الخارجون علي الكنسية
من حق المصريين أن يشعروا بالغضب لما جري في الكونجرس الأمريكي بعد أن بدأت لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس في عقد جلسات استماع عن اضطهاد المسيحيين في البلاد الإسلامية ومن بينها مصر الغضب ليس سببه فقط رفض التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية ولا المحاولات المتعددة من دوائر أمريكية متعددة للضغط علي مصر وإحراجها ابتداء من اتهماها بتحريض الفلسطينيين علي عدم قبول الحلول التي تطرحها إسرائيل وانتهاء بالتلويح بقطع المعونة فليس خافيا أن هذه المحاولات هي جزء من حملة لدفع الدول العربية إلي قبول الشروط الإسرائيلية كاملة والاستسلام لسياسية حكومة نيتانياهو العدوانية فالمسألة سياسية تتعلق بإسرائيل وليست دينية تتعلق بمسلمين وأقباط ولاهي مسألة حقوق الإنسان ولا الدفاع عن الأقليات.
في لقائي الأخير مع قداسة البابا شنودة استطعت أن أجمع بعض ما خفي من أطراف هذه القضية.
أولا قال لي قداسة البابا أنه وكل الأقباط في مصر مصريون قبل كل شيء وأنه يرفض فكرة الأقليات ويستنكر المحاولة الخبيثة لاعتبار المسيحيين أقلية في مصر وقد أعلن هذا الاستنكار مبكرا حين ظهرت بداية المؤامرة بالمؤتمر المشبوه التي كان مزمعا عقدة في مصر عن الأقليات ومنها الأقلية المسيحية في مصر ولما رفض قداسة البابا نحن نرفض محاولات الدس التي تتم في الخارج ولكن يجب أن نوقف هذه المحاولات في الداخل لأن ما يجري في الخارج فهو تمهيد له يقدم للخارج مادة الهجوم علي مصر ونظامها.
ثانيا قال لي قداسة البابا أنه يجب أن يوضع في الاعتبار أن المصريين في المهجر ازداد عددهم ومن بينهم الأقباط وليس كل من هاجر صاحب شخصية سوية ولا صاحب بصيرة واعية فبعض المهاجرين خرجوا تحت ضغط الفشل في مصر أو لأنهم واجهوا تجارب فشل أو علاقات مريضة وبعضهم خرج يسعي إلي المال بأي صورة وبعضهم خرج يسعي إلي المال بأي صورة وبعضهم كان مستعدا لبيع كل شيء مقابل المال ولابد أن نضع في الاعتبار أيضا أن بعض المهاجرين الأقباط خرجوا ولم يكونوا علي صلة روحية قوية بالكنسية وحين هاجروا تمردوا علي الكنسية وعاشوا خارجها وحتي الآن فأن بعضهم يهاجم الكنسية ويوجه إليها انتقادات مريرة كاذبة وباطلة ولكنهم يستفيدون من أن مناخ الحريات في أمريكا يعطيهم الفرصة مرتين مرة باسم حرية الرأي ومرة لهدف الإساءة إلي مصر والعرب وهذا يخدم أهداف المنظمات الصهيونية وتخصص له الأموال الطائلة.
ثالثا: أن صحافة الإثارة في مصر لم تجد مادة للرواج إلا الهجوم علي الكنسية ورموزها وهي تعلم علم اليقين أن كل ما يكتب فيه إساءة أو رائحة التحريض يترجم وينشر في الخارج باهتمام شديد وتتلقفه جهات معينة هناك لكي تلقي عليه الأضواء وتبالغ في حجمه فلابد أن نلوم أنفسينا كما نلوم غيرنا.
رابعا: قال لي قداسة البابا شنوده إن في مصر حرية رأي وديمقراطية والأقباط مثل المسلمين ومثل كل فئات الشعب المصري لهم مطالب ولهم أراء وهم يناقشونها دون حساسية ولكني ضد التربح بهذه القضايا الداخلية في الخارج وسبق أن أعلنت رفضي واعتراضي لاستغلال قضايا الأقباط ومناقشتها في الخارج فهي من الشئون الداخلية المصرية التي يختص المصريون وحدهم بالحديث فيها وهم قادرون علي إيجاد الحلول المناسبة لها والهموم والمطالب تلقي اهتماما كبيرا من القيادة السياسية والحكومة ونحن نشعر أن القيادة السياسية في مصر قريبة منا وترعي الكنسية كما ترعي المسجد والرئيسي حسني مبارك رئيس لكل المصريين ونشعر في عهده بالعدالة والمساواة والأمان.
خامسا: وقال لي قداسة البابا شنوده أيضا أن موجه الإرهاب في مصر لم تكن موجهة إلي الأقباط خاصة وضحاياها من المسلمين أربعة أمثال ضحاياها من الأقباط وضحاياها من كبار الضباط ورجال الشرطة ضعف ضحاياها من المدنيين مما يدل علي أن هذه الجرائم موجهة إلي المجتمع كله بلا تفرقة والأقباط لن يقعوا في الشرك المنصوب لهم الذى تريد أن يدفعهم إلي الظن بأن الإرهاب موجه إليهم فقط بينما يعيش الأقباط مع إخوانهم المسلمين في بيوت واحدة ومزارع واحدة وتجارة مشتركة، فليس في مصر جيتو للأقباط في الصعيد فقط فذلك غير صحيح لأن وجودهم قائم في كل المحافظات والمدن والقرى والشوارع والحواري.
سادسا: قال لي قداسة البابا شنوده أنه تربطه صداقات شخصية بفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وبفضيلة الشيخ الشعراوي وبفضيلة الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف وأنه يلتقي بهم لقاءات متعددة في محبة ومودة، والكاتدرائية والكنائس مفتوحة لزوارها من المسلمين في الأنشطة والمناسبات المختلفة ويكفي أننا نعيش شهر رمضان معا ونلتقي كل غروب علي مائدة واحدة في كل الكنائس.
وإذن فإن صوت الكنسية لم يكن غائبا فكل هذه المواقف مسجلة منذ سنوات وسنوات وفي كل المناسبات ولن يستطيع أحد من الموتورين أن ينال من وحدة المصريين أو من مكانة الكنسية ورموزها.