تناقضات السياسة الأمريكية

تكشف الصحافة الأمريكية كل يوم مدي التخبط في سياسات الادارة الأمريكية‏,‏ حتي ان الكاتب المعروف بول كروجمان كتب مقالا في صحيفة نيويورك تايمز عنوانه اختراع الحقائق عند الضرورة ليصف موقف الادراة الأمريكية من الترويج لمبررات ضرب العراق‏.‏

ويشير بول كروجمان في مقاله المنشور يوم‏28‏ أكتوبر إلي ما جاء في صحيفة واشنطن بوست بقلم دانا ميلبانك من إن الحقائق بالنسبة للرئيس بوش قابلة دائما للتطويع‏,‏ ولا بأس من توثيق التصريحات بوقائع مشكوك فيها أو علي غير اساس‏,‏ وذلك ما ينطبق علي سياساته ابتداء من موقفه من ضرب العراق‏,‏ حتي تمرير الميزانية في الكونجرس‏,‏ وقد كتبت صحيفة وول ستريت جورنال عن ظاهرة تكرار اعلان كبار المسئولين في الادارة الأمريكية عن معلومات استخبارية ثم تبين أنها غير مؤكدة‏,‏ حتي أن احد كبار المسئولين السابقين عن مكافحة الإرهاب في المخابرات الأمريكية اعلن بصراحة أن المعلومات المطبوخة في المخابرات تأخذ طريقها وتتحول الي بيانات رسمية رفيعة المستوي‏!‏ وكتبت صحيفة يو‏.‏ اس‏.‏ آيه‏.‏ توداي تقول‏:‏ إن الضغط مستمر علي المخابرات الأمريكية لكي تقدم معلومات محرفة‏,‏ وتخمينات لا دليل عليها لكي تخدم اهدافا سياسية‏.‏


ولأن دانا ميلبانك صحفي شجاع يكشف الحقيقة وراء الوقائع المصطنعة التي يعلنها كبار المسئولين في الادارة الأمريكية‏,‏ فهو يدفع الثمن ويتعرض الآن الي حملة تشويه للسمعة من جانب البيت الأبيض كما يقول بول كروجمان في مقاله‏,‏ ويضيف الي ذلك أن الرئيس بوش يسعي الي الظهور في صورة الرجل الصريح‏,‏ بينما هو في حقيقته مراوغ‏,‏ وغامض‏.‏ ويقول أيضا إن الفيض من المقالات التي تتحدث عن الخداع من جانب الادارة الأمريكية من أجل الترويج والإقناع بأسباب الحرب علي العراق‏,‏ وبالتالي فإن هذه المقالات تكشف الخداع في قضايا أخري كثيرة مثل تخفيض مخصصات الضمان الاجتماعي مع محاولة اقناع الرأي العام بأن هذه المخصصات زادت‏,‏ وكأن الادارة الأمريكية تريد من الأمريكيين ان يصدقوا ان‏2+1=4,‏ وكذلك محاولة اقناع الرأي العام بأن خفض الضرائب الذي يستفيد منه الأغنياء بالدرجة الأولي إنما هو لصالح الطبقة المتوسطة‏,‏ وانه يجري تنفيذ الوعود بخفض غاز ثاني أوكسيد الكربون للحفاظ علي صحة الأمريكيين بينما يحدث العكس‏.‏ ويقول بول كروجمان إن ادارة بوش تمارس الكذب المنهجي وان هذه الادارة تحاول الاحتفاظ للرئيس بوش بمظهر الشعبية الكاذبة بينما تقوم سياستها علي خدمة مصالح فئة محدودة من الشعب هم الاغنياء ورجال المال والصناعة الذين لا يهتمون بالمجتمع ولا بالبيئة ولا بما يحدث للفقراء‏,‏ وما يدعو للحيرة ـ كما يقول كروجمان ـ أن بوش يسيطر علي منبر الوعظ ولكنه لا يحقق نجاحا كبيرا في تغيير الرأي العام في القضايا الأساسية‏,‏ وقبل أحداث سبتمبر كان الفزع سائدا من تحول هذه الادارة الي اليمين بشكل زائد عن الحد‏,‏ وجاءت أحداث سبتمبر لتعطي بوش شعبية كبيرة ونجح في ان يستثمر مشاعر الشعب للالتفاف حول العلم‏,‏ ولكن ظل الهليوم يتسرب بانتظام من ذلك البالون أي بدأ بوش يفقد هذا الحماس الشعبي شيئا فشيئا‏,‏ والآن تلعب الادارة الامريكية بورقة الحرب‏,‏ وتخترع حقائق تستخدمها للاحتفاظ بما تبقي من شعبيته لكي تبقي لها السيطرة علي جميع السلطات‏,‏ ولكن ماذا بعد؟ ويجيب كروجمان‏:‏ ليس هناك مؤشر علي ان بوش يمكن ان يتحرك من اقصي اليمين ليتخذ موقف الوسط‏,‏ لأن الدائرة الضيقة حوله تظن ان السيطرة الكاملة علي السلطات يمكن استخدامها لتحقيق انتصارات سياسية‏,‏ بينما يفقدون التأييد تدريجيا كلما تكشفت للرأي العام سياساتهم‏.‏ ويختم كروجمان مقاله بالقول‏:‏ السؤال الآن عن الصحافة بعد ان بدأت تجد صوتها الذي فقدته‏,‏ وبدأ صوتها يرتفع بالحقائق‏,‏ هل ستبقي علي هذا النحو‏,‏ أو ستفقد قدرتها علي الكلام في وجه حكومة مسيطرة تتكون من حزب واحد؟


وفي يوم‏24‏ أكتوبر خصصت نيويورك تايمز افتتاحيتها لكشف سياسة الادارة الأمريكية في تلفيق وقائع بغير دليل لمجرد اثبات ما تريد اثباته‏,‏ مثل الادعاء بوجود دليل علي وجود علاقات بين حكم صدام حسين وتنظيم القاعدة برغم ان حكم صدام علماني يتعارض مع إيديولوجية بن لادن وأهدافهما متعارضة‏,‏ وقد أعلنت الادارة الأمريكية ان محمد عطا المتهم الرئيسي في أحداث سبتمبر قابل أحد رجال المخابرات العراقية في براغ يوم‏21‏ أبريل‏2001,‏ ولكن رئيس دولة 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف