الأمل فى الإسلام

تعتمد سياسة شارون علي تشديد الضغط علي الفلسطينيين إلي أن يصلوا إلي نقطة اليأس من الوصول إلي شيء من حقوقهم التي يطالبون بها‏,‏ وعندئذ يبدأ هو بتقديم ما يريد تقديمه علي أنه منحة وتنازل من إسرائيل‏,‏ وفي هذه الحالة يضطر الفلسطينيون إلي قبول أي حل مهما يكن مجحفا بعد اقناعهم بأنهم اصحاب الفرص الضائعة‏!‏

ولكن ظهرت في إسرائيل أخيرا بوادر لاعادة النظر في سياسة الحرب التي يقودها شارون منذ ثلاث سنوات ولم تحقق استسلام الفلسطينيين‏,‏ كما وعد‏,‏ وبدأت تظهر اشارات من تيار إسرائيلي ينادي بوقف العنف والتحرك نحو سلام حقيقي‏,‏ وفي هذا الاطار ظهرت مبادرة جنيف التي اشترك في إعدادها يوسي بيلين وزير العدل الإسرائيلي السابق وياسر عبدربه وزير الإعلام الفلسطيني‏,‏ وفيها تصور تفصيلي لمعاهدة سلام‏,‏ ومهما يكن الرأي حولها فهي علامة علي وجود الرغبة في التوصل إلي الحل النهائي لهذا الصراع الذي يبدو بلا نهاية‏.‏


وعلامة اخري علي هذا التغير ظهرت باعلان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود عولمرت موقفا مختلفا عن موقف رئيس الوزراء وقال إن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار في احتلال الضفة وغزة وملايين الفلسطينيين دون أن تفقد الاغلبية اليهودية‏,‏ وانني ارتجف عندما افكر في ان المنظمات اليهودية الليبرالية التي خاضت الصراع ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا يمكن أن تتحول إلي الصراع ضدنا‏.‏ وطالب بالبدءفي تفكيك المستوطنات والانسحاب من معظم الأراضي المحتلة بما في ذلك اجزاء من القدس الشرقية العربية علي اساس أن ذلك هو الحل الوحيد للابقاء علي اغلبية يهودية في إسرائيل‏.‏ وفسر المراقبون موقف عولمرت بأنه تعبير عن تيار جديد‏,‏ وانشقاق في صفوف اليمين الإسرائيلي‏,‏ وتحول في الفكر من التركيز علي التهديد الديموجرافي الداخلي في إسرائيل ذاتها‏,‏ خاصة بعد إعلان شارون وبوش أن إسرائيل ستبقي دولة يهودية‏.‏


وربما يكون من أسباب هذا التحول أن الإسرائيليين اكتشفوا أن الفلسطينيين داخل إسرائيل ستكون لهم الأغلبية علي اليهود في إسرائيل قبل عام‏2010‏ وهذا ما عبر عنه يوسي بيلين بقوله‏:‏ إذا لم نفعل شيئا لوضع حد مع الفلسطينيين‏(‏ بانشاء دولة لهم‏)‏ فسوف نشهد نهاية للحلم الصهيوني‏,‏ كما عبر عن ذلك الكاتب الإسرائيلي جدعون ساميت في صحيفة هاآرتس في مقال بعنوان تزايد التأييد للسلام في إسرائيل وقال فيه إن اربعة رؤساء سابقين في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي‏(‏ شين بيت‏)‏ حذروا من أن إسرائيل ربما تنهار إذا لم يتم التوصل لاتفاقية سلام مع الفلسطينيين‏,‏ يضاف إلي ذلك موقف مجموعة الطيارين الإسرائيليين الذين رفضوا قيادة طائراتهم لقتل مزيد من الفلسطينيين وتدمير المزيد من بيوتهم‏,‏ وكذلك اعلان رئيس الاركان الذي كان اكثر اثارة عندما قال‏:‏ يجب ايجاد حل بديل للحرب المستمرة لتجنب المزيد من التوتر‏,‏ ويضاف إلي كل ذلك الآثار الاقتصادية للحرب الإسرائيلية علي الفلسطينيين‏,‏ فقد ادت إلي خسائر بشرية ومادية علي الجانب الفلسطيني تثقل الضمير الإنساني‏,‏ وتضع اصدقاء إسرائيل في حرج امام غضب الشعوب العربية‏,‏ اما علي الجانب الإسرائيلي فكانت الخسائر أك

بر‏...‏ تراجع الاقتصاد‏,‏ وانهيار السياحة‏,‏ وتزايد البطالة بخلاف حالة القلق التي يعيش فيها الإسرائيليون والتذمر في الجيش الاسرائيلي‏.‏


وربما يكون هناك عامل آخر قد يكون حاسما‏,‏ وهو ما يبدو من تغير في السياسة الأمريكية‏,‏ فبعد ثلاث سنوات من اللامبالاة والصمت علي ما يفعله شارون‏,‏ ثم الاكتفاء بالتلويح بخريطة الطريق‏,‏ وايفاد مبعوثين ليس لديهم تفويض بعمل شيء‏,‏ إلي موقف جديد اعلنه الرئيس بوش في زيارته لبريطانيا حين انتقد ــ لأول مرة ــ سياسة الاستيطان الإسرائيلية‏,‏ ودعا شارون إلي التوقف عن اهانة الشعب الفلسطيني‏.‏

وقبل ذلك كانت الاشارة إلي استنكار الاستمرار في بناء السور‏,‏ وبعد ذلك رفض طلب شارون بعدم استقبال كولين باول لمهندسي مبادرة جنيف‏.‏


يقول الكاتب الإسرائيلي جدعون ساميت في ها آرتس إن الصحافة الإسرائيلية اصبحت توجه النقد إلي سياسة شارون‏,‏ ويتزايد احساس الإسرائيليين بوجوب الخروج من المأزق الذي يعيشون فيه‏,‏ وكذلك فإن المجتمع اليهودي في نيويورك الذي اعتاد تأييد كل حكومة إسرائيلية مهما فعلت‏,‏ ظهرت فيه اصوات جديدة‏,‏ كما ظهر منشق يقود حركة الإصلاح الأمريكي اليهودي هو الحاخام اريك يوفي يعارض الانقياد للحكومة الإسرائيلية ومساندتها بالحق والباطل‏,‏ ويطالب بأن يكون لليهود الامريكيين تأثير علي سياسات إسرائيل وأمريكا تجاه الشرق الأوسط‏,‏ والا يكون دور اليهود الامريكيين تأييد إسرائيل فقط‏.‏

ويقول بعض المعلقين الاسرائيليين إن مناحم بيجن كان من اعداء السلام مع العرب ومع ذلك فهو الذي وقع معاهدة السلام ويقولون نتعشم أن يكون العام الجديد‏2004‏ عام التحول في موقف شارون واليمين الإسرائيلي‏...‏ وإن بدا ذلك وكأنه عشم ابليس في الجنة‏!


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف