خطة بوش للسلام

قبل انعقاد القمة العربية في بيروت نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا لواحد من كبار كتابها هو ريتشارد كوهين الذي يوصف بانه قريب من دوائر صنع القرار قال فيه إن القمة العربية سوف تقر مبادرة الأمير عبدالله التي تمثل رؤية أو خطة العرب للسلام‏,‏ فما هي رؤية أو خطة الرئيس بوش للسلام‏..‏

وأجاب كوهين بقوله‏:‏ اذا كانت في مكتب جورج دبليو بوش خطة فهي تتلخص في اللامبالاة والإدانة الروتينية للعنف الفلسطيني‏.‏ وعلق علي ذلك بقوله‏:‏ مهما يكن الأمر‏,‏ فاننا ندين الانفجارات الانتحارية وقتل الاطفال والمدنيين‏,‏ ولكن قبل ذلك يجب أن نتساءل عن الصحة العقلية لشارون الذي يضاعف كل يوم مراهناته وليست لديه رؤية لانهاء العنف‏,‏ وفي حالة الحرب الحالية بين اسرائيل والفلسطينيين فان اسرائيل هي الخاسرة‏,‏ والاسرائيليون لن يستطيعوا العيش في جو الخوف وابسط ما سيفعلونه هو ان يحزموا أمتعتهم ويرحلوا‏..!‏


واستمر كوهين في تحليل الموقف الأمريكي فقال ان البيت الأبيض لم يفعل شيئا لكبح جماح شارون‏,‏ وشارون يعلن عن سياسته للانتقام بكلمات صريحة باردة وواشنطن لا تقول شيئا‏,‏ ومنذ إيام قال شارون‏:‏ ان الهدف هو زيادة الخسائر علي الجانب الآخر‏,‏ وبعد سحقهم يمكن أن نعود الي المباحثات فماذا فعلت الإدارة الأمريكية‏..!‏

أما كوهين فقد قال‏:‏ ان هذا جنون‏..‏ جنون كامل‏..‏ لقد تم سحق الفلسطينيين مرة أخري‏,‏ ومازال الفدائيون مستمرين‏,‏ والعنف يولد العنف‏,‏ والنتيجة مزيد من العنف‏,‏ والمبادرة العربية تمثل بصيص الأمل بينما لا تري سوي المجازر‏,‏ ومع أن المبادرة العربية بلا تفاصيل‏,‏ ولا تقدم حلا لمشكلة القدس وتطالب بالانسحاب الي حدود‏4‏ يونيو وعودة اللاجئين وهذا مستحيل لانه سيؤدي الي تغيير طبيعة اسرائيل ويصبح اليهود فيها أقلية في الدولة التي أنشأوها‏,‏ ولكن هذه المبادرة هي الشيء الوحيد الذي يمكن البدء منه خاصة وهي تأتي من السعودية فهي تحمل أمانة الإسلام‏.‏


ثم يضيف كوهين‏:‏ ان شارون تم انتخابه ليفعل ما يفعله الآن بالضبط‏,‏ ومع ذلك فقد بدأ الشعب الاسرائيلي يفقد الثقة فيه‏,‏ وهذا هو الوقت المناسب أمام ادارة بوش للضغط عليه‏,‏ وسيكون الوقت مناسبا أيضا أمام المجتمع اليهودي في أمريكا لاعطاء بوش الغطاء السياسي لذلك‏,‏ واذا كان اليسار في الولايات المتحدة وفي اسرائيل قد فقد حماسه تجاه عرفات لاستمرار العمليات الانتحارية ولكن يجب أن يوضع في الاعتبار الغضب والاحباط عند الفلسطينيين‏,‏ وضرورة التقدم بحلول للانقاذ من الحماقة والجنون في السياسات المفلسة لشارون‏,‏ يجب علي الولايات المتحدة ان تعود الي الشرق الأوسط وعمل شيء ما يتناسب مع كونها قوة عظمي‏.‏

وهكذا بدأ اتجاه جديد في الاعلام الأمريكي الذي كان غارقا في الانحياز لاسرائيل بنسبة مائة في المائة ويردد الادعاءات والأكاذيب الاسرائيلية علي انها حقائق‏,‏ هذا الاتجاه كما يبدو في مقال كوهين يدين الصمت الأمريكي وموقف اللامبالاة وانتظار شارن الي أن يستكمل خطته المجنونة للقضاء علي السلطة الفلسطينية وعلي توقعات الفلسطينيين في امكان حصولهم علي حلم اقامة دولة أو استعادة القدس أو اقرار حق العودة‏,‏ والاكتفاء فقط بالنجاة من الموت والاعتقال‏..!‏ وفي هذا الاتجاه الجديد أيضا اعتراف بان شارون أصبح يمثل بالفعل حالة مرض عقلي وليس حالة جموح سياسي‏,‏ واعتراف بان نتيجة هذا الجنون فقدان الأمن للاسرائيليين بدلا من ارساء قواعد الأمن نهائيا كما وعد في الانتخابات‏..‏ ولن تكون هناك نتيجة لذلك ألا أن تزداد موجات الهجرة من اسرائيل الي خارجها وهذا ما بدأ بالفعل حيث تسجل الاحصائيات الرسمية تزايد اعداد المهاجرين خاصة من اليهود السوفيت الذين جاءوا علي أمل أن يجدوا في اسرائيل الجنة الموعودة فوجدوا فيها الجحيم كما قالت الصحف الاسرائيلية‏.‏


واذا كانت مصالح العرب وحياتهم وأمنهم أمورا تهم الادارة الأمريكية فان تحركها لوقف تدهور الأمور تأخر كثيرا من أجل المصالح الأمريكية ومن أجل مصلحة الاسرائيليين علي المدي الطويل‏..‏ ولابد من ان تصل الي الآذان في البيت الأبيض أصوات ونواقيس الخطر التي يدقها العقلاء في امريكا واسرائيل‏..‏ وتتحرك الادارة الأمريكية قبل فوات الأوان‏.‏ وتكف عن معالجة الازمة بالتصريحات المراوغة‏.


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف