وصفة تقصف العمر!
فى العدد الأخير من مجلة نيوزويك الأمريكية موضوع عن نتائج الدراسات العلمية التى أجراها علماء وأطباء متخصصون فى البحث عن العوامل التى تقصف العمر أو تطيله (بمشيئة الله).. يقول هؤلاء العلماء إن متوسط عمر الرجل الأمريكى العادى 75 سنة وشهران، ومتوسط عمر المرأة الأمريكية 80 سنة و4 شهور، وإنهم اكتشفوا عوامل يمكن أن تطيل عمر الإنسان وعوامل يمكن أن تقصر عمره.. ويذكرنا ذلك بقول البعض عندنا من غير العلماء إن عمر الإنسان مثل الشمعة، بعض الناس يشعلها من ناحية واحدة، وبعضهم يشعلها من الناحيتين.. ويذكرنا بقول آخر للشاعر الصوفى القديم عمر الخيام: هبوا املأوا كأس المنى قبل أن يملأ كأس العمر كف القدر، فما أطال النوم عمرا ولا قصر فى الأعمار طول السهر.. أى أن العمر لا يطول ولا يقصر وهو مقدر ومكتوب منذ الأزل.
سألت صديقا من شيوخ الأطباء عن رأيه فى الوصفة التى جاءت فى الدراسة الأمريكية فقال إنها فى مجملها معقولة ومفيدة، وإذا لم تكن مقبولة بالمفهوم الدينى كما جاء فى القرآن الكريم: (وإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون) إلا أنها تفيد على الأقل فى ضمان حياة صحية للإنسان.
تقول الدراسة الأمريكية إذا كان لديك قريب عاش أكثر من 95 سنة فلك أن تتوقع أن يطول عمرك 10 سنوات، وإذا كنت تواظب على حل الكلمات المتقاطعة والسودوكو وتمارس ذلك بانتظام فإن ذلك يضيف إليك خمس سنوات، وإذا كنت رجلا متزوجا فإنك تحصل على خمس سنوات أكثر من زميلك غير المتزوج، أما المرأة المتزوجة فلا يضاف إلى عمرها شىء بسبب الزواج!.. وإذا كنت تتناول 81 مليجراما من الأسبرين يومياً فتوقع أن يضيف ذلك إلى عمرك خمس سنوات، وإذا كنت تواظب على تناول الفواكه والخضراوات يومياً فإن ذلك يضيف ثلاث سنوات، وإذا كنت تتناول المكسرات بانتظام فهذا يضيف إليك عامين وإذا كنت تنظف أسنانك جيداً يومياً فهذا يضيف إليك عامين وإذا كنت تذهب إلى الكنيسة (أو المسجد) بانتظام فهذا يضيف سنة وسبعة شهور!.
أما الوصفة التى تقصف العمر فتتلخص فيما يلى: أن تشرب القهوة بكثرة فينقص من عمرك خمس سنوات، وأن تنام أقل من 6 إلى 8 ساعات يومياً فينقص عمرك سنة واحدة، وإذا كان فى عائلتك تاريخ من الإصابات بالسكرى فهذا ينقص من عمرك سنة واحدة، وإذا كنت تتعرض كثيرا للشمس وتقضى وقتا طويلا فى الخارج فهذا ينقص عمرك سنتين و 5 شهور، وإذا كان وزنك يزيد ببطء فإن هذا ينقص عمرك خمس سنوات، وإذا كنت تأكل اللحم الأحمر أكثر من مرتين فى الأسبوع فهذا ينقص عمرك خمس سنوات، وإذا كنت تدخن فإن عمرك ينقص سنة وخمسة شهور، وكذلك إذا كنت تتناول المخدرات فهذا ينقص عمرك سنة وخمسة شهور أيضاً!
صديقى أستاذ الطب المتخصص فى الأمراض الباطنة والقلب والمهتم بالأبحاث المتعلقة بالشيخوخة وأمراضها ويتابع ما ينشر عن مراكز إعادة الشباب قال لى إن هذه وصفة معقولة وتتفق مع نتائج أبحاث سابقة، وأن مراكز إعادة الشباب فى ألمانيا وسويسرا ودولة التشيك وغيرها تزيد على ذلك برنامجاً للرياضة يناسب الأعمار المختلفة، وبرنامجاً خاصاً لعلاج الكولسترول وضغط الدم، وبرنامجاً ترفيهياً لتجديد الحيوية والإقبال على الحياة، وأضاف أنه لاحظ أن المتفائلين والمحبين للحياة وللناس يعيشون عمرا أطول من المتشائمين والميالين للانطواء.. وقال أيضاً إنه ينصح مرضاه بتناول مضادات الأكسدة مثل فيتامين (هـ) .. الذى أثبتت التجارب أنه يقلل الإصابة بمرض الزهايمر وتصلب الشرايين والمياه البيضاء فى العين وأيضاً يقلل الإصابة بمرض باركسنون (الشلل الرعاش) وفيتامين (أ)، لأنه يقلل الإصابة بالمياه البيضاء وتصلب الشرايين، والسلينيم، وفتيامين (سى) وهذه المستحضرات –كما يقول- مفيدة فى المحافظة على الصحة وتأجيل الشيخوخة.. ولكن شيخوخة المخ فلها حديث آخر.. وبدون الدخول فى التفاصيل فإن الوقاية والعلاج تتضمن ممارسة الرياضة والتقليل من الدهون وعلاج الضغط وتناول مضادات الأكسدة.
وكفاية..!
أمراض تلوث الأغذية
موضوع آخر أكثر خطورة يتحدث عنه الدكتور حسينى منصور رئيس جهاز سلامة الغذاء، وهو أن الحكومة تنفق سنوياً 24 مليون دولار (أى 130 مليون جنيه مصرى تقريباً).. على علاج الأمراض الناتجة عن تلوث الأغذية.
وقد لا يعرف الناس أن علاج المصاب بتسمم بسبب أكلة فسيخ ملوث تصل تكلفته إلى 75 ألف جنيه.
ويحذرنا الدكتور حسين منصور من أن التسمم الميكروبى قد يؤدى إلى الإصابة بالحمى وأحياناً الإصابة بالشلل، وتلوث الغذاء بالمعادن الثقيلة من آثار المبيدات التى يسرف المزارعون من استعمالها وتتشبع بها المزروعات ويمكن أن تسبب هبوط الدورة الدموية وتليف الكبد والكلى وإصابة الجهاز العصبى.. ويحذرنا الدكتور حسين منصور أكثر وأكثر من الإضافات ومكسبات الطعم واللون وبدائل السكر بنسب أعلى من المسموح به، وهذه الإضافات موجودة فى الأطعمة التى يحبها الأطفال ولها تأثير مباشر على صحتهم .. ويحذرنا بشدة من أن تلوث الغذاء يؤدى إلى انتشار العدوى بفيروس التهاب الكبد الوبائى (أ) والفشل الكبدى والكلوى وزيادة عدد الأطفال المصابين بأورام سرطانية وكذلك زيادة عدد الأطفال المصابين بالتقزم أى قصر القامة عن المعدل الطبيعى، وقد أجرت وزارة الصحة مسحا كشف عن نسبة هؤلاء الأطفال تصل إلى 29% من عدد الأطفال فى مصر!!.. وأن 14% يعانون من قصر قامة شديد!! وهذا جرس إنذار بالخطر يدعو إلى ضرورة الاهتمام بسلامة وأمان الأغذية فى الأسواق.
ما الحل؟.. الحل عند الدكتور حسين منصور وضع قواعد دقيقة وصارمة لتحديد مواصفات لسلامة الغذاء، ونظام لسحب المنتجات التى بها نسبة من التلوث من الأسواق، وتوعية المستهلكين بالسلوكيات السليمة والشروط فى الأغذية حتى لا يصبح الغذاء مصدراً للأمراض الخطيرة وعلى سبيل المثال أثبتت أبحاث أقسام صحة اللحوم بكليات الطب البيطرى أن متوسط عدد الميكروبات فى اللحوم المعروضة فى الأسواق بعد السلخ مباشرة 216 ميكروبا فى كل سنتيمتر واحد من سطح الذبيحة، وبعد 4 أو 5 ساعات من الذبح تراوح عدد الميكروبات بين 10 و 20 مليون ميكروب، أما منتجات الألبان التى تعد وتباع فى الريف وفى أماكن كثيرة فى المدن فهى مصدر رئيسى للإصابة بأمراض عديدة منها البروسيلا، والتيفود، والباراتيفود، والدوسنتاريا والحمى المجهولة.
بعد الاستماع إلى حديث الدكتور حسين منصور فى الندوة التى نظمتها الغرفة التجارية بالإسكندرية منذ أيام لابد أن يشعر الإنسان بالقلق.. خصوصا مع انتشار أمراض السرطان والفشل الكلوى والكبدى وأمراض المعدة والأمعاء والقلب والمخ وكلها يرجع الأطباء أسباب انتشارها إلى التلوث.. تلوث الغذاء.. وتلوث الماء.. بالإضافة إلى أسباب أخرى.
القضية فى منتهى الأهمية.. تتعلق بصحة وحياة الملايين، وفى دول العالم هناك رقابة جادة على استخدم المبيدات والهرمونات فى الزراعات، ورقابة على الأسواق، وعقوبات صارمة على جرائم الغش وعرض أغذية ملوثة.. وعندنا تنبهت الحكومة إلى خطورة الوضع الحالى وتتولى إعداد قانون جديد لسلامة الغذاء وإنشاء جهاز لمراقبة الأسواق وضمان سلامة ما يتناوله المصريون من الطعام.. ونحن فى الانتظار.