أوباما و الإسلام 2
أوباما يريد إصلاح ما أفسده بوش..
وبوش أفسد علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي وجعل العلاقة بينهما علاقة عداء وحرب.. وأفرط فى استخدام القوة الأمريكية ضد المسلمين.. ولأن كل فعل له رد فعل كان من الطبيعى أن تنمو جماعات العنف فى العالم الإسلامى، على أساس أن الإرهاب سلاح الضعفاء فى مواجهة الأقوياء.
والنتيجة.. خسرت أمريكا.. وخسر المسلمون.. وخسر العالم خسائر يصعب تعويضها.
لم يستمع بوش إلى نصائح حلفائه الأوروبيين بأن يبدأ حوارا مع القوى إسلامية المعتدلة لتسهيل إجراء الإصلاحات التى تؤدى إلى حرمان المتطرفين من تجنيد أجيال من الانتحاريين باستغلال الإحباط واليأس والتهميش والفشل الاقتصادي، وغير ذلك من نتائج الحصار والضغط الأمريكى على الدول الإسلامية، والانحياز الأمريكى لإسرائيل وتأييدها فى كل الجرائم التى ترتكبها.
لم يستمع بوش إلى نصائح حلفائه الأوروبيين بأن يبدأ حوارا مع القوى الإسلامية المعتدلة لتسهيل إجراء الإصلاحات التى تؤدى إلى حرمان المتطرفين من تجنيد أجيال من الانتحاريين باستغلال الإحباط واليأس والتهميش والفشل الاقتصادي، وغير ذلك من نتائج الحصار والضغط الأمريكى على الدول الإسلامية، والانحياز الأمريكى لإسرائيل وتأييدها فى كل الجرائم التى ترتكبها.
لم يستمع بوش إلى هذه النصائح، وفى اجتماعات وزراء الخارجية فى دول الاتحاد الأوربى نوقشت وثيقة تدعو للحوار مع العالم الاسلامى، شارك فى إعدادها خافير سولانا منسق الشئون الخارجية للاتحاد الأوربى، وكان فى مقدمتها (لقد حان الوقت كى يصبح الاتحاد الأوربى أكثر اتصالا بالمجتمعات الإسلامية) ولكن بوش لم يتجاوب مع هذه السياسة الأوروبية إلى أن جاء أوباما الذى أدرك قيمة هذه النصائح وأهمية استعادة الثقة بين الولايات المتحدة والمسلمين.. وهو بذلك يقود تحولا كبيرا فى السياسة الأمريكية فى الاتجاه الصحيح لحماية المصالح الأمريكية أولا وقبل كل شىء، يفتح الأبواب للحوار مع العالم الإسلامى والدعوة إلى فتح صفحة جديدة وإنهاء سياسة الضغوط والتهديدات وإثارة الفوضى فى البلاد الإسلامية بادعاء أنها فوضى خلاقة!
***
لم يقتصر بوش بسياساته على الإساءة إلى العالم الإسلامى، ولكنه أساء أيضا إلى المسلمين الأمريكيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وأقسموا يمين الولاء لأمريكا قبل حصولهم على هذه الجنسية، وتعامل معهم وكأنهم قاموا ويقومون بدور فى مساعدة الإرهابيين على عملياتهم فى نيويورك وواشنطن وغيرها، وعبرت عن ذلك تقارير الصحف الأمريكية التى كانت تردد إدعاءات بوش عن وجود شبكة من الإرهابيين الإسلاميين ينتمون إلى تنظيم القاعدة ويعيشون داخل البلاد ونتيجة لذلك قامت السلطات باستجواب 200 ألف مسلم أمريكى، واحتجاز المئات منهم، وإخضاع الآلاف للنظام الذى ابتدعته إدارة بوش باسم (التسجيل الخاص)، وتمت محاكمة وإدانة المئات وإغلاق أو تعطيل المؤسسات الخيرية الإسلامية، وتشديد إجراءات المراقبة فى الأحياء التى يتركز فيها المسلمون، وهذا ما جعل كاتبا محترما مثل جون تيرمان المدير التنفيذى لمركز الدراسات الدولية بمعهد ماساشوسيتس يكتب فى صحيفة كريستيان ساينس مونتيور: (لماذا ظل السؤال المحورى بلا إجابة وهو هل المسلمون فى أمريكا يمثلون خطرا أمنيا؟ ولماذا ترفض إدارة بوش توضيح موقفها والتعبير عنه فى الخطاب الرسمى، مع أنها تشجع الكتابات فى الصحف والأحاديث فى التليفزيون عن أن التهديد أصبح داخل الأرض الأمريكية، وأن الجماعات التى تتبنى العنف تجد قاعدة اجتماعية توفر لهم الأموال ووسائل الاتصالات والمواصلات، وأن تزايد الهجرة إلى أمريكا أدى إلى تدفق إعداد هائلة من المهاجرين من مختلف العرقيات والأديان، والمهاجرون المسلمون – مثل غيرهم من المهاجرين – ينجذبون إلى بعضهم البعض، ويميلون للسكن فى أحياء توجد فيها المساجد والخدمات الاجتماعية وفرص العمل، وتركز السلطات وأجهزة الأمن الداخلى والاستخبارات مراقبة هذه الأحياء والمدن مثل بروكلين، وديترويت، ولوس أنجلوس، وشيكاغو وغيرها، والبعض يردد أن الأئمة المتطرفين فى مساجد هذه الأحياء يقومون بالدعوة إلى العنف ضد أمريكا، وأن مدارس تحفيظ القرآن فى هذه الأحياء وغيرها تعمل على تخريج إرهابيين، وتقوم المنظمات الخيرية الإسلامية. يدعم الإرهابيين الذين ينتمون إلى القاعدة ويجمعون التبرعات للجهاديين فى حماس والشيشان.
يقول جون تيرمان إن ادعاءات إدارة بوش هذه لم تكن قائمة على الحقيقة، وإن الأدلة أكدت أن المسلمين المقيمين فى أمريكا لم يشكلوا قاعدة اجتماعية لتنظيم القاعدة، والدليل على ذلك أن الحملات الواسعة النطاق التى شنتها السلطات الأمريكية عليهم لم تعثر إلا على عدد قليل جدا من حالات الخروج على قواعد القانون فى أحياء المسلمين، وبالتالى لم يثبت دليل قاطع على وجود خلايا لتنظيم القاعدة داخل أمريكا كما يدعى المحافظون الجدد لتبرير الإجراءات العدائية ضد المسلمين، كما لم تكتشف الأجهزة الأمنية والاستخبارية التى قامت بهذه الحملات وجود مؤامرة يدبرها مسلمون، وهذا ما يعتبر صك براءة للجاليات الإسلامية فى أمريكا، ويؤكد ذلك أن اللجنة العليا المكلفة بالتحقق فى أحداث 11 سبتمبر لم تتوصل هى الأخرى إلى دليل على وجود قاعدة اجتماعية تؤيد إرهابيين داخل أمريكا، وكل ما توصلت إليه اللجنة أن 19 إرهابيا قاموا بتنفيذ تلك الهجمات، وربما.. ربما يكونون قد تلقوا مساعدة محدودة من شخص واحد أو من شخصين على الأكثر ولكن لم يتم التعرف على أحد يحتمل أن يكون قد قدم هذه المساعدة المفترضة.. وهذا يعنى أنه لا يوجد عملاء للقاعدة، ومع كل هذه الأدلة فإن الإدارة الأمريكية – إدارة بوش – ظلت تعمل على أساس أن الجاليات الإسلامية فى أمريكا تؤوى أو تدعم الإرهابيين، بل يمكن أن تقوم بأعمال إرهابية. ومثل هذه الاتهامات الملفقة كانت تثير التوتر فى الجاليات الإسلامية، وتحد من حريتها الاجتماعية، وتنتج آثارا عكسية.. وكان من الطبيعى أن تؤدى إلى جعلهم يشعرون بالعزلة، وبعداء المجتمع الأمريكي لهم، مما يؤدى إلى ظهور تيارات متطرفة بين شبابهم، ولحماية المجتمع الأمريكى كان المفترض أن تلتزم سلطات الأمن والاستخبارات بالقانون عندما تجرى التحقيق مع المسلمين ولا تقوم بالقبض على الأبرياء بغير دليل، وكان عليها أن تعمل على إعادة الثقة فى أن المسلمين الأمريكيين هم جزء لا يتجزأ من أرض الأحلام التى قامت على المهاجرين والتى تباهى بالتنوع العرقى والثقافى والتحرر والتسامح وفتح الأبواب أمام الجميع دون تحيز ولا تفرقة بسبب الجنس أو الدين كما ينص الدستور الأمريكى.
كانت هذه هى النصائح التى توجه إلى إدارة بوش للتوقف عن الإساءة إلى المسلمين فى داخل أمريكا وفى خارجها.. لكن هذه النصائح لم تجد آذانا صاغية من المحافظين الجدد الذى يتحكمون فى إدارة السياسة الأمريكية فى عهد بوش.. ولم تجد آذانا صاغية من بوش نفسه.. وهو متطرف ولا يستمع لنصائح العقلاء كما هو معروف عنه.
***
هذا ما دعا المفكر الاجتماعى السيد ياسين إلى القول بأن أكبر مصادر التهديد للأمن القومى العربى تتحدد أولا فى الصور النمطية الثابتة عن العرب والمسلمين التى ذاعت على وجه الخصوص بعد 11 سبتمبر 2001 وبعد ظهور نظرية صراع الحضارات، خاصة بعد نشر وثيقة أمريكية خطيرة تتضمن رسم خرائط دقيقة لأماكن وجود المسلمين فى الولايات المتحدة وتحدد بدقة موقع كل جامع، وكل مدرسة إسلامية فى أمريكا، كما تشير هذه الوثيقة إلى تهديد الشريعة الإسلامية للمجتمع الأمريكى وتدعى أن (الإرهابيين المسلمين) يريدون قتل الأمريكيين وتدمير الأمة الأمريكية، وهذا دليل آخر على حملة العداء والاستعداء ضد الوجود الإسلامى نفسه فى الولايات المتحدة، وافتراض أن كل مسلم مقيم فى أمريكا، وكل مسجد، وكل مدرسة إسلامية، خطرا محتملا على الأمن القومى الأمريكى.
وتقول هذه الوثيقة أيضا إن فى أمريكا 1209 مساجد، ونسبة الزيادة فى عدد المساجد منذ عام 1994 تمثل 25% ونسبة المساجد التى بنيت منذ عام 1980 بلغت 62% والذين اعتنقوا الإسلام من الأمريكيين زادوا بنسبة 30% وأن 70% من الأمريكيين المسلمين يشتركون فى المؤسسات الأمريكية وفى الانتخابات، وكل ذلك يمثل مشكلة حقيقية هذه الخريطة نشرت على الانترنت بعنوان (اعرف عدوك) وهى تسمح لكل من يريد بأن يتعرف على شاشة الكمبيوتر على أية منطقة فى أمريكا فى أية ولاية ليحدد مكان المساجد والمدارس الإسلامية ونوع الدعوة السائدة فى كل منها ومن الذى يقوم بها، وهذا يعنى – كما ينبه السيد ياسين – أننا انتقلنا من تبنى الصورة النمطية السلبية عن الإسلام والمسمين، إلى استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة للرصد الدقيق لمواقع وجود المسلمين فى كل مكان فى داخل أمريكا، فإن لم يكن هذا تحريضا سافرا للأمريكيين للاعتداء على المسلمين الأمريكيين فماذا يكون؟
هذا جانب مما وصلت إليه الأمور بفضل السياسات العدائية – العدوانية للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش.. الله لا يسامحه!
ولهذا كان لا بد أن يأتي رئيس أمريكى عاقل، لإصلاح ما أفسده بوش.. وهذا ما يفعله أوباما ا