أكبر الاكاذيب التي روجتها اسرائيل ورددها كثير ممن يعملون في خدمة المنظمة الصهيونية العالمية وفروعها الادعاء بأن اسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط, والبلد الوحيد الذي يحترم حقوق الانسان بينما تضج سائر الدول الاخري في المنطقة من انتهاكات حقوق الانسان. وآلة الدعاية الصهيونية تملأ العالم ضجيجا بمثل هذه الافتراءات التي تقلب الحقائق, وتخفي كثيرا مما يحدث في اسرائيل من أفعال تتعارض مع ابسط حقوق الانسان.. ومع المباديء الأولي للقانون الدولي.. ومع بديهيات العدالة والانسانية.. ومما لم يحدث مثله في أي نظام فاشي أو ديكتاتوري في أي عصر من العصور.. حتي ولا في عصور التخلف والبربرية.
وتقارير منظمة العفو الدولية, ولجنتي حقوق الانسان, ومناهضة التعذيب في الأمم المتحدة مليئة بالوقائع والحقائق التي لا يصدقها عقل ولا يتصور امكان حدوثها. وفي آخر تقارير منظمة العفو الدولية امنستي وقائع تفوق الخيال:
ومن يصدق ان هناك دولة تصدر الاوامر الرسمية الي المحققين بالضغط علي المعتقلين الفلسطينيين, وممارسة التعذيب البدني بالضرب, وحرمانهم من النوم, وتغطية وجوههم بأكياس قذرة, وحرمانهم من الطعام إلي ان يصل بهم الهزال والضعف وتدهور الحالة الصحية الي حافة الموت, وبعضهم يموت فعلا. ويشير التقرير الي ان المنظمة تأكدت من بعض الحالات التي قتلت فيها القوات الاسرائيلية مالا يقل عن80 فلسطينيا من بينهم60 مدنيا, وكانت الملابسات التي أحاطت بمصرع بعضهم توحي بانهم تم اعدامهم دون محاكمة أو قتلوا بصورة غير مشروعة. واما الذين قدموا للمحاكمة من الفلسطينيين امام المحاكم العسكرية الاسرائيلية فقد كانت اجراءات محاكماتهم بعيدة عن المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وكانت التهمة إلقاء الحجارة علي قوات الاحتلال والعقوبة هي السجن والتعذيب.
ومن يصدق ان هناك دولة في العالم مازالت حتي الآن تكرر النموذج النازي في معاملة المسجونين, وسجل تقرير منظمة العفو الدولية حالة فلسطيني تعرض للهز العنيف, والحرمان من النوم اياما وليال متصلة, وظلت يداه مقيدتين ورأسه مغطي بأكياس مليئة بالقذارة, وكانوا يرغمونه علي القفز مرارا وهو جاثم علي الأرض مثل الكلب, وظل علي هذا الحال عدة ايام حتي خضع اخيرا واضطر الا الاعتراف باشتراكه في عملية فدائية.. وحالة مواطن فلسطيني آخر تعرض للهز العنيف الي أن حدث له ارتجاج في المخ ومات.
ومن يصدق ان يحدث في نهاية القرن العشرين مايحدث في اسرائيل من القاء الفلسطينيين المعتقلين في اماكن بالغة السوء مكتظة بأعداد كبيرة منهم, مع سوء التهوية, والرطوبة, وحرمان المرضي منهم من الاسعافات العاجلة, وفي المعتقلات500 فلسطيني يعانون من امراض مزمنة, ومنظماتحقوق الانسان تبعث الي اسرائيل بيانات تذكرها بما في البروتوكول الخاص بالمعتقلين الملحق باتفاقية اوسلو الثانية الموقعة عام95 والذي ينص علي الافراج عن المعتقلين المرض, ومذكرات المنظمات الدولية لحقوق الانسان تحدد العديد من مخالفات اسرائيل لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الخاصة بالحد الأدني لمعاملة السجناء.
ومن يصدق أنه مازالت في العالم دولة مثل اسرائيل وصل بها الأمر الي تقديم وجبات فاسدة للفلسطينيين المعتقلين, وكانت ابشع الحالات عشية عيدالأضحي في العام الماضي حيث تسببت وجبة فاسدة قدمتها ادارة السجن عن عمد الي تسمم150 معتقلا ومع ذلك لم ينقل الي المستشفي للاسعاف سوي50 منهم فقط, وعندما ابدي المعتقلون الاحتجاج انهال عليهم حراس المعتقل بالضرب والتعذيب..!
ومن يصدق ان هناك دولة مثل اسرائيل جعلت التعذيب بكل الوسائل واجبا من واحبات جهاز الأمن فيها, ووصل بها الأمر الي حد اسباع شرعية قانونية وسياسية علي التعذيب, وقد اصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تشرع استخدام التعذيب بعد ان اصدرت المحكمة العليا, وهي أعلي هيئة قضائية في اسرائيل قرارا يبيح استخدام محققي اجهزة الأمن وسائل التعذيب الذي سمته المحكمة الضغط البدني المعزز واسلوب الهز بعنف ضد المعتقلين لاجبارهم علي الادلاء باعترافات, وجاء في أسباب هذا الحكم الغريب الذي لا مثيل له ولا في القبائل البربرية البدائية.. ان استخدام اساليب التعذيب لها ما يبررها في حالات الضرورة.! وقد تحركت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة فطلبت من حكومة اسرائيل تقديم تقرير خاص عن العواقب المترتبة علي هذا الحكم البشع الذي اصدرته محكمة العدل العليا, ولكن الحكومة الاسرائيلية تجاهلت هذا الطلب كما تتجاهل سائر القرارات التي تدين انتهاكاتها للقانون الدولي, والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان.
وليس هذا كل مايحدث في اسرائيل, ولا كل ما في تقارير منظمات حقوق الانسان, ولجنة حقوق الانسان, ولجنة مناهضة التعذيب التابعتين للامم المتحدة, فهناك قائمة طويلة تملأ مجلدات وتقشعر لها الابدان تقزيزا واحتقارا لهذه الواحة المليئة بالشرور والآثام.!
الشيء الذي يجعل المرء يكاد يفقد عقله ان اسرائيل, والمنظمات الصهيونية في امريكا وبريطانيا المعروفة التي تمارس عملها, والتي تعمل متسترة تحت مسميات اخري وتدفع في الصدارة بأشخاص آخرين مخدوعين, أو مأجورين, أو موتورين, أو يعانون من أمراض نفسية الي ارتكاب افعال حمقاء.. هذه المنظمات هي التي تدعم بالفكر وبالمعلومات المزيفة, وتقدم المساعدات المالية السخية لبعض الاشخاص, وبعض المنظمات التي تتاجر بقضايا حقوق الإنسان, ولا تظهر الشجاعة الا في تزوير وقائع للتهجم علي مصر بالذات, ولا تجرؤ علي ذكر مايحدث في اسرائيل مما هو معروف ومنشور في تقارير رسمية لمنظمات وهيئات الأمم المتحدة..
وقد نفهم اهداف الحملة علي مصر, وحقيقة الاصابع التي تمسك بالخيوط وتحرك اللاعبين في مسرح العرائس المقام في الولايات المتحدة وبريطانيا, وبعض اللاعبين لهم في الظاهر اسماء كبيرة ولكن لهم نفوسا صغيرة, وبعضهم يملك القدرة علي التبجج إلي حد تلفيق الاتهامات هنا وغض الطرف عن الجرائم التي ترتكب هناك..
ولكن هذه كلها فقاعات لن تدوم.. ولن تدوم الا الحقائق.. والتاريخ لا تحكمه لحظة الكذب العابرة مهما امتدت لسنوات.. ولكن تحكمه لحظة الصدق التي تأتي دائما في نهاية المطاف.