رسالة إلى المثقفين
كانت كلمة الرئيس مبارك في افتتاح معرض الكتاب هذا العام شهادة تقدير واعتراف بقيمة الثقافة والمثقفين, وأهمية دورهم في معارك التنمية والتحديث والحرية.
ومادامت للثقافة كل هذه الأهمية التي تحدث عنها الرئيس, فإن من الطبيعي أن تطرح علي المثقفين تساؤلات تفرضها طبيعة الظروف الدقيقة الحالية وأعتقد أن علي المثقفين أن يتوقفوا طويلا بالتحليل والدراسة لما جاء في هذه الكلمة, ليروا هل أدوا واجبهم كاملا في خدمة بلدهم, وهل هم الآن بالفعل كتيبة الدفاع عن استقلال الارادة الوطنية, وهل يتولون بالفعل قيادة عملية التغيير الكبري التي تجري في كل مجالات العمل الوطني, وهل قاموا بالفعل بما تفرضه عليهم المسئولية الاجتماعية؟ وباختصار: هل تقوم الحركة الثقافية بدور مؤثر وملموس في حياة المصريين..؟ وهل يشارك المثقفون في إثراء الفكر حول القضايا الداخلية بنفس القدر الذي تلقاه منهم الأزمات والقضايا الخارجية؟ وإن كانت الأحداث الخارجية تفرض علينا نفسها وتحظي بالأولوية لارتباطها بالوجود وبالمستقبل فهل يعني ذلك تأجيل التفكير في قضايا وموضوعات التنمية والبناء والتحديث..؟ ثم: كيف تخاطب العالم بصوت عال, وبلغة واضحة, وبمنهج حضاري, ونشارك في القضايا والاهتمامات والفكر العالمي..؟.
إن ما حققناه ليس بالشئ القليل, فما هو نصيب المثقفين من المسئولية في استكمال ودفع العمل لتغيير وجه الحياة في مصر لكي تصبح في المكان اللائق بها في النظام العالمي الجديد, وتتخلص من رواسب الماضي وسلبياته وتدخل عصر ثورة المعرفة, وثورة التكنولوجيا, وثورة العلوم الحديثة, وهل يمكن تحقق النهضة دون فكر ومفكرين لإنارة الطريق وتكوين رأي عام مؤيد للتغيير والتحديث يتبني القيم الاجتماعية والسياسية والحضارية الجديدة..؟.
لقد سرنا خطوات في بناء مجتمع الديمقراطية, بتأكيد سيادة القانون واستقلال القضاء واحترام أحكامه, وبالتعددية الفكرية والحزبية, وبإنصاف المرأة بتشريعات ومؤسسات ومجالات جديدة تكفل لها الكرامة وحقوقها كإنسان شريك للرجل لها ماله وعليها ما عليه.. ويبقي علي المثقفين أن يتولوا قيادة الرأي العام لتشجيع المواطنين علي احترام العمل, وإتقان العمل, واحترام الوقت, والإيجابية في المشاركة من خلال الأحزاب وإدارة مواقع الخدمات والتعاون في تنفيذ القوانين والالتزام بأخلاقيات وقيم تساعد علي تجاوز الحاضر وبناء المستقبل علي أسس سليمة.
وإذا كنا قد سرنا في التحرك الاقتصادي دون هزات تعرضت لها مجتمعات اخري, ووفرنا للقطاع الخاص وللاستثمار الظروف المناسبة للعمل, وأقمنا بنية أساسية جيدة, ومدنا جديدة, ومشروعات للصناعة واستصلاح الصحراء, وحولنا رؤيتنا للعدالة الاجتماعية من مفهوم الاحسان الي مساعدة المحتاج علي اكتساب مهارات لكي يعمل وينتج ويساعد نفسه, لكي يصبح المجتمع المصري مجتمع منتجين, إذا كنا قد حققنا الكثير فلا يزال أمامنا ما هو أكثر.. ما هو دور المثقفين في الحفاظ علي ما تحقق وتحفيز ارادة المصريين ليسارعوا الخطي لاستكمال المسيرة بقوة أكبر وإيجابية أكثر وإحساس بالمسئولية الاجتماعية ووعي بالمستقبل أعمق..؟.
وإذا كان هاجس الهجمة الثقافية يثير القلق في نفوسنا, فماذا فعل المثقفون للدفاع عن الهوية الثقافية, وتجديد ثقافتنا,وفتح الأبواب امام عقولنا لتساير ما في العالم من ثقافات وأفكار متجددة.
الواقع أن ما قاله الرئيس مبارك في افتتاح معرض الكتاب يمثل نواة لميثاق للعمل الثقافي علي المثقفين انفسهم ان يبلوروا معالمه, ويلتزموا بما يصل اليهم حوارهم, وما ترتضيه ضمائرهم.
وفي الحقيقة ان كلمة الرئيس كانت رسالة الي المثقفين.. يمد فيها الرئيس يده اليهم.. وينتظر ان يمدوا أيديهم معه لتحديث مصر, وهم علي ذلك قادرون.