توقعات أمريكية
زدادت شعبية الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد خطابه أمام الكونجرس منذ أيام عن حال الاتحاد, وقالت بعض الانباء إن هذا الخطاب كان أهم خطاب يلقيه رئيس أمريكي أمام الكونجرس منذ الخطاب الذي ألقاه الرئيس فرانكلين روزفلت عام1941, وان شعبية بوش وصلت إلي90% وهي أعلي نسبة حصل عليها أي رئيس في تاريخ أمريكا...
والخطاب ــ مع ذلك ــ لا ينطوي علي شيء يدعو الشعب الأمريكي أو شعوب العالم إلي التفاؤل, لكنه علي العكس يحمل تهديدا ووعيدا للجميع بأن هذا العام سيكون عام حروب وأزمات اقتصادية للجميع, ولكن لهجة القوة والتهديد هي التي اثارت حماس الامريكيين واشعرتهم أن الرئيس بوش سوف ينتقم لأحداث11 سبتمبر ويستعيد هيبة امريكا وسطوتها ويفرض علي العالم كلمتها..
جاء هذا الخطاب ليقضي علي آمال المتفائلين الذين كانوا يتوقعون أن تقتصر الحرب الأمريكية علي افغانستان وطالبان والقاعدة وبن لادن.. فقد اعلن بوش أن الحرب علي الإرهاب مازالت في بدايتها, وأن هذه الحرب ستكون طويلة, ونجح في اثارة مشاعر الخوف لدي الامريكيين حين قال ان الامريكيين عثروا علي رسوم تخطيطية لمحطات لتوليد الطاقة النووية وخرائط لمدن امريكية, وأن هناك آلافا من الارهابيين المدربين منتشرون حول العالم كالقنابل الموقوتة, ويلقون الدعم من انظمة حكم مارقة, وحدد محور الشر في المخطط الأمريكي المقبل في3 دول هي العراق وإيران وكوريا الشمالية, وقال ان هذه الدول تهدد السلام العالمي واكثر من ذلك قال أن معسكرات الارهاب لاتزال قائمة في اكثر من عشر دول, مما يعني أن قائمة الدول المرشحة للضرب أكبر مما كان معلنا في البداية...
وبعد هذه المقدمة التي اثارت الكونجرس والرأي العام الأمريكي ليس من المتوقع أن يعارض أحد طلب الرئيس بوش بزيادة ميزانية وزارة الدفاع50 مليار دولار اضافية, ومضاعفة الانفاق علي الامن في داخل أمريكا ليصل إلي38 مليار دولار سنويا, أو يناقش أحد تكلفة الحرب علي الإرهاب التي قال بوش إنها مليار دولار شهريا, أو يناقش العجز في الموازنة الأمريكية هذا العام لأول مرة بسبب زيادة الانفاق الحكومي, وتراجع حصيلة الضرائب نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي.. لم يناقش أحد هذه الظواهر الاقتصادية السلبية, ولكن الجميع صفقوا وايدوا الهجوم علي الدول التي أشار إليها بوش.
ومن الواضح أن ما يسميه الأمريكيون الآن الحرب الأولي للقرن الحادي والعشرين سوف تستمر في اثارة المخاوف في كثير من الدول, مع احتمالات تفجر الموقف بين الهند وباكستان, ودخول القوات الامريكية إلي الفلبين لشن حرب للقضاء علي منظمة أبو سياف وربما يكون للصومال نصيب من القنابل والصواريخ الحديثة التي يجري تجربتها في هذه الحرب.
من الواضح أيضا أن موازين القوة والخرائط السياسية والجغرافية سوف تتغير, وقد اشارت مجلة تايم في عددها الاخير الي التوقعات الأمريكية لما سيحدث هذا العام, من تغييرات في أوروبا مع استمرار التراجع الاقتصادي, واحتمالات التغيير في قيادة المانيا مع انتخابات المستشار في سبتمبر, وفي فرنسا مع انتخابات الرئاسة في ابريل, وتشمل التوقعات الامريكية أن تصل اندونيسيا وماليزيا إلي خراب محتمل, كما تشمل التوقعات استمرار الانخفاض في عائدات السياحة العالمية والطيران مما سيؤدي إلي إفلاس عدد من شركات الطيران الكبري, والشيء الوحيد الذي يدعو للتفاؤل ــ في التوقعات الامريكية ــ هو انكماش تجارة المخدرات في العالم, وهي لا تقل في خطورتها عن الإرهاب, فقد دمرت الصواريخ الامريكية المصدر الرئيسي للهيروين في أفغانستان, وأن كانت قد بقيت مئات الاطنان في أماكن سرية مجهولة فسوف يتم تدميرها مع استمرار وجود القوات الأمريكية في أفغانستان...
ويبدو أن أندونيسيا وماليزيا اصبحتا ضمن الخرائط في غرفة العمليات الأمريكية, لأن تايم تنذز بأن اندونيسيا وهي رابع دولة في العالم من حيث عدد السكان لاينتظرها الا الاخبار السيئة عن الانهيار الاقتصادي السريع, وزيادة المخاطر الداخلية, وانتشار الفوضي في المقاطعات البعيدة, وسينتهي ذلك الي انفجار داخلي كما تقول تايم اما ماليزيا فإن المجلة تتوقع نهاية حكم مهاتير محمد, وتتوقع إيضا انهيار حكم موجابي في زيمبابوي مع انتخابات الرئاسة في مارس المقبل.
أما القضية الفلسطينية فإن تايم تتوقع استمرار العنف, وتري أن فرصة تحقيق السلام تتراجع, بعد أن أعلن شارون أن اتفاقية أوسلو قد ماتت, وقد تبدأ المباحثات ولكن دون جدوي!
وليس في التوقعات الامريكية كما تذكرها تايم شيء ايجابي الا ما يتعلق بالصين, فهي تقول إن الصين بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية اصبحت اكثر مناطق العالم امانا للاستثمارات الاجنبية ولنشاط الشركات العالمية الكبري, بالإضافة إلي رخص الايدي العاملة, ونجاح الصين في تحديث القاعدة الصناعية القديمة, ومن المتوقع ان تزيد صادرات الصين هذا العام وتصبح اكبر دولة مصدرة في العالم.
إذا كانت هذه هي التوقعات الأمريكية فإننا ندعو الله ألا تحقق!