ثقافتنا على الانترنت

تبدأ في مصر بعد أيام خدمة الانترنت مجانا وهذه خطوة حضارية بالغة الاهمية‏,‏ تسبق بها مصر بعض الدول المتقدمة التي مازالت هذه الخدمة لديها باشتراك خاص‏,‏ وسوف يترتب علي ذلك انتشار استخدام الانترنت خاصة وقد حدثت طفرة في اقتناء الكمبيوتر واستخدامه في مصر‏,‏ ويبقي ان نتحدث عن كيف نستفيد من الانترنت في دخول عصر المعلومات‏.‏

وفي كتاب الثقافة العربية وعصر المعلومات حقائق كثيرة عن الموقع البارز الذي تحتله تكنولوجيا المعلومات في عقل ساسة إسرائيل وعلمائها ومخططيها‏,‏ دلت عليها عبارة شيمون بيريز المشهورة‏:‏ ان المعلومات اقوي من المدفع وحديث غيره عن ودي السيلكون الاسرائيلي لصناعات التكنولوجيا المتقدمة‏,‏ وشبكة معاهد البحوث المتخصصة في التكنولوجيا النووية والتكنولوجيا الحيوية‏,‏ وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي وبحوث الطاقة‏,‏ وبحوث زراعة الصحراء‏,‏ والتي يبلغ معدل نشر الابحاث العلمية الجديدة فيها عشرة أمثال المعدل العالمي‏,‏ فضلا عن ارتباطها بمراكز الانتاج لتحويل كل ابتكار الي اضافة للصناعات الحديثة‏.‏


وفي دراسة حديث للمجالس القومية المتخصصة عن الثقافة العربية علي شاشات الانترنت ما يدل علي اننا نحتاج الي اعادة تخطيط وتنظيم استخدامنا للانترنت كوسيلة لنشر الثقافة العربية والإسلامية والتعريف بها‏,‏ وتقول هذه الدراسة ان عدد مستخدمي الانترنت في العالم بلغ‏60‏ مليونا‏,‏ وإن عدد المواقع في‏10‏ دول عربية‏2797‏ موقعا‏,‏ بينما عدد المواقع في إسرائيل وحدها‏29503‏ مواقع‏,‏ وعدد المواقع الثقافية العربية مجتمعة‏88‏ موقعا وعدد المواقع للثقافة الاسلامية‏228‏ موقعا بنيما عدد المواقع للثقافة اليهودية‏702‏ موقع‏.‏

ومع قلة عدد المواقع العربية والاسلامية فإن اكثرها لا يقدم المعلومات بصورة حية ومتجددة‏,‏ فالمواقع العربية يشاهد زوارها المعاجم العربية‏,‏ والمصطلحات الادبية والقصائد والاغاني ودواوين الشعر وبرامج للقرآن الكريم والحديث الشريف والفقه الاسلامي والفتاوي‏,‏ ولكن هذه المواقع لا تطرح اجابات علي التساؤلات اليومية التي ترددها وسائل الإعلام في الغرب‏,‏ ولا تقدم الحقائق في مواجهة حملات التشوية وترد علي المقالات والاحاديث التي تملأ مواقع الانترنت هجوما علي الاسلام والمسلمين‏.‏


والمواقع المصرية علي الانترنت‏1600‏ موقع كثير منها انشئت وأهملها اصحابها‏,‏ ومواقع انشئت لمناسبات خاصة وتوقفت تغذيتها بمعلومات جديدة‏,‏ ومواقع تظهر تحت عنوان تحت الانشاء بما يعني انها ليست لها فائدة لزائريها‏..‏ واهم المواقع المصرية موقع هيئة الاستعلامات بالانجليزية والفرنسية والعربية وتتجدد تغذيته اولا باول بنشرة يومية عن اهم الاحداث والاخبار‏,‏ بالإضافة الي متابعته لرئاسة الجمهورية والتاريخ والسياحة والزراعة في مصر‏,‏ وموقع كبير للازهر بالانجليزية والعربية يضم مجمع البحوث الاسلامية‏,‏ ودار الافتاء والمجلس الاعلي للشئون الاسلامية‏,‏ وجامعة الأزهر‏,‏ وثالث المواقع الكبري هو موقع الكنيسة الارثوذكسية المصرية‏,‏ بالانجليزية‏,‏ ويضم دائرة المعارف القبطية والاديرة‏,‏ والمخطوطات القبطية النادرة واخبار ونشاط الكنيسة‏...‏

اما الجامعات المصرية وعددها‏14‏ جامعة حكومية‏,‏ فليس لها غير‏7‏ مواقع تقول دراسة المجالس القومية المتخصصة ان محتواها دون المستوي المطلوب ولا يليق بالمقارنة مع مواقع الجامعات الاخري في الدول العربية فضلا عن انها تبدو بدائية اذا قورنت بمواقع الجامعات العالمية‏.‏

وتشير هذه الدراسة الي جوانب ايجابية في بعض المواقع‏,‏ مثل موقع الاسلام والعقائد الذي ترعاه احدي شركات البترول‏,‏ وموقع وزارة السياحة‏,‏ وموقع وزارة التربية والتعليم‏,‏ وموقع جمعية الرعاية المتكاملة الذي يضم قسما للاطفال تحت عنوان حورس الجديد‏.‏

اما المواقع السطحية فهي كثيرة لا داعي لذكرها مثل دار الكتب ولها موقعان بالعربية والانجليزية والفرنسية ليس فيها معلومات اكثر مما في النشرات الصغيرة مما لا يفيد كثيرا او يغري بالعودة إليها‏.‏

والمهم ألا يقتصر الاهتمام علي الانترنت علي مجرد اتاحة استخدامه بالمجان‏,‏ وأن يصاحب ذلك تحسين المواد المصرية والعربية والاسلامية علي شبكات الانترنت لاظهار حيوية الامة العربية وحقيقة الاسلام‏,‏ وقدرتها علي التفاعل مع الثقافات ومواكبة العصر‏.‏

ويجب الا تغفل الجامعة العربية توصية المجالس المتخصصة بعقد مؤتمر عربي لبحث الوسائل لتجنب بث الفنون والمواد الهابطة اخلاقيا‏,‏ والمواد التي تثير الخلافات وتعمق النزاعات العربية ويكفي العالم العربي ما فيه فلم يعد محتاجا لتغذية الخلافات بالانترنت‏.‏

ولعل توصيات المجالس القومية تلقي اهتماما بانشاء موقع لتاريخ مصر في العصور المختلفة‏,‏ وموقع عن كنوز مصر عن الاثار المصرية تبعا لترتيبها الزمني ونبذه عن كل منها وتاريخ وظروف اكتشافه كل منها‏,‏ وموقع عن فنون مصر لعرض الاعمال المميزة في السينما والمسرح والفنون التشكيلية والموسيقي والغناء وتراجم المشاهير في هذه المجالات‏,‏ وموقع عن اعلام مصر عن الرجال والنساء الذين اسهموا في المجالات المختلفة‏,‏ وموقع بعنوان تحت راية الإسلام بالعبرية والعربية والانجليزية والفرنسية والالمانية تتجدد مواده عن السلام العادل‏,‏ ورفض العدوان‏,‏ وحق كل شعب في ان يقرر مصيره‏,‏ وعن دعوة الاسلام الي التسامح والاخاء بين البشر وتحريم الاعتداء‏,‏ وموقع عن اهم الكتب العربية‏...‏

ما يجب عمله كثير‏...‏ وما تم عمله قليل جدا‏..‏ ومادمنا قد دخلنا عصر الانترنت فلندخله بما يليق بنا‏.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف