الحرية الدينية فى إسرائيل

قدمت لجنة الحريات الدينية تقريرها إلي الادارة الأمريكية عن نتائج متابعتها بكل من مصر والسعودية ولم تذكر كلمة واحدة في تقريرها عن الحرية الدينية في إسرائيل‏,‏ وقدمت بذلك دليلا جديدا علي أنها لم تكن سوي اداة لاستخدام موضوع الحريات الدينية لأغراض سياسية‏.‏

ولم تذكر الصحف الأمريكية التي أشارت الي التقرير أن المفوضة في هذه اللجنة ليلي مارياتي والتي كانت ضمن الوفد الذي زار المنطقة‏,‏ نشرت تقريرا خاصا باسمها علي شبكة الانترنت انتقدت فيه امتناع اللجنة عن إصدار تقرير عن اسرائيل والأراضي الفلسطينية‏,‏ ووجهت انتقادات لإسرائيل لسوء معاملة المسلمين والمسيحيين فيها‏.‏

ومنذ فترة قصيرة كان مطران الكاثوليك في القدس في زيارة للقاهرة تحدث فيها عن الاضطهاد الذي يلقاه المسيحيون من جميع الطوائف‏,‏ وسبل التضييق والمضايقات التي يعاني منها رجال الدين المسيحي‏,‏ والإهانات التي تتغاضي عنها السلطات الاسرائيلية‏,‏ ويقوم بها جماعات من المتطرفين الاسرائيليين‏.‏ كما تحدث عن الملاحقة التي جعلت أعدادا كبيرة من المسيحيين يهاجرون من القدس فرارا بأرواحهم من الاعتداءات الاسرائيلية التي تصل إلي حد القتل وهدم البيوت‏,‏ حتي لم يعد في القدس سوي‏30%‏ من المسيحيين من ابنائها الأصليين وهاجر من الأراضي المحتلة‏60‏ ألف مسيحي حتي الآن‏.‏

وقبل ذلك سبق أن قامت السلطات الاسرائيلية بالاعتداء علي الكهنة الأرثوذكس المصريين في دير السلطان‏,‏ وطردتهم من الدير‏,‏ ورغم أن الكنيسة المصرية لجأت إلي المحاكم الاسرائيلية لإثبات ملكيتها لهذا الدير‏,‏ وحكمت المحكمة العليا في اسرائيل بأحقية الكنيسة المصرية في ملكيته‏,‏ ومرت أكثر من‏30‏ عاما علي هذا العدوان والسلطات الاسرائيلية ترفض تنفيذه‏..‏ رغم أن الحكم يسجل رسميا إدانة الشرطة الاسرائيلية لاعتدائها علي رجال الدين الأقباط وإصابة ثلاثة منهم‏,‏ وتعطيلها اقامة قداس ليلة عيد القيامة‏..‏ وفي العام التالي احتلت الشرطة الإسرائيلية الدير أثناء وجود الرهبان خارجه للصلاة في كنيسة القيامة‏,‏ ومنعوا الرهبان من الدخول‏,‏ وصوبوا بنادقهم ومدافعهم الرشاشة إلي صدور المطران المصري والكهنة‏,‏ واقتادوهم في شوارع القدس والرشاشات في ظهورهم‏,‏ واعتدوا علي بعضهم بالضرب‏..‏ ورغم أن السكرتير العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت‏(‏ دي كويلار‏)‏ أعلن الاستنكار وأجري اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية إلا أن اغتصاب الدير وطرد الكهنة الأرثوذكس المصريين منه مازال مستمرا حتي الآن‏..‏


وهذه القصة معروفة ومشهورة ومسجلة في المحكمة العليا في اسرائيل‏..‏ وهي تمثل عدوانا مستمرا واعتداء لا مثيل له علي الحرية الدينية‏..‏ ومع ذلك لم تشر اللجنة الأمريكية إليها أو الي غيرها‏.‏

لم تشر اللجنة كذلك إلي الإهانة التي وجهت إلي البابا يوحنا بولس السادس أثناء زيارته للقدس‏..‏ والاعتداءات المتكررة علي الكنائس والمساجد‏.‏


وطبعا لم تفكر لجنة الحريات الدينية الأمريكية في الاشارة الي جريمة حرق المسجد الأقصي‏,‏ والحفريات التي جرت وتجري تحت أساسات الحرم القدسي بحجة البحث عن الآثار‏,‏ والنفق الذي تم حفره ويهدد أساسات الحرم‏,‏ واقتحام القوات الاسرائيلية بالرشاشات للمسجد وتهديد المصلين‏,‏ والمجزرة التي تمت تحت حراسة القوات الاسرائيلية بقتل عشرات المسلمين وهم سجود يؤدون صلاة الفجر‏..‏ أو جريمة اقتحام شارون للمسجد الأقصي تحت حراسة مسلحة من ثلاثة آلاف جندي اسرائيلي في عملية ليس لها هدف إلا استفزاز مشاعر المسلمين وتهييج مشاعرهم‏,‏ وكانت هذه هي الشرارة التي أشعلت الغضب الفلسطيني وحركت الشعب الفلسطيني في حركة الاحتجاج علي استمرار الاحتلال والاغتصاب للأراضي‏..‏ وكان هدف شارون خلق المناخ الذي يسمح بقتل الفلسطينيين‏,‏ وهدم منشآتهم‏,‏ وتعقويض هياكل السلطة الفلسطينية‏,‏ والتراجع عن مباحثات السلام‏..‏

لم تشر اللجنة ــ ولايمكن أن تشير ــ إلي ما يدرسه تلاميذ المدارس الاسرائيلية من نصوص ووقائع تاريخية مزورة وأجزاء من الأسفار التوراتية‏..‏ وكلها تهدف إلي تعميق الكراهية للعرب وتنمية مشاعر العداء ضدهم‏..‏ وتصوير العرب عموما والفلسطينيين خصوصا علي أنهم جميعا ارهابيون وتصنيفهم علي أنهم أعداء‏.‏

ولم تشر اللجنة ــ طبعا ــ إلي أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي رفضت مشروع اليونسكو لإدخال ثقافة السلام ضمن المقرارات الدراسية‏,‏ كما رفضت تدريس أي إشارة عن التسامح الديني أو الإخاء بين الشعوب أوالدفاع عن السلام‏..‏

ولم تشر اللجنة إلي القوانين الاسرائيلية المتميزة ضد العرب في الضفة وغزة والقدس وعلي رأسها نظام الاعتقال الإداري لمدة عام كامل قابل للتجديد دون العرض علي أية جهة قضائية أو السماح بالتظلم‏,‏ بالاضافة إلي قرار المحكمة العليا في اسرائيل منذ عام‏96‏ بالسماح للمحققين بتعذيب المعتقلين أثناء استجوابهم تحت ادعاء حماية أمن اسرائيل والحق في مكافحة الإرهاب الفلسطيني‏.‏

ومع أن اللجنة حين زارت اسرائيل شاهدت بنفسها إطلاق النار العشوائي علي الفلسطينيين‏,‏ واعتقالهم‏,‏ وهدم المنازل‏,‏ وعمليات العقاب الجماعي‏,‏ وإطلاق الجماعات الأصولية اليهودية لتحرق وتهدم بيوت الفلسطينيين‏..‏ ورغم كل ما شاهدته لم تجد ما يكفي لكتابة بضعة سطور عن العنصرية والاعتداء علي حرية الأديان في اسرائيل‏..‏ لأنها لم تكن لجنة محايدة‏..‏ ولم تكن إلا أداة من أدوات زرع الفتنة في البلاد العربية والتغطية علي الجرائم الاسرائيلية‏..‏ ولم يكن لها من هدف غير ذلك‏.‏

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف