رجال يستحقون التحية

عيد الشرطة مناسبة سنوية يحتفل فيها الشعب برجال الأمن‏,‏ ليقول لهم في هذا اليوم‏:‏ شكرا‏.‏ شكرا علي الجهد الخارق الذي يبذله كل واحد منكم‏,‏ وشكرا لأننا نعيش بفضل يقظتكم آمنين علي أنفسنا‏,‏ وعلي أموالنا واعراضنا‏,‏ وننام الليل مطمئنين إلي أن هناك رجالا ساهرون لم تغفل عيونهم عن حراستنا‏.‏

في هذا اليوم نقول لكل رجل من ضباط وجنود الشرطة شكرا‏,‏ واننا نقدر انكم تعملون في أقسي الظروف من أجلنا‏,‏ ففي البرد وتحت المطر‏,‏ كما في الحر وتحت قيظ الشمس‏,‏ وفي رمضان وهم صيام‏,‏ وفي الأعياد ونحن جميعا نستمتع بالإجازات مع عائلاتنا‏..‏ في كل هذه الظروف هم الذين يعملون‏,‏ بل ان الاعباء الملقاة عليهم تزداد في هذه الاوقات بالذات‏..‏ ولطول ما اعتدنا ان نراهم يعملون في كل الظروف دون شكوي أو تذمر‏,‏ اصبحنا نتصور أنهم ليسوا بشرا مثلنا‏,‏ وانهم ليست لهم حياة خاصة‏,‏ وابناء‏,‏ أو مشكلات شخصية‏,‏ أو أحلام‏..‏ اصبحنا نتصور أنهم سوبرمان‏..‏ رجال أقوي من كل الظروف ومن كل العوامل الخاصة التي تمس حياتهم ويمكن ان تؤثر في ادائهم‏,‏ وهم كذلك بالفعل‏,‏ أو هم أقرب إلي ذلك‏..‏


نذكر لهم المواجهة الشجاعة مع جماعات الإرهاب الشرسة التي كانت تسعي إلي زعزعة أركان المجتمع واثارة الفوضي باسم الدين‏,‏ وقد استشهد منهم عشرات من كبار الضباط والقادة‏,‏ ومن كل الدرجات حتي الجنود والخفراء‏,‏ وظلوا علي عهدهم مع الله والوطن ان يكونوا فداء لمصر‏..‏ وفي هذا اليوم لابد ان ننحني احتراما لذكري كل شهداء الشرطة‏,‏ ونتذكرهم واحدا واحدا‏,‏ ونمسح دموع أبنائهم‏,‏ ونرعي أراملهم‏,‏ ونرد لهم بعض الدين‏,‏ وقد جادوا بأرواحهم من اجلنا‏,‏ وليس هناك تضحية أكبر وأغلي من التضحية بالروح في سبيل الوطن واداء الواجب‏..‏ والشهداء من قواتنا المسلحة‏,‏ ورجال الشرطة هم أشرف الرجال‏..‏ ولهم في قلوبنا مكانة رفيعة‏..‏ ولهم عند الله منزلة لا تدانيها منزلة مع الصدقين والانبياء‏.‏

وخلال السنوات الأخيرة لمس المصريون والاجانب ان مستوي اداء الشرطة المصرية ارتفع إلي مستوي اداء زملائهم في الدول المتقدمة‏,‏ في التفكير والتخطيط والادارة لمجالات الأمن‏,‏ وفي اعداد وتدريب القادة علي جميع المستويات‏,‏ وفي توفير الآمان للسياح‏,‏ وتأمين المواقع المهمة‏,‏ وردع المنحرفين والضالين ومرتكبي الجرائم الجنائية‏,‏ والاقتصادية‏,‏ فضلا عن اليقظة في تتبع حالات الانحراف والفساد والتلاعب في الأموال العامة‏.‏ كما لمس المواطنون ان مستوي التعامل في اقسام الشرطة اختلف‏,‏ واصبح المواطن الشريف لايشعر بالقلق عندما يدخل قسما من أقسام الشرطة كما كان يحدث في مراحل سابقة ندعو الله الا تعود‏,‏ ولابد أن يذكر ان التطوير في اداء الخدمات التي تؤديها الشرطة للمواطنين اصبحت تتم بشكل مختلف‏,‏ جواز السفر يصدر في نفس اليوم‏,‏ رخصة المرور لم تعد رحلة عذاب‏,‏ بل خدمات السجل المدني حدث فيها تحسن كبير‏,‏ وفوق ذلك فقد شهدت المؤسسات الدولية بقدرة الشرطة المصرية علي الامساك بخيوط معظم الجرائم قبل وقوعها‏,‏ ونجاحها في اجهاض مؤامرات للخيانة‏,‏ ويلفت نظر المراقبين ان الناس تسير في الشوارع والازقة في أي ساعة من ساعات الليل وهم آمنون‏,‏ وليست

في مصر كلها مناطق خطرة يخشي الاجانب من السير فيها ليلا كما يحدث في بعض العواصم في دول كبري‏.‏ يلفت نظر المراقبين ايضا ان الشرطة المصرية اصبحت شرطة عصرية‏,‏ تستخدم التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات والمعلومات‏,‏ وشبكات الانذار المبكر‏,‏ واستخدام الأقمار الصناعية‏,‏ ونجحت في انشاء قاعدة معلومات الكترونية‏,‏ وجددت معامل الفحص الجنائي‏,‏ وكونت خبراء علي مستوي عالمي من رجالها‏.‏

وليس ذلك كل شئ‏,‏ ولكنه بعض مايخطر علي البال كأمثلة تدل علي أن الشرطة المصرية تستحق هذا الشعور الذي يملأ نفوسنا اليوم‏..‏ الشعور بالفخر والاعتزاز بهذه المؤسسة الوطنية التي نجحت في تحديث ادائها‏,‏ ورفع كفاءة أفرادها بالتدريب الشاق والمستمر في الداخل والخارج‏.‏

من حق كل فرد من أفراد الشرطة ان نقول له اليوم‏:‏ شكرا بل ان هذا واجب علي كل واحد منا‏..‏ وان كانوا يؤدون واجبهم في صمت‏,‏ ودون انتظار الشكر‏..‏ وكل مايطلبونه منا هو ان نتعاون معهم لكي يؤدوا واجبهم علي الوجه الأكمل في حمايتنا‏..‏ وهذا حقهم علينا‏,‏ لأن كل من يعمل في خدمة الناس لايستطيع ان يخدمهم إلا إذا ساعدوه علي ذلك‏,‏ ولنا ان نتصور ماذا سيكون عليه حال المجتمع إذا إلتزم كل مواطن بالقانون‏,‏ وإلتزم بقواعد المرور‏,‏ وقدم مالديه من معلومات تفيد في ضبط مرتكبي الجرائم‏,‏ وساعد في كشف كل انحراف‏..‏ ماذا سيحدث‏..‏؟ بالتأكيد سوف يصبح المجتمع المصري مجتمعا عصريا بمعني الكلمة‏.

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف