حقوق الشباب

كان المحور الأساسي في حديث الرئيس مبارك الي طلبة وأساتذة الجامعات هو حقوق الشباب في المرحلة القادمة‏..‏ وكما كان الرئيس حريصا علي التركيز علي حقوق المرأة‏,‏ وحقوق الطفل‏,‏ وحقوق الشيوخ‏,‏ بحيث خصص عقدا لكل منها تصدر فيه التشريعات وتخصص فيه الحكومة وأجهزتها أكبر قدر من جهودها لرعاية كل فئة مع هذه الفئات‏,‏ فقد أعلن الرئيس ان المرحلة القادمة التي ستبدأ من ولايته الجديدة في أكتوبر القادم باذن الله هي مرحلة الشباب‏,‏ وقد المح الرئيس الي أنه قد أعد التصور الكامل لهذه المرحلة في اطار الاصلاح الشامل‏,‏والتغيير المرتقب‏.‏

واستراتيجية مبارك في العمل السياسي‏,‏ كما تبلورت في السنوات الماضية‏-‏ تبدأ بالاهتمام بالانسان‏,‏ لان مبارك كقائد يؤمن بأن العنصر البشري هو أهم عناصر النصر في كل معركة‏,‏ وقد خاض معارك كثيرة عسكرية وسياسية واقتصادية وتأكد فيها صدق رؤيته‏..‏ فالانسان اذا احسن اختياره واعداده وتدريبه يكون قادرا علي التغلب علي سائر المشكلات واوجه القصور التي تواجهه‏..‏ ومبارك قد اعد للتغيير لأنه سنة الحياة فقد كشف فلسفة هذا التغيير وهي اعطاء الفرصة للموهوبين والجادين في كل موقع والاستفادة بهم في تطوير وتحسين العمل العام وبث الحرارة والحماس واعادة الشباب الي مواقع الانتاج والخدمات‏.‏

ولأن مبارك مشغول بتطوير مشروعه للنهضة فانه يضع الشباب في المقدمة في هذه المرحلة ليكون له الدور الحيوي في عملية التنمية‏,‏ ولكي يقوم الشباب بدوره ويؤدي ما هو مطلوب منه من واجبات لابد أن يحصل علي ما هو مشروع من الحقوق الاساسية التي تجعله قادرا علي اداء الواجب‏..‏ وللحق فان الرئس مبارك هو أول من فكر في اعادة التوازن بين الحقوق والواجبات بالنسبة للشباب‏,‏ بعد ان كان الخطاب العام يركز علي الواجبات ويطالب الشباب بان يعطي ويضحي ويعمل ويتقبل صعاب مراحل التحول وربط الحزام‏,‏ دون أن يكون في الكفة الأخري من الميزان عمل يعكس الاهتمام بحقوق الشباب‏.‏ واعتقد ان هذه سياسة سوف تلتزم بها الحكومة والوزارات‏,‏ لكي تعمل علي رعاية الشباب أولا وكفالة حقوقه الاساسية بنفس القدر الذي تطالبه فيه بأداء ما عليه من واجبات‏.‏

وكما صدرت وثيقة عن حقوق الطفل‏,‏ فاننا نحتاج الي اعداد وثيقة عن حقوق الشباب تعكس هذه الرؤية المنصفة للشباب التي أعلنها الرئيس مبارك ابتداء من الاستمرار في اصلاح التعليم العام اصلاحا شاملا‏,‏ واستكمال النجاح الذي تحقق خلال السنوات الماضية والذي شهدت به المنظمات الدولية المتخصصة سواء في مشروع مبارك لبناء المدارس بمعدلات لم تحدث في تاريخ مصر في أي عصر من العصور كما لم تحدث في أي دولة أخري في العالم‏,‏ بعد أن وصل معدل بناء المدارس الجديدة الي‏1500‏ مدرسة كل سنة‏,‏ ثم‏1000‏ مدرسة كل سنة‏,‏ وهذه معدلات تفوق ما يحدث في الدول الكبري‏,‏ وتعكس مدي الاهتمام والرغبة في الاسراع في علاج الآثار السلبية للمراحل الماضية‏..‏ فاذا أضفنا الي ذلك ما يتم الان من عمليات تغيير وتطوير في مناهج التعليم لتساير عصر المعلومات والتكنولوجيا واعادة تأهيل المعلم لدوره الجديد‏,‏ وادخال الكمبيوتر في برامج التعليم الاساسي حتي في القري‏,‏ والتوسع في الانشطة المدرسية‏..‏ فان ذلك يعني أن قضيته بناء الإنسان التي كانت موضوعا للاحاديث في المناسبات اصبحت موضوعا لعمل يجري أمام عيوننا ونلمس نتائجه بانفسنا‏..‏ والنتيجة أن الجيل الجديد من المصريين سوف يكون مختلفا اختلافا نوعيا عن الأجيال التي سبقته‏..‏ سيكون جيلا أكثر فهما لطبيعة عصره‏,‏ وأكثر قدرة علي التعامل مع ما يجري في العالم من تطور في الفكر وفي النظريات العلمية وفي تطبيقات العلوم المختلفة‏.‏

ويكمل هذا الجهد ما اعلنه الرئيس من أنه تقرر اعادة النظر في برامج البعثات‏,‏ وايفاد أكبر عدد من المتفوقين لاستكمال دراستهم في الخارج في التخصصات الدقيقة وفي تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها المختلفة‏,‏ وذلك لتكوين جيل جديد من الباحثين والعلماء المصريين يعملون في ميادين جديدة غير تقليدية أصبحت لها أهمية بالغة الآن في التطور الاقتصادي والاجتماعي في الدول المتقدمة ولابد ان نلاحقها ونلحق بها‏.‏ وفي نفس الوقت فان قرار الرئيس الذي أعلنه في حديثه بوضع نظام لتطوير البحث العلمي في مصر‏,‏ وتوسيع نطاقه‏,‏ وتوفير الضمانات لحرية البحث العلمي‏,‏ وايجاد الحلول الحقيقية التي تعوق عمل العلماء والباحثين وتعوق مراكز البحث العلمي‏,‏ والعوائق معروفة‏,‏ ابتداء من تعدد جهات الاشراف علي مراكز البحث العلمي وتشتت الجهود بينها‏,‏ والافضل تركيزها في عدد معدود من المراكز تتبع جهة واحدة متخصصة تحسن توجيه الموارد وتستفيد من الامكانات المتاحة باقصي استفادة ممكنة‏,‏ وتحقق نتائج مفيدة وملموسة‏,‏ وتعطي الفرصة لشباب العلماء والباحثين لكي لا يكون العمل حكرا علي فئة دون أخري‏,‏ وتكون الفرص متكاءة علي اساس المواهب والقدرة علي الابداع وليس علي اساس الاقدمية والكادر الوظيفي‏.‏

ولقد ركز الرئيس مبارك علي هده النقطة حين تحدث عن تعليم عصري هدفه تكوين علماء ومخترعين ومبدعين وليس تكوين موظفين في مراكز البحوث‏..‏ علماء يقدمون لمصر ما يجعلها قادرة علي تحقيق الأمن العلمي وهو مرتبط دون أدني شك بالأمن القومي وهذا موضوع يحتاج الي ان نقف أمامه ونفكر فيه جيدا‏..‏ فضلا عن أن تكوين هذا الجيل سوف يوفر تكاليف باهظة يتحملها المجتمع لاستيراد التكنولوجيا الجاهزة مع ما في ذلك من مساهمة في ازدهار مجتمعات أخري‏,‏ واستنزاف موارد مجتمعنا‏,‏ وتعطيل لطاقات البحث العلمي وطاقات الانتاج المحلية‏.‏

وفي برنامج الرئيس عن حقوق الشباب ايضا تنظيم للشباب ليقدم جهودا تطوعية لخدمة المجتمع وما أكثر المجالات والمشروعات التي يمكن ان يسهم فيها الشباب تطوعا ويحقق فيها انجازات تفوق الخيال‏,‏ وما أكثر الخدمات التي يمكن أن يشارك الشباب في تقديمها للاحياء والقري وللمواطنين بحماس المتطوعين المحبين لبلدهم والراغبين في التعبير عن ولائهم له‏.‏ ومع أن هناك مشروعات يشارك فيها الشباب إلا أنها أقل بكثير مما يجب ولا تصل الي ما يقصده الرئيس مبارك من ايجاد مشروع كبير للعمل التطوعي للشباب في مجالا عديدة في المجتمع‏.‏

ولقد وضع الرئيس مبارك في ميثاق حقوق الشباب توسيع حجم المشاركة السياسية‏,‏ وتوفير المسكن المناسب لكل شاب يتناسب مع قدراته المالية ويلبي احتياجه المشروع ليتمكن من خلال نظام جديد تشارك فيه المؤسسات المالية‏,‏ وكذلك باعداد تصور جديد للمشروعات الصغيرة مختلف عما هو قائم من مشروعات تعطيه الدعاية حجما أكبر من حجمه الحقيقي‏.‏

واعتقد أن برنامج الرئيس مبارك من أجل الشباب في المرحلة القادمة يحتاج الي أن تتوافر له مجموعة من المفكرين وممثلي الحكومة لصياغته في ميثاق محدد يكون دليل عمل للمرحلة القادمة‏..‏ مرحلة التجديد والتغيير والانطلاق بروح الشباب وسواعده‏.

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف