دانيال بايبس صانع السلام
اختار الرئيس بوش دانيال بايبس المعروف بأنه شديد العداء للعرب والاسلام والمسلمين لعضوية مجلس إدارة المعهد الفيدرالي للسلام, وأثار هذا الاختيار غضب الجمعيات المسلمة الأمريكية ودهشة المثقفين الأمريكيين المعتدلين.
دانيال بايبس له مؤلفات عديدة ويكتب مقالات منتظمة وله موقع علي الانترنت, وتدور أفكاره حول الانحياز لاسرائيل, والعداء للعرب والاسلام, حتي أن إحدي الصحف الأمريكية وصفته بأنه الصقر الأمريكي السوبر, وعلقت واشنطن بوست علي اختياره بأنه ضربة قاسية للمسلمين, ومن أرائه أن جميع المسلمين موضع شبهة, وإن المساجد ليست سوي قواعد لتدريب المسلمين المسلحين, ولذا يجب التفتيش فيها.. وإن الطريق الوحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط هو الانتصار العسكري الاسرائيلي الكامل, لأن انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ـ من المستحيل الوصول إليه بالتفاوض, ولا أمل في أن تكون للمباحثات السياسية فائدة أو تؤدي إلي تسوية. وقد شارك بايبس أخيرا في مؤتمر صهيوني بواشنطن وأعلن فيه أن ما حققته اسرائيل بالحرب بددته بالدبلوماسية, وأن الحل أن تفرض القوات الاسرائيلية بالقوة العسكرية ما يسميه تغيير القلب لكل الشعب الفلسطيني, ليصلوا إلي يقين بعدم جدوي المقاومة, وبضرورة القضاء علي إرادة القتال لديهم, وعندما يصل الفلسطينيون إلي الاستسلام الكامل يمكن الحديث معهم عن السلام(!) وتساءل: كيف يمكن تغيير القلب لكل الفلسطينيين؟ واجاب: بانتصار اسرائيل انتصارا عسكريا ساحقا.. وهزيمة الفلسطينيين هزيمة ساحقة, فإسرائيل محتاجة إلي تحقيق انتصار عسكري أكبر مما حققته حتي الآن.. والفلسطينيون يحتاجون إلي أن ينهزموا اكثر مما انهزموا وأكثر مما تحتاج اسرائيل إلي هزيمتهم(!) وما فعلته اسرائيل بالفلسطينيين حتي الآن لا يكفي لتغيير القلب.
وقد كتب مايكل سكريرMickaelScherer يتعجب من اختيار الرئيس بوش لهذا الكاتب بالذات باعتباره صانع سلام مع أن آراءه المتطرفة تتعارض مع السياسات والتصريحات المعلنة لادارة بوش, وهو أشد عداء للفلسطينيين والعرب مما يعلنه شارون نفسه, ومن غير المفهوم اختيار الرئيس بوش له لإدارة مؤسسة بحثية وفكرية مهمة يرعاها الكونجرس ويخصص لها من الميزانية الفيدرالية16 مليون دولار سنويا, وهي مؤسسة متخصصة في إعداد البحوث والبدائل لتحقيق السلام في مناطق الصراع.
وقد أغضب هذا الاختيار الجماعات المسلمة الأمريكية, كما أغضب القادة اليهود الأمريكيين الليبراليين, وعبرت عن ذلك سوزانا هيسكلSusannahHeschel استاذ الدراسات اليهودية ومساعد رئيس الجمعية اليهودية الليبرالية, فقالت إن اختياره صانع سلام مثل تعيينه رئيسا لقسم الفيزياء النووي, كلاهما مستحيل(!) وقد بدأ عدد من زعماء الكونجرس في الاستعداد لمعارضة هذا الاختيار, وعلي رأسهم السيناتور البارز إدوارد كيندي الذي أعلن أن هناك مخاوف خطيرة من بايبس, وأنه لذلك سوف يعترض علي الترشيح في لجنة الكونجرس, بينما يساند ترشيح بايبس اللوبي المؤيد لاسرائيل مثل اللجنة الأمريكية للشئون العامة الاسرائيلية, والكونجرس اليهودي الأمريكي, والمنظمة الصهيونية لأمريكا, وأمثالها.
وبايبس حاصل علي الدكتوراه من جامعة هارفارد, وله مؤلفات مليئة بالكراهية للعرب ويكتب بانتظام مقالات في عدد من الصحف المعروفة, وله موقع علي الانترنت يضم ملفات عن آراء المفكرين وأساتذة الجامعات الأمريكيين الذين يوجهون النقد لاسرائيل وللسياسة الخارجية الأمريكية ويرد عليهم, وفي آخر مقال كتبه قال إن الولايات المتحدة ليس عليها أي التزام أخلاقي بإعادة بناء الدول بعد الغزو مثل العراق وأفغانستان, وتعليقا علي اختيار الرئيس بوش له قال بايبس: إن ترشيحي في حقيقته طعنه لمن يحاولون أن تكون لهم سلطة لاقامة دولة اسلامية يكون دستورها القرآن, وبايبس يستعدي الأمريكيين علي المسلمين في أمريكا ويقول إن المسلمين الأمريكيين, يعتزمون القيام بثورة في أمريكا, لفرض الشريعة الإسلامية علي الأمريكية وفي أحد كتبه قال إن كل المسلمين موضع شبهة, ويجب مراقبة كل مسلم يتولي منصبا عسكريا أو دبلوماسيا أو قانونيا للتحري عن علاقته بالارهاب, وهو يعارض وجود المهاجرين المسلمين العرب في أمريكا لأنهم يأتون ومعهم عاداتهم وثقافتهم وأفكارهم المزعجة التي تمثل خطرا علي الثقافة الأمريكية والمجتمع الأمريكي.
إن اختيار الرئيس بوش لهذا الكاتب بالذات لا يمكن أن يكون مصادفة أو عشوائيا, ولكنه اشارة إلي تغيير في توجهات معهد الولايات المتحدة للسلام, لأن بايبس يعتنق أفكار جابوتنسكي الأب الروحي للارهاب الصهيوني, ومنها أن السلام لن يتحقق إلا بسحق العرب, والقضاء علي أي بادرة أمل لديهم, وبايبس يردد دائما عبارة بن جوريون بأن السلام سوف يتحقق فقط عندما يصل العرب إلي اليأس والاذعان لدولة اسرائيل اليهودية.
اليس من حق العرب والمسلمين أن يتساءلوا: لماذا اختيار بايبس بالذات وفي هذا الوقت ؟