المرأة فى سوق العمل

اختارت السيدة سوزان مبارك موضوع‏..‏المرأة في سوق العمل ليكون محور مناقشات منتدي المجلس القومي للمرأة‏,‏ ومن خلال الدراسات والحوارات التي دارت في هذا اللقاء تبلورت رؤية واضحة لأوضاع المرأة المصرية فيها الكثير من الايجابيات‏,‏ وفيها أيضا سلبيات ومشاكل تحتاج إلي العلاج‏.‏

ظهر من الابحاث والمداخلات مجموعة حقائق تعين علي تشخيص مدي التقدم الذي تحقق للمرأة المصرية في ميادين العمل المختلفة‏.‏ فالمرأة تمثل‏40%‏ من قوة العمل في مصر‏,‏ وخلال السنوات العشر الأخيرة زادت مساهمة المرأة في سوق العمل‏,‏ وإن كانت النسب غير دقيقة لأن هناك كثيرا من النساء يعملن ولا يدخلن في الاحصاءات وهؤلاء يسميهن الخبراء الأيدي الخفية‏,‏ ولكن الاحصاءات التي يمكن الاعتماد عليها فإنها تشير إلي أن اكبر نسبة من النساء في مجالات العمل الرسمي المنظم يعملن في الحكومة والقطاع العام‏,‏ وأكبر نسبة من النساء في مجالات العمل غير الرسمي وغير المنظم يعملن في القطاع الخاص الزراعي‏,‏ وتتناقص نسبة مساهمة المرأة في القطاع الخاص‏,‏ بالرغم من تزايد دور القطاع الخاص في التنمية واقامة المشروعات وبرامج الخصخصة‏.‏ أما البطالة فهي بين النساء أكثر من ضعف المعدل القومي وثلاثة اضعاف ونصف معدل البطالة بين الرجال‏,‏ وبطالة النساء في المدن اكبر من الريف‏,‏ وتشترك النساء مع الرجال في تركز البطالة بين الشباب‏..‏ ومازال معدل الأمية مرتفعا بين النساء بما يزيد عن المعدلات في الدول العربية والدول النامية‏..‏ ونسبة الإناث للذكور في التعليم العالي‏64%‏ فقط‏,‏ وتنخفض النسبة كثيرا في كليات العلوم مما يعني أن فرصة الخريجات سوف تكون أقل في وظائف الاقتصاد الجديد‏,‏ وستبقي الفرصة محصورة في الحكومة والوظائف الادارية والمكتبية‏.‏


وفي مصر‏1237‏ مركز تدريب تكاد تختفي المرأة في المراكز المخصصة للتدريب علي الاعمال اللازمة للصناعة والاتصالات والالكترونيات وهي التي تمثل مجالات العمل الجديدة‏..‏ وقد أدي برنامج الخصخصة إلي فقد الوظائف للنساء أكثر من الرجال‏..‏ ومع تزايد حجم القطاع الخاص ونمو التوظف فيه فإن ذلك كان لمصلحة الرجال أما فرص العمل للنساء في هذا القطاع فقد انخفضت‏,‏ والنسبة الأكبر لنساء يعملن في الخدمات الاجتماعية والشخصية‏,‏ والتمريض‏,‏ والتدريس خاصة في رياض الاطفال حيث تصل نسبة الدارسات إلي‏99%‏ وفي الابتدائي‏52%‏ وفي الاعدادي‏43%.‏

وفي بحث اجراه جهاز الاحصاء في الشهر الماضي علي‏43‏ ألف منشأة خارج الحكومة تبين أنها تحتاج من الآن وحتي عام‏2005‏ إلي مليون و‏400‏ ألف فرصة عمل نصيب المرأة فيها‏10%‏ فقط‏..‏ أما في مجالات العمل الحر‏,‏ أي المرأة التي تعمل لحسابها الخاص فإن النسبة الغالبة يعملن في بيع الخضر والفاكهة أو الخردوات‏,‏ وبالكاد يكفي الدخل لسد بعض الاحتياجات الأساسية للمعيشة‏,‏ وحجم رأس المال في هذا المجال ضئيل جدا‏,‏ يقل عن الف جنيه‏.‏ ومصادر التمويل أما عن بيع ما تملكه المرأة من مصالح قليلة‏,‏ أو من الاقتراض من الاقارب‏,‏ والمفاجأة ان هناك فئات من المرابين تستغل احتياجها للمال فتقرض بشروط مجحفة وتقع المرأة ضحية هذا الاستغلال الجديد‏,‏ و‏30%‏ من النساء في هذا القطاع من الارامل والمطلقات‏,‏ ونسبة الامية بينهن تزيد علي‏40%,‏ وفي نهاية التسعينيات دفعت أعداد متزايدة من المتعلمات إلي هذا المجال‏.‏


ومن النتائج المزعجة ان‏75%‏ من العاملات في القطاع الخاص يعملن بدون عقود عمل أو تأمينات‏,‏ وفي التسعينيات اصبح‏50%‏ من العاملات في هذا القطاع غير الرسمي من الحاصلات علي شهادات متوسطة وجامعية بسبب عدم وجود فرص عمل كافية في الحكومة والقطاع الخاص الرسمي‏,‏ وأكثر من‏70%‏ من العاملات في هذا القطاع يحصلن علي اجر في حدود خمسة جنيهات في اليوم‏..‏ والارقام تشير إلي زيادة اتجاه المرأة للبحث عن عمل لمواجهة متطلبات المعيشة ولكن هذه الزيادة في العرض لا تقابلها زيادة في الطب‏,‏ ومازال القطاع الخاص يفضل تشغيل النساء بصورة غير رسمية حتي يسهل الاستغناء عنهن‏.‏

وباختصار فإن الصورة المشرفة التي تظهر في وجود المرأة في المناصب العليا في مختلف المجالات‏,‏ في الهيئات القضائية‏,‏ والشرطة والقوات المسلحة‏,‏ والتدريس في التعليم العام والجامعات‏,‏ وفي الطلب والهندسة والصيدلة‏..‏ والخ‏..‏ هذه الصورة لا تعبر عن حالة المرأة الحقيقية عندما نتعمق في بحثها بالبحث العلمي الدقيق وبالاحصاءات‏..‏ ويرجع الفضل إلي السيدة سوزان مبارك التي تقود المجلس القومي للمرأة علي اسس علمية وفي اتجاه الاصلاح الشامل لتصحيح اوضاع المرأة في الإعلام‏,‏ وفي العمل السياسي‏,‏ وفي سوق العمل وهكذا‏.‏


قضيتان ظهرتا علي هامش الندوة فيهما عدم المساواة غير المبررة‏.‏ الأولي أن المرأة العاملة لا تتمتع بالاعفاء من الضرائب للاعباء العائلية مثل الرجل مع أن التزامات المرأة في الإنفاق علي الأسرة في هذا العصر اصبحت متساوية مع الرجل‏.‏ والثانية ان التأمينات تغتصب حقوق المرأة‏,‏ فتحصل منها علي اقساط التأمين مثل الرجل‏,‏ وإذا مات الرجل ترث الزوجة جانبا من المعاش أما إذا ماتت المرأة فإن الزوج لا يرث شيئا من المعاش بالرغم من أنه ليس منحة ولكنه وفاء لما سبق أن دفعته الزوجة واغتصاب التأمينات لهذا الحق يتعارض مع مبدأ العدالة‏.‏ كما أن عدم حصول المرأة علي الإعفاء للاعباء العائلية يتعارض مع مبدأ المساواة المقرر بالدستور‏.‏

ويبدو أن المرأة وقد حصلت علي حقوق كثيرة في مصر تفوق زميلاتها في كثير من الدول الأخري‏..‏ إلا أنها مازالت محرومة من حقوق أكثر‏..‏ وأعتقد أنه لن يطول الزمن بالمرأة المصرية لتحصل علي حقوقها المشروعة كاملة‏.

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف