الحروب الأمريكية

تجمع تحليلات الصحف الأمريكية علي أن إدارة الرئيس بوش أصبح يسيطر عليها مزاج الحرب حتي إن مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس قالت إن اتجاه بوش العدواني يرجع إلي أن النقد كان يوجه إليه في أثناء الحملة الانتخابية بأن نقطة الضعف في برنامجه الانتخابي هي السياسة الخارجية المتواضعة‏.‏

ومنذ أيام قالت كوندوليزا رايس‏,‏ في حوار معها‏,‏ إن فترة رئاسة بوش هي فترة رئاسية تتسم بالحروب


وفي تفسير هذه الحالة المسيطرة علي الإدارة الأمريكية نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا بعنوان رئاسة بوش المتسمة بالحروب يقول إن بوش أعلن في العام الماضي أن الحرب هي مركز اهتمام إدارته وعلي الجميع أن يفهموا ذلك‏,‏ وظل علي إصراره علي إعطاء الأولوية للحروب الخارجية برغم تفجر المشكلات الاقتصادية‏,‏ وفضائح الشركات الأمريكية الكبري‏,‏ واشتعال الموقف في أزمة الشرق الأوسط‏,‏ وها هو عاقد العزم علي جعل أحداث سبتمبر مبررا لضرب العراق‏,‏ وقد تكون حرب العراق هي الخطوة الأولي لمقدرة الإدارة الأمريكية علي إقناع العالم بأن العمل العسكري هو الحل والتراجع عنه سيؤدي إلي كوارث أكبر‏,‏ ومستشارو بوش من الصقور هم الذن أقنعوه‏,‏ عقب أحداث سبتمبر‏,‏ بالتحرك العسكري ضد صدام حسين‏,‏ حتي بدون وجود أي دليل علي علاقته بهذه الأحداث‏,‏ برغم أن أغلبية الأمريكيين يرون أن أمريكا في صراع مع الإرهابيين وليست في حالة حرب عالمية شاملة‏.‏


يقول المقال‏:‏ إن القريبين من بوش يرددون أن مخاوف بوش من تكرار أحداث سبتمبر تسيطر عليه لدرجة أنها طغت علي جميع الأولويات الأخري‏,‏ وعبر عن ذلك كارل روف كبير مستشاري بوش السياسيين بأن بوش قال لمساعديه إنه يريد تنفيذ برنامج داخلي قوي‏,‏ لكنه لا يجد الوقت لذلك‏.‏ ويقول المقال أيضا‏:‏ إنه يكفي لتفهم حالة بوش الذهنية حاليا أنه يبدأ صباحه كل يوم بقراءة تقرير تقويم عن الخطر الذي يتضمن ما توصلت إليه أجهزة المخابرات والجهات القانونية عن النشاط الإرهابي المحتمل‏,‏ وبوش هو أول رئيس في أمريكا يقدم إليه يوميا مثل هذا التقرير المفصل عن احتمالات تعرض الولايات المتحدة لهجوم إرهابي‏,‏ وهو تقرير يتراوح بين خمس صفحات وخمس وعشرين صفحة يبدأ بتلخيص الأخطار المحتملة علي الولايات المتحدة‏,‏ والأهداف المحتملة‏,‏ والطريقة التي جمعت بها هذه المعلومات‏,‏ وهذا القلق اليومي الذي يعيش فيه الرئيس الأمريكي والذي انعكس في استراتيجية الأمن الوقائية الجديدة‏,‏ تعبير عن قوله بأن فترة رئاسته سيتم الحكم عليها علي أساس مدي قدرته علي القضاء علي التهديدات قبل أن تحدث مرة أخري‏,‏ والنتيجة ـكما يقول المقالـ هذا التحول الهائل في الاتجاه الأمريكي في التع

امل مع الأعداء والحلفاء‏.‏ وتقول كوندوليزا رايس عن ذلك‏:‏ إن بوش وضع نظرية تبرر قيام أمريكا بالضرب في أي مكان وفي أي وقت دون التعويل كثيرا علي قرار من الأمم المتحدة‏,‏ وهذه النظرية ـكما قالتـ تحدد طريقة تعامل أمريكا مع العالم في زمن أصبح فيه الإرهابيون قادرين علي إلحاق دمار وفوضي في الولايات المتحدة بتكلفة تقل عن ثمن دبابة‏!‏ ويقول المقال‏:‏ إن بعض حلفاء الرئيس الأمريكي من الجمهوريين عبروا عن خشيتهم من أن نظرته للعالم طوال العام الماضي أصبحت نظرة سوداء‏,‏ حتي إنه يركز علي الضرب أكثر من البناء‏,‏ وعلي هزيمة المستبدين أكثر من بناء المدارس‏.‏


وفي هذا الاتجاه قالت افتتاحية نيويورك تايمز يوم‏24‏ سبتمبر الماضي تحت عنوان مذهب بوش‏:‏ إنه كان يتحدث في أثناء حملته الانتخابية عن التواضع الذي يجب أن تتسم به تعاملات أمريكا مع الدول الأخري‏,‏ لكن ذلك المعني اختفي وأصبحت تأكيداته اليومية علي القوة الأمريكية وربما تعجب هذه التأكيدات أنصاار بوش في تكساس ولكنها تثير القلق في بقية العالم بما في ذلك أقرب حلفاء أمريكا‏,‏ خاصة أن الخطاب السياسي للرئيس الأمريكي يتحدث تارة عن الحرية والديمقراطية وحكم القانون بين الدول المتصارعة‏,‏ وعن تعاون أمريكا مع الدول الأخري لمقاومة الأمراض وتخفيف حدة الفقر وزيادة المعونات الخارجية الأمريكية‏,‏ وفي الوقت نفسه يستخدم لغة القوة والتهديد وكأنه يعلن أن الإمبراطورية الرومانية أو امبراطورية نابليون قد ولدت من جديد‏,‏ ويبدو أن الاتجاهات المؤيدة للقتال سوف تقود سياسة واشنطن في الفترة المقبلة‏.‏

هكذا تبدو حقيقة الموقف كما تعكسها تحليلات الصحف الأمريكية‏.


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف