الإسلام و الغرب

فور وقوع احداث‏11‏ سبتمبر في الولايات المتحدة تفجر سؤال علي السنة الامريكيين هو‏:‏ لماذا يكرهنا العالم‏...‏ ولماذا يكرهنا المسلمون؟ وانتقل السؤال الي اوروبا فاصبح حديثا يوميا في الصحف وبرامج التليفزيون وفي الندوات والحوارات السياسية والاستراتيجية‏,‏ مما يشير الي أن هذه القضية كانت قائمة وعميقة الجذور وواسعة التأثير في عقول قطاعات من الامريكيين والاوروبيين ولكنها كانت كامنة‏.‏

علي الجانب الآخر تفجر نفس السؤال في العالم الاسلامي‏,‏ لماذا يكرهنا الغرب‏...‏ وذلك بعد أن تعددت حوادث الاعتداء علي بعض المساجد وبعض المسلمين والعرب‏...‏ ولو لم يكن الأمر قد وصل إلي درجة الخطر لما تحرك الرئيس الامريكي بنفسه


بلقاء قيادات المسلمين وزيارة المركز الاسلامي ودعوة المسلمين علي الافطار في رمضان ودعوتهم في العيد وتقديم الكعك لهم في البيت الابيض‏...‏ وان كان ذلك يدل علي توافر الارادة السياسية في الولايات المتحدة علي حصار هذه المشاعر المعادية للاسلام والمسلمين‏,‏ وتصحيح صورة الاسلام التي اصبحت مشوهة بصورة نمطية في كثير من وسائل الاعلام الامريكي والاوروبي‏,‏ الا أن هذا المحرك في ذاته يدل علي الدرجة التي وصلت اليها حالة الشك في الاسلام والمسلمين‏,‏ ولانقول الكراهية‏.‏

ومع ذلك فان الاذاعة البريطانية خصصت الاسبوع الماضي ندوة عن صورة العالم الاسلامي في الاعلام الغربي قالت فيها ان احداث سبتمبر افرزت رؤيتين متقابلتين‏,‏ ووعيا جديدا لدي العرب والمسلمين ولدي الغرب‏,‏ وعكست ذلك كتابات عديدة ابرزها اعادة صمويل هنتنجتون صياغة مقولته‏:‏الغرب في مواجهة العالم‏Thewestandtherest‏ في كتابه الشهير صراع الحضارات الي مقولة جديدة هي‏:‏ الإسلام في مواجهة العالم

‏islamandtherest

وما كتبه محمد صادق الحسيني مستشار الرئيس الايراني محمد خاتمي عن العالم بحروف غير امريكية‏.‏


واشارت الاذاعة البريطانية الي الندوة التي عقدتها المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة‏(‏ الايسيسكو‏)‏ في الرباط حول موضوع صورة العالم الاسلامي في الاعلام الغربي بين الانصاف والاجحاف وما قيل فيها عن حجم التشويه الذي يتعرض له الاسلام دينا وثقافة وحضارة في الغرب منذ‏11‏ سبتمبر‏.‏ وما اكده الصحفي البريطاني باتريك سيل من ان كلا الطرفين ـــ الغرب والاسلام ــ اكتشف حجم الكراهية التي يحملها الآخر له‏,‏ واكد باتريك سيل ايضا تحيز الإعلام الأمريكي الواضح مقابل اصوات اكثر موضوعية في الاعلام الاوروبي‏,‏ وما اثاره اثان كاردلس رئيس تحرير خدمة لوس انجلوس تايمز الامريكية عن تعددية الاسلام في مقابل تعددية الغرب‏,‏ وتأكيده انه كصحفي امريكي لايملك من معلومات عن الاسلام إلا ما ينقله الصحفيون والساسة المسلمون انفسهم‏,‏ وقال في الندوة‏:‏ جئت إليكم لابحث عن اجابة عن ماهية الاسلام‏,‏ فهل يمكن ان يجيبني احد‏,‏وقال‏:‏ ان المسلمين عليهم اولا ان يتوصلوا الي حل لاشكاليات كثيرة داخلية عندهم قبل ان يطالبونا بصورة اكثر توازنا‏,‏ وقال ايضا عبارة مهمة هي ان آلية الاعلام الامريكي تهيمن عليها الصورة اكثر من الكلمة المكتوبة‏,‏ اي التليفزيون اكثر من الصحيفة والكتاب‏,‏ لان المجتمع الامريكي ــ كما قال ــ يعيش عصر ما بعد الكتابة

‏society Post-texet.‏


اما مراسل راديو كروب الاسباني فقال‏:‏ كيف يمكن للصحفي الاجنبي ان يغطي احداث العالم الاسلامي والعربي وهي مجتمعات شبه مغلقة امامه وتحدث عن صور من معاناة الصحفي الاجنبي في بيئة اعلامية ضيقة‏.‏ وقال ان استمرار الاشارة الي الآخر علي أنه عدو تنتهي بترسيخ الفكرة وغرس عداء حقيقي‏,‏ والصحفي الغربي اعتاد التفكير بمنطق السياسة والاجتماع وليس بمنطق الدين والعقيدة‏,‏كما اعتاد الاعلام العربي والاسلامي‏.‏

وفي هذه الندوة اجمع المشاركون علي ضرورة الاعتراف بقصور في الخطاب الاعلامي العربي والاسلامي‏,‏ وضرورة انفتاح العالم الاسلامي والعربي علي العالم الغربي وعلي حقائق العصر بدلا من التمسك بالماضي‏,‏ والدعوة الي انشاء هيئة اعلامية دولية مهمتها قضايا الحوار والتعايش بين شعوب العالم‏,‏ وان يشكل العرب والمسلمون في الغرب ــ هيئات وافرادا ــ قوي ضاغطة ترفع صوتها مدافعة عن صورتها وهويتها بدلا من ان يبادر الآخر بالدفاع عنها‏.‏

اذا كان هذا مايقولهالآخر فماذا نقول نحن؟


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف