ويتحمل مسئولية هذه الخدعة التي كانت المبرر المعلن للغزو الأمريكي للعراق.
الكاتب الأمريكي المعروف نيكولاس كريستوف كشف بعض الخفايا في مقال في نيويورك تايمز نشرته هيرالدتريبيون يوم16 يوليو الحالي عنوانهالخداع ادي الي توقعات زائفة قال فيه إنه اجري حوارات مع المسئولين في مجتمع المخابرات الأمريكية, وعرف أن الرئيس بوش كان يريد بالحاح أن يمهد للحرب فقرر إحياء قصة صفقة اليورانيوم المشكوك فيها, ولكن وكالة المخابرات المركزية اعترضت علي ذكر الصفقة علي أنها مؤكدة, وتحت الضغط تم الاتفاق مع مجلس الأمن القومي علي صياغة تجعل القصة منسوبة للبريطانيين علي أنهم مصدر هذه المعلومات.
يقول نيكولاس كريستوف ان مايزعجني ليس فقط تلك الحادثة, ولكن أيضا هذه الصورة العريضة من الخداع والتضليل الذي ساعد أمريكا علي التورط في الفوضي الحالية في العراق, وماترتب علي ذلك من توقعات زائفة هي التي تجعل الاحتلال الأمريكي في العراق يعاني الضعف, بينما يحاول البعض في ادارة بوش جعل مدير المخابرات جورج تينيت كبش الفداء لهذه الخديعة, ولكن مجموعة من قيادات الاستخبارات المتقاعدين اصدروا رسالة احتجاج قدموها الي بوش يوم الاثنين24 يوليو الحالي تعبر عن موقف كثيرين في مجتمع المخابرات وهو أن المسئول الحقيقي هو ديك تشيني نائب الرئيس, بينما تحاول كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي أن تتنصل من المسئولية وتقول إنها لم تعلم شيئا عن رحلة تقصي الحقائق التي قام بها السفير السابق جوزيف ويلسون الي النيجر وتأكده من عدم صحة مايقال عن هذه الصفقة, وكان ذلك قبل القاء الرئيس بوش لخطاب الاتحاد بوقت طويل, وفي الوقت نفسه فإن كثيرين في المخابرات وصل بهم الاستياء الي حد أنهم بدأوا يكشفون علنا حقيقة الخداع, ولذلك عقدت في مخابرات الدفاع اجتماعات وصدرت توجيهات بعدم التحدث مع الصحفيين في هذا الموضوع.
يقول نيكولاس كريستوف إن معلومات الاستخبارات اصبحت لايتم التكتم عليها فقط, ولكن يتم التلاعب فيها أيضا, ومازال هذا التلاعب مستمرا, مثلما حدث في الهجوم الأمريكي علي الحدود السورية العراقية وقيل إنه كان يستهدف صدام حسين أو أفراد اسرته, والحقيقة أن هدفه الأول كان القضاء علي بعض مهربي البترول العراقيين, وكشف باتريك لانج المسئول الكبير السابق في المخابرات أن هذه الغارة كان هدفها تعطيل التعاون بين الولايات المتحدة وسوريا.. وأن التلاعب في الحقائق والمعلومات ليس مقصورا علي العراق ولكنه يشمل مختلف القضايا الدولية الأخري, ومن ذلك أن أحد المتشددين في الادارة الأمريكية طلب من مكتب المخابرات التابع لوزارة الخارجية تقريرا بأن كوبا تمتلك برنامجا للأسلحة البيولوجية, ورفض مسئولو مخابرات الخارجية تقديم هذا التقرير المزور, وايدهم كولين باول وزير الخارجية.. وفي حالة كوريا الشمالية يلاحظ أن تقارير المخابرات بدأت تتوالي بداية من ديسمبر2001 من أسلحتها النووية وهي تقارير لاتستند إلي أدلة أو معلومات جديدة, وعندما أراد البيت الأبيض التقليل من أهمية الأزمة الكورية بدأت التقارير تخفف من التعبير عن خطورة هذه الأسلحة
, وبدأ المحللون العسكريون يؤكدون أن برنامج اليورانيوم لكوريا الشمالية غير مؤكد, وهكذا فإن الادارة الأمريكية تستغل الاستخبارات لأغراض سياسية, حتي إن رئيس قسم البحوث الاستراتيجية في الكلية الحربية البحرية قال: هل يوجد تشابه بين استغلال التخمينات التي تم استغلالها في العراق ومايحدث في أمر كوريا الشمالية, وهناك أجزاء من الصورة لاأعلم عنها شيئا, ولكني أري أنه كلما تم تكبير الصورة فسوف يظهر مافيها من الخداع بوضوح أكثر.. وهكذا أصبحت المصداقية مفقودة..
وهذه هي القضية!